تقوله مجلة "إيكونوميست" البريطانية: "حلق في أجواء
العراق في الليل، وستُكوِّن فكرة عن حاجة العراق الماسة إلى
الكهرباء، فالنور لا يشع من ناطحات السحاب، والعمارات الشاهقة والطرقات كما هو الحال في الجارة الكويت، ولكن من حقوق
النفط المشتعلة التي يتم استخراج غاز خام منها لا يستعمل، فالعراق يضيع كل عام 12 مليار متر مكعب من الغاز بهذه الطريقة، أي ما يعادل مجمل الاستهلاك السنوي للنمسا".
وتضيف "إيكونوميست" أن الحكومة العراقية خارج منطقة الحكم الذاتي في كردستان، لا تستطيع ضمان إمدادات مستمرة على طول اليوم من الكهرباء لسكانها، وفي الوقت الذي تستمر فيه آبار النفط بالاشتعال، يستورد العراق الغاز من إيران بأسعار عالية مثل التي يباع بها في أوروبا، أما الكهرباء فتأتي من تركيا.
وبسبب
نقص الإمدادات الكهربائية، فالكثير من العراقيين –وفق المجلة البريطانية- يعتمدون في إضاءة بيوتهم على المولدات الخاصة التي تشكل نسبة 8% من مجمل الطاقة الكهربائية المتوفرة، وتكلف العائلة ألف دولار أمريكي في الشهر؛ أي سدس الدخل السنوي للفرد.
وتقول المجلة إنه بعد عقود من الحرب والعقوبات التي دمرت شبكات الطاقة الكهربائية، بدأت الأمور بالتحسن، لكن قدرة البلاد من الطاقة الكهربائية (13 غيغاواط) ما تزال غير قادرة على الوفاء بالطلب العام، وهي أقل من 42 غيغاواط التي سيحتاجها العراق بحلول عام 2030. هذا الوضع يجعل حياة العراقيين كلها "بؤسا"، خاصة عندما ترتفع درجات الحرارة في فصل الصيف، وتؤثر في التطوير الصناعي.
يقول حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي الذي يشرف على الطاقة في البلاد، إن نقص الطاقة الكهربائية يكلف العراق سنويا 40 مليار دولار.
ويوضح أن الاستفادة من الغاز المشتعل يساعد في التصدي لمشاكل الطاقة، مع زيادة انتاج العراق للنفط في الأعوام القادمة؛ حيث سيصل في اليوم إلى تسعة ملايين برميل (أي: ثلاثة أضعاف الإنتاج الحالي) إن تحققت خطط الحكومة؛ ما يعني أن إنتاج الغاز من نفس الحقول سيزيد.
وتشير المجلة هنا إلى المشروع المشترك بين شركة غاز البصرة وشيل وميتسوبيشي، وشركة غاز الجنوب الحكومية للاستفادة من الغاز وتزويده لمحطات توليد الطاقة الكهربائية.
وتستدرك المجلة بأن العقد أدى إلى حالة من الضيق لدى العراقيين الذين يقولون إنه يعطي الشركات الأجنبية نوعا من الاحتكار التام للغاز الطبيعي في العراق. رغم أن هذا العقد يسمح بتصدير الغاز المسال إلى مناطق آسيا، بعد إشباع حاجة العراق منه.
"ولم يتقدم المشروع بشكل سريع كما يرغب البعض، وفي الوقت الذي تريد فيه الحكومة وقف الغاز المشتعل بحلول عام 2015، هناك ثلاثة مشاريع تنتج يوما 1.1 مليار متر مكعب في اليوم".
وتشير المجلة إلى شركة غاز البصرة تحصل على 400 مليون متر مكعب، وتقول (أي الشركة) إنها تريد رفع قدرتها إلى مليار متر مكعب بحلول عام 2016. وفي هذه الفترة ستزيد قدرة الحقول الإنتاجية ومعها كميات الغاز.
وبحسب المجلة، هناك مشكلة نابعة من عدم رغبة شركات النفط العاملة في حقوق النفط الجنوبية بتعديل خططها الإنتاجية، حتى تأتي شركات منافسة وتنشئ محطات لتجمع الغاز الطبيعي في أنابيب خاصة.
وترى المجلة أن العراق يحتاج إلى بناء محطات توليد للطاقة الكهربائية، وإقناع الشركات الأجنبية بالاستثمار فيها، لافتا إلى فشل مشروع عطاء تقدم به أربعة منتجين للطاقة مستقلين عام 2011، وصُودق على عقدين صغيرين وتراجعت الحكومة للمصادقة على مشاريع أخرى.
وختمت بالقول إنه بدون المال القطاع الخاص فلن تكون وزارة الطاقة والكهرباء قادرة على تمويل ما قيمته 140 مليار دولار، مطلوب إنفاقها على إمدادات الطاقة بحلول عام 2035. يمكن للعراق أن ينفق عليها من خلال عائداته النفطية، لكن المؤسسات العراقية ليست قادرة في الوقت الحالي على إدارة مشاريع طاقة متعددة؛ بسبب هروب معظم المهندسين العراقيين من البلاد، او طردهم من أعمالهم ضمن حملات اجتثاث البعث التي اعقبت غزو عام 2003.