تساءلت مجلة "إيكونوميست" البريطانية في عددها الأخير، عما اذا كان المشير عبد الفتاح
السيسي، الذي يتوقع انتخابه رئيسا لمصر قريبا، سيكون قاسيا مثل قضاته أم هل سيتبع نصيحة أمه بممارسة الرحمة؟
وربطت المجلة هذا السؤال بقرار الحكم الصادر الذي أصدره القاضي سعيد يوسف على 529 من مؤيدي
الإخوان في 24 آذار/ مارس الحالي والذي لم ينجح بلفت انتباه ضحايا قراره، بل والصحافة المحلية والعالمية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والحكومات الغربية. وأدى القرار لاندلاع التظاهرات في عموم
مصر تضامنا مع المتهمين الذين صدرت الأحكام بإعدامهم. و "تم استقبال القرار في مصر وخارجها بنوع من الدهشة والغضب".
وفسرت المجلة القرار بأنه ربما كان محاولة من الدولة كي تظهر إصرارها وقوتها في معركتها لسحق الإحتجاجات التي اندلعت بعد انقلاب تموز/يوليو العام العام الماضي والذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي. وعوضا عن إظهار القوة فقد عمقت المحاكمة من الإنقسام داخل المجتمع المصري. وأدى أيضا لإنعاش مظالم مؤيدي محمد مرسي من الإسلاميين ضد النظام الحالي في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر.
وتتحدث المجلة عن قرار المشير السيسي في 26 آذار/ مارس الإستقالة من منصبه كوزير للدفاع، وأعلان عزمه الترشح في الإنتخابات الرئاسية التي يتوقع عقدها في تموز/ يوليو المقبل.
وتضيف المجلة أن حجم القسوة التي برزت في القرار لا سابقة لها في تاريخ مصر القانوني الحديث ومع ذلك فلن يؤثر على حظوظ السيسي، خاصة أن الحكم لن يتم تنفيذه، وقد يكون تحذيرا وليس حكما نهائيا، خاصة أن أحكام الإعدام يجب أن تحول على المفتي العام لمصر ويحق للمتهم الإستئناف عليها، وللمتهم الحق المطالبة بإعادة المحاكمة في حالة صدر غيابيا وهي حالة 398 من المتمين 529 الذين حكم عليهم بالإعدام.
ويقول الخبراء القانونيون إن المخالفات في هذه المحاكمة صارخة لدرجة أنه في حالة قدم المتهمون لمحاكمة ثانية فسينتهي القرار بأحكام مخففة. وكان هذا واضحا في محاكمة بنات المدرسة القاصرات في الإسكندرية التي أصدر قاض أحكاما على فتيات لا تتجاوز أعمار بعضهن 14 عاما أحكاما بالسجن لمدد تصل لـ 11 عاما، بعد اتهامهن بالشغب والتظاهر.
وتتساءل المجلة عن سبب صدور هذا الحكم الجائر ولماذ فعل القاضي ما فعل؟
وتقول المجلة إن الداعمين لأحكام قاسية يشيرون للتظاهرات التي اندلعت بعد فض اعتصام رابعة في آب/ أغسطس العام الماضي، ويتهم الـ 529 بالمشاركة في التخريب وتحطيم الممتلكات وقتل ضابط شرطة في شمال المنيا وتدمير مركز للشرطة. ومنذ الانقلاب قتل أكثر من 300 عنصر شرطة وجندي نتيجة للهجمات التي قامت بها جماعات إرهابية ومواجهات مع المتظاهرين.
وقالت المجلة إن وسائل الإعلام كانت مجمعة على تحميل الإخوان المسؤولية رغم كل الأدلة التي تتحدث عن جماعات إرهابية تقوم باستهداف قوات الأمن، ورغم مقتل ما قدره 3.000 من المدنيين معظمهم من مؤيدي مرسي.
وتنقل ما قاله ناثان براون الخبير الأمريكي في شؤون مصر ونظامها القانوني حيث قال إن القضاة المصريين عادة ما يضعون أنفسهم فوق الجميع كحماة للدولة. وخلال فترة حكم مرسي القصيرة تظاهر واحتج القضاة أكثر من مرة ضد ما رأوه محاولات لتحديد سلطاتهم. ويقول براون "شعر القضاة أنهم يتعرضون للهجوم من قوة غريبة"، ومن هنا ينظر لقرار القاضي يوسف على أنه محاولة لتأكيد سلطة الدولة.
وتقول المجلة إن انتصار المشير السيسي في الإنتخابات القادمة يبدو محتوما، وهناك قلة من المرشحين عبروا عن استعدادهم للترشح ضد ضابط يتمتع بشعبية وحصل على دعم كامل من الجيش وتمويل من دول الخليج الثرية.
ومن المتوقع أن يقاطع "أعداؤه" الإسلاميون الانتخابات وهو ما سيتركه أمام معضلة، هل سيواصل القمع ضد المعارضة أم يقدم نفسه كرجل مصالحة ويطلب من القضاة مراجعة الأحكام التي أصدرها قضاة مثل يوسف. وهذا حكم ينتظر صدوره من جنرال سابق في الجيش؟ تقول المجلة.