علق ويليام ماكانتس الباحث في معهد بروكينغز على قرار الحكومة
السعودية في 7 آذار/ مارس الحالي حظر جماعة
الإخوان المسلمين واعتبارها جماعة إرهابية إلى جانب القاعدة وحزب الله في السعودية أنه تعبير عن التضامن السعودي مع حلفائها من دول السنة الضعاف في المنطقة، وتحذير للإسلاميين السنة على حدودها بأن يتحركوا بحذر.
وفي مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الصادرة عن معهد العلاقات الخارجية الأمريكي أشار ماكانتس إلى أن القرار جاء بعد أيام من توتر العلاقات بين السعودية والبحرين والإمارات مع دولة قطر وسحب السفراء من عاصمة الأخيرة.
ويشير الكاتب إلى أن السعودية عبرت في الماضي عن بغضها للإخوان المسلمين ونشاطاتهم في الخارج إلا أنها تسامحت وتعاونت أحيانا مع نشاطات الفرع المحلي السعودي للإخوان.
ويضيف الكاتب إلا أن قصة السعودية مع الأخوان تعود للربيع العربي عندما تم خلع حليف السعودية في مصر حسني مبارك وتم انتخاب مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي. وشعرت الرياض بالمخاوف من أن يعزز انتخاب مرسي من قوة الإخوان مما سيدفعهم لتصدير الثورة المصرية للخارج والدعوة للإطاحة بآل سعود وحلفائهم في الإمارات. وهذه المخاوف كما يقول الكاتب لا تقوم بالكامل على أوهام وتخيلات.
ويشير هنا إلى أن جماعات الصحوة التي ظهرت بعد حرب الخليج الأولى والمتأثرين بفكر الإخوان كانوا في مقدمة المطالبين بالإصلاح السياسي في المملكة، واتهام العائلة بالفساد وبسبب وجود القواعد العسكرية الأمريكية على الأراضي السعودية.
وكما يقرر الباحث ستيفان لاكرو في كتاب "إسلام الصحوة" فإن معظم الإخوان المسلمين السعوديين عاد وتمسك بالخط الرسمي للدولة عندما بدأت الحكومة باعتقال ومنع قادة الصحوة. فقد كان لدى الإخوان السعوديين الكثير ليخسروه من المواجهة مع الدولة، خاصة أن أفرادها ساعدوا في بناء الدولة السعودية ويحتلون مناصب هامة في داخل المؤسسة الدينية والتعليمية.
ولكن الوضع تغير مع بداية الربيع العربي عندما أضاف قادة إسلاميون بارزون أسماءهم لعريضة في عام 2011 تطالب في الإصلاح السياسي في داخل المملكة، وانتقدوا بشكل موارب غياب الحريات السياسية في المملكة من خلال مدخ إخوانهم في مصر وتونس.
وجرت الموجة الجديدة دعاة السلفية المتشددة في السعودية مثل ناصر العمر الذي دعم وأثنى على التغير الديمقراطي، مما دعا ولي العهد في حينه الأمير نايف وولي العهد الحالي الأمير سليمان الطلب منهم الصمت.
وينقل ماكانتس عن شخص التقاه في رحلة أخيرة له للسعودية، والذي أخبره أن بعض الناشطين طلب منهم التوقيع على تعهد بالتوقف عن انتقاد غياب الحرية السياسية في المملكة. ولكن الوضع الذي أعقب هذه ظل هشا واعتمد على الأحداث الصاخبة في مصر.
ويضيف الكاتب هنا أن هناك بعض الأسباب التي جعلت السعودية تخاف على حلفائها في المنطقة. ففي عهد مبارك كانت مصر تعتمد على السعودية كحليف، لكن مرسي حاول المضي في طريق محايد في علاقته بين إيران والسعودية، بعد زيارة للحصول على دعم من السعودية وبعدها محاولة تقارب مع إيران.
وفي نفس الوقت عبرت الإمارات العربية المتحدة عن قلقها أيضا، ومع أن حضور الإخوان وعددهم قليل في البلد منذ الستينات من القرن الماضي إلا انه وبعد هجمات أيلول/سبتمبر 2001 بدأت الحكومة الإماراتية بالتعامل مع الإخوان كتهديد على أمنها الوطني، ولم يساعد وصول الإخوان للسلطة في مصر الإخوان في الإمارات، حيث بدأ عدد من الأعضاء الإماراتيين بالدعوة للإصلاح، وقدموا عريضة تطالب بالانتخابات ومنح سلطة حقيقية للمجلس الاستشاري. وردت الحكومة باعتقال أعضاء في الجماعة في كل أنحاء البلاد، منهم أعضاء في خلية إرهابية زعمت الحكومة ان لها علاقة مع إخوان مصر.
ومن هنا ردت الحكومة السعودية على ما رأته تدخلا في الشؤون الداخلية لدول الخليج بمحاولة عزل مرسي اقتصاديا مما سرع برحيله عن السلطة.
وفي أيار/ مايو 2013 أي قبل شهرين من الإطاحة بمرسي اشتكى وزير المالية المصري للسعوديين بأن مصر تلقت فقط مليار دولار من أصل 3.5 مليار دولار أمريكي وعدت بها بعد رحيل مبارك.
وعندما أطاح الجيش المصري بمرسي صفقت السعودية لهم ووعدت بمساعدة مالية عاجلة بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي ، إضافة لـثلاثة مليارات دولار أمريكي من الإمارات العربية المتحدة، و أربعة مليارات دولار أمريكي من الكويت. وعندما قام النظام الجديد بذبح المحتجين من الإخوان المسلمين في آب/ أغسطس عبر الملك عبدالله الذي نادرا ما يتكلم عن دعمه اللامحدود للذبح واعتبره ضربة ضد
الإرهاب، وعندما أعلنت مصر الإخوان جماعة إرهابية في كانون الأول/ديسمبر 2013 تبعتها السعودية. وعندما رفضت الإمارات العربية المتحدة تعيين سفير جديد في قطر مكان السفير الذي انتهت فترته الدبلوماسية لمعاقبة قطر على رفضها ضبط زعيم الإخوان المسلمين المؤثر المقيم في قطر، استدعت السعودية سفيرها تضامنا مع الإمارات.
ويعلق الكاتب هنا إلى أن التحرك السعودي ضد قطر أدى لعدم رضا في داخل السعودية. ذلك أن الإسلاميين السعوديين يعتقدون أن الإطاحة بمرسي كان مؤامرة سعودية لوقف إنجازات الإسلام السياسي في الأعوام القليلة الماضية.
وفي تحد واضح لمواقف بلدهم قاموا بتزيين مواقعهم على الفيسبوك ومعلوماتهم الشخصية بشعارات المقاومة التي يستخدمها الإخوان المسلمون وانتقدوا في الوقت نفسه تواطؤ حكومتهم في التعاون مع العسكر في مصر. وتراجعت لهجة التحدي في الفترة الماضية بعد إعلان الصحف عن تفكير الحكومة تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
وينقل الكاتب عن أعضاء سابقين في جماعة الإخوان المسلمين السعودية، أن 25.000 عضو أو نحوه قاموا بالرد على القرارات بالاختفاء عن الأنظار في محاولة منهم لإحباط أي تحرك من الحكومة ضدهم وقللوا من اجتماعاتهم لئلا يزيدوا من غضب الحكومة.
ويرى الكاتب أنه طالما لم تبدأ الحكومة السعودية بالاعتقالات، يظل إعلانها الأخير طلقة في ملعب الإخوان وليس محاولة لإغراق السفينة بشكل كامل.
وفي لقاءات الكاتب مع الكثير من الأشخاص في السعودية أكدوا له أن مشاعر الغضب الإسلامي ضد الحكومة السعودية اليوم هو في أعلى مستوياته أكثر مما شهدته سنوات التسعينات من القرن الماضي.
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال قيام الإخوان المسلمين السعوديين بالتحرك ضد الحكومة في المنظور القريب. وكما في السابق فلديهم اليوم الكثير كي يخسروه.
وهناك فوائد من التريث وانتظار ما ستنجلي عنه الأمور، ولهذا السبب ينصح الداعية المعروف سلمان العودة أتباعه بالانتظار ريثما تتفق أجنحة النظام على خطة معينة.
وكما في وضع الإخوان في مصر من أبناء الجيل الشاب من أبناء التنظيم الذين بدأوا يفقدون الأمل التوصل لحل سلمي وسياسي فحالة الإحباط قد تؤي إلى نوع من اللامبالاة وأحيانا قد تؤدي لخيار العنف.
وحالة حدث هذا فسيكون قرار الحكومة السعودية تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية نبوءة انتظرها النظام وتحققت.