كيف سيطر الثوار على أعلى جبل في شمال اللاذقية؟

يمثل المرصد 45 الذي تمكن الثوار من السيطرة عليه الثلاثاء الماضي في إطار معركة "الأنفال" في الساحل السوري؛ أعلى نقطة في شمال اللاذقية، وتعد السيطرة عليه تقدما مهما في المعركة، حيث أنه لم يكن من الممكن المحافظة على كسب والوصول إلى شاطئ البحر المتوسط بأمان في ظل بقاء قوات النظام السوري على هذا التلة الاستراتيجية في جبل التركمان على الحدود التركية.

وبالطبع لم يكن من السهل الوصول إلى هذا الموقع الاستراتيجي بسهولة، لكن عوامل عدة بينها الظروف الجوية ساعدت المقاتلين على الوصول إلى القمة ومباغتة عناصر قوت بشار الأسد الذين كانوا متمركزين في خيام نصبت عليها.

ويروي ناشط في ريف اللاذقية جانبا من معركة تحرير مرصد 45، وهي العملية التي جاءت بعد السيطرة بلدة كسب.

يقول الناشط لـ"عربي21": بدأت المعركة تم تحرير البرج بفضل عملية تفجيرية استخدمت فيها عربة عسكرية (بي ام بي) محملة بكمية كبيرة من المتفجرات".

ولكن كيف صعد منفذ العملية إلى أعلى القمة دون ان يتعرض للقصف؟ يقول الناشط: "كان منفذ العملية محتارا في أمره كيف سيصعد إلى المرصد بعربة، فهذه القمة لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق رئيسي.. وقبل بدأ العملية حل الضباب على المنطقة مما ساعد على صعود العربة الى المرصد، في حين رفع العلم الذي يستخدمه النظام السوري (ذو النجمتين) للتمويه".

ويتابع الناشط: "وصلت العربة وتم التفجير، بعد ذلك صعد نحو 10 مقاتلين إلى المرصد، لكن قتل واحد منهم وأصيب آخرون، لكن مع ذلك تمكن الثوار من تحرير المرصد" الاستراتيجي، في حين أظهرت تسجيلات فيدو خيام قوات النظام السوري ومدرعة وقد احترقت بالكامل.

وقبل ذلك، كانت بلدة كسب، وهي مصيف سياحي يقع ضمن الجبال الساحلية الخضراء، على موعد مع إشارة البدء بمعركة "الأنفال لتحرير الساحل"، بمشاركة فصائل من الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة والجيش الحر.

ويقول الناشط إن البلدة تحولت إلى  "مدينة أشباح" بعد أن "جعلها النظام السوري منطقة عسكرية كبيرة على الحدود التركية السورية". ولنحو سنة ونصف، كانت قوات من المعارضة تستقر في الجبال المحيطة بكسب، وبالتحديد منطقة "نبع المر" الأقرب للحدود.

فمع بزوغ الشمس في 18 آذار/ مارس الجاري "بدأت المقاتلون بالتسلل إلى مخفر كسب الحدودي رافقه تمشيط بالرشاشات على جميع نقاط قوات النظام، وتمكنوا من تحرير مخفر كسب ومخفر الصخرة و بعدها معبر كسب، واستمرت قوات المعارضة بالاشتباك مع قوات النظام داخل مدينة كسب إلى أن تم إعلان مدينة كسب محررة بشكل كامل".

ولعل فرحة الثوار بالوصول إلى شاطئ البحر بعد السيطرة على قرية السمرا (التي اشتهرت في مسلسل ضيعة ضايعة الكوميدي بقرية "أم الطنافس") كان هي الأبرز، باعتبار أن هذه هي المرة التي الأولى التي يسيطر فيها الثوار على منفذ بحري منذ انطلاق الثورة السورية.

ويظهر مقاتلون وهم يسبحون ويمرحون في البحر رغم الجو البارد، فيما بدت علامات النشوة والاحتفال بهذه "النصر".

كما لم يفت المقاتلين المرح داخل أحد منازل "ضيعة ضايعة"، حيث نشروا تسجيلات لأنفسهم وهم يحاولون تقمص شخصيات المسلسل وتقليد لهجتهم.

وعمل المقاتلون والناشطون الإعلاميون الذين كانوا برفقتهم على التجول في أنحاء القرية، وتصوير الأماكن التي تم تصوير مشاهد المسلسل فيها مثل منزل المختار ومنزل "جودة" و"أسعد" بطلا المسلسل الكوميدي. كما قاموا بتقليد بعض المشاهد التي تم تصويرها في المسلسل بعد إدخال تعديلات على السيناريو الأساسي، تتضمن أسر الجيش الحر لجودة، وكذلك الأمر بالنسبة لبنت المختار "عفّوفة".

وتبادل المقاتلون والنشطاء الإعلاميون الضحكات على ما يقومون به من تأدية للأدوار في الوقت الذي كانت أصوات الاشتباكات في مناطق قريبة من المكان تسمع في مقاطع الفيديو.

دعم:

من جهة أخرى، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة عن تخصيص نصف مليون دولار لدعم لجبهة الساحل.

وقالت الوحدة الإعلامية التابعة للحكومة إن الحكومة قررت في اجتماعها الذي عقد الجمعة "خصيص مبلغ 500 ألف دولار لدعم صمود أهلنا في الساحل"، دون أن يحدد شكل هذا الدعم.

وكانت "الجبهة الإسلامية" قد أعلنت في وقت سابق نفيها ما تردد من اتهامات للمجلس العسكري بالتقاعس في دعم المعركة في الساحل، وقالت إن رئيس المجلس العسكري في المنطقة الساحلية مصطفى هاشم يقدم ما يتوفر لديه من إمكانيات لدعم المقاتلين.

والسبت، قال العقيد قاسم سعد الدين، عضو المجلس العسكري الأعلى والناطق باسمه، إن النظام السوري "لن يسقط بسيطرة قوات المعارضة على حاجز لقواته هنا وهناك، وإنما سيسقط بقطع رأسي الأفعى في العاصمة دمشق (جنوب) والساحل (غرب").

وأوضح سعد الدين بأن ذلك هو الحل الاستراتيجي لإسقاط النظام، بعد إنهاك قواته والميليشيات التي تدعمه مثل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، هو السيطرة على العاصمة والساحل، وبغير ذلك "لن يسقط حتى لو اتسعت المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة".

وطالب الناطق من مختلف الفصائل التابعة للمعارضة بـ"النفير" إلى جبهة الساحل وقطع طرق الإمداد عن قوات النظام السوري فيها، معتبراً أن كل فصيل لا يشارك بنصف قواته وسلاحه يعد "متخاذلاً"، حسب تعبيره.

وتعهد سعد الدين باسم المجلس العسكري بعدم إيقاف معركة الساحل، لافتاً إلى أن أي جهة أو دولة تحاول إيقاف تلك المعركة ستكون "خائنة" لدماء الشعب السوري.