هو أول المساجد التي شيدت باليمن، ورغم الإهمال الذي يعانيه، لا يزال محافظا على مكانته كقبلة روحانية للناس إنه
مسجد "الجُند" الذي بناه
الصحابي معاذ بن جبل عندما بعثه الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى
اليمن ليُعلّم أهلها أمور الإسلام.
ويقع مسجد "الجند" الذي بني في السنة السادسة للهجرة في بلدة الجند التابعة لمحافظة تعز اليمنية (جنوب)، وهو الاسم الذى أطلق على واحد من الأقاليم اليمنية الستة في الدولة الاتحادية الجديدة (إقليم الجند: يضم محافظتي تعز وإب).
ويحرص يمنيون، إضافة إلى جماعات صوفية ودينية من دول أخرى على أداة صلاة أول جمعة من شهر رجب بالمسجد، تيمنا باليوم الذي وصل فيه الصحابي معاذ بن جبل للبلاد.
وتقدر نسبة المسلمين في اليمن حوالي 89.99% من إجمالي السكان المقدر بأكثر من 23 مليون نسمة.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة اليمينة محافظة تعز عاصمة الثقافة اليمنية، أبريل/ نيسان 2013، إلا إن
الآثار والمواقع التاريخية فيها ما زالت تعاني كثيرا من الإهمال والتصدعات القاتلة.
ويحذر القائمون على مسجد الجند من انهياره، ويطالبون السلطات المختصة بتدخل عاجل لترميمه، قبل أن يتحول إلى ركام.
طه علوان، أحد القائمين على المسجد، قال: "التشققات تتوسع بشكل مخيف في سطح المسجد، كما أن المنارة (المئذنة) قد مالت سبعة سنتيمترات".
وكان مسؤولون في المكتب التنفيذي، لعاصمة الثقافة اليمنية قد أفادوا أنه تم رصد سبعة مليارات ريال يمني (ما يعادل خمسة وثلاثين مليون دولار أمريكي) لترميم المواقع الأثرية المتهالكة التي تمتد إلى عصر الدول الأيوبية (569 - 626 هـ) والرسولية (626 - 858 هـ).
ويحتوي المسجد حتى اللحظة على مكتبة مغلقة، يقول عاملون فيه إنها تحتوي على مخطوطات إسلامية نادرة تعود للصحابي معاذ بن جبل.
وتأثرت آثار اليمن بالاضطرابات السياسية، حيث أُحرقت مدينة الجند التي يقع فيها الجامع بالكامل عام 559 هـ من قبل عبد النبي المهدي (من الخوارج)، حسب مؤرخين، إلا أن الجامع تم ترميمه عام 575هـ من قبل الملك "طغتكين بن أيوب" الملقب بناصر أمين المؤمنين.
ويترقب القائمون على جامع الجند أن تبادر السلطات المحلية إلى تنفيذ عملية ترميم جديدة حفاظا عليه من الاندثار بعد مناشدات متكررة بهذا الشأن.
وقال العزي مصلح، خبير الصندوق الاجتماعي للتنمية (الجهة التي ستنفذ الترميم) لوكالة الأناضول "سنبدأ ترميمه بعد شهر ونصف، هناك مهندسون إيطاليون قاموا بزيارة الجامع، ولدينا دراسة هندسية متكاملة لهذا الغرض".
ويمتلك مسجد الجند محرابين، القديم هو المحراب الخاص بمعاذ بن جبل، وهناك محراب أكبر بناه "المفضل بن أبي البركات"، في العام العاشر الهجري، بحسب المؤرخين، ولايزالان على حالتهما حتى الآن.
كما يتواجد في الجامع منبران، أقدمهما بني عام 575هـ ولا يزال محافظا على الزخرفة الأيوبية، والآخر حديث بني قبل عقدين فقط من الزمن.
وفي فناء المسجد لا يزال "البئر" الخاص الذي حفره الصحابي معاذ بن جبل، يواصل ضخ المياه العذبة، رغم الإهمال الكبير الذي يحيط بجوانبه.
وعلى الرغم من الاضطرابات الأمنية التي يعيشها اليمن حاليا، إلا أن مسجد الجند لا يزال يستقطب زوارا من جنسيات إسلامية مختلفة.
وشوهد وفد كبير من جماعة "البهرة" الدينية (جماعات دينية هندية لها امتداد كبير باليمن، وتقطن منطقة حراز بالعاصمة صنعاء) وهي تزور الجامع للاطلاع على تراثه الفريد والاستمتاع بروحانيته.
ويأمل خبراء أن تنجح عملية الترميم المرتقبة في الحفاظ على ما تبقى من روح المسجد، خصوصا وأن عمليات ترميم لمواقع أثرية سابقة، جعلت منها مواليد مشوهة.