وصفت صحيفة الفايننشال تايمز قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالتحقيق في حركة
الإخوان المسلمين بالقرار غير الحكيم وتوقيته بعد الحكم بالإعدام 529 من أعضاء الجماعة في
مصر بالتوقيت غير الموفق ونصحته ألا ينافق للسعودية من أجل مصالح تجارية.
وقالت في افتتاحيتها" "منذ هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001 قامت
بريطانيا وحكومات غربية أخرى من وقت لآخر بحظر الجماعات الإسلامية التي تدعو إلى العنف أو تدعم
الإرهاب ولكن إعلان ديفيد كاميرون أن حكومته فتحت تحقيقا حول جماعة الإخوان المسلمين أمر غريب تماما وأثار شكوكا حول دوافع رئيس الوزراء".
وأضافت الصحيفة أن جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928 تعتبر أهم جماعة إسلامية سياسية في العالم ولدى الجماعة ملايين الأتباع في الشرق الأوسط وخارجه وأنها تصدرت المشهد في السنوات الثلاث الماضية في مصر بعد سقوط نظام مبارك.
وأشارت إلى أن الجماعة تمتعت بفترة حكم قصيرة تميزت "بالفوضى والعجز" وتبع ذلك انقلاب عسكري في 2013 وتخضع الآن للمطاردة وقامت محكمة الأسبوع قبل نحو أسبوعين بالحكم على 529 عضوا بالإعدام.
وعلقت على توقيت إعلان
التحقيق قائلة "وبما أن هذه الأحكام تسببت بضجة في الغرب فإن توقيت إعلان كاميرون عن تحقيق في جماعة الإخوان المسلمين كان غير موفق كما أن الإعلان تسبب بانزعاج في الوزارات المختلفة في وايتهول".
وقال كاميرون أن السير جون جنكنز، سفير المملكة المتحدة في الرياض سيقود التحقيق في "فلسفة وقيم الجماعة والاتهام بعلاقتها بالتطرف والعنف". وأعرب مسؤولون في وزارة الخارجية بشكل شخصي أن هذه الخطوة تتعارض مع جهود التفاعل مع الجماعة داخل بريطانيا وخارجها.
ثم تذكر الصحيفة احتمال وجود أسباب مهمة لرغبة المؤسسات الأمنية البريطانية في دراسة الإخوان المسلمين بشكل أدق "فكلما زاد اضطهاد الجماعة في مصر يزداد احتمال قيام أعضائها بردود عنيفة في مصر وخارجها وكون الإسلام السياسي يقع تحت الضغط في الشرق الأوسط فعلى المملكة المتحدة ألا تسمح للندن أن تصبح ملاذا للإسلاميين المتطرفين كما فعلت في التسعينات" على حد قول الصحيفة.
وتستدرك بأن الإعلان بصوت مرتفع عن هذا التحقيق وبالذات حقيقة أن السفير إلى الرياض عين ليقود التحقيق لا بد أن تغذي الشكوك بأن المملكة المتحدة تتصرف تحت ضغط
السعودية والإمارات فبالنسبة لحكام الرياض يمثل الإخوان المنافس القوي الوحيد للتأثير في المنطقة وكون العلاقات السعودية البريطانية تتعرض للتوتر بسبب عدم تدخل بريطانيا في سوريا وتفاعلها مع إيران فإن ملف الإخوان يجعل رائحة سياسة الترضية تفوح من هذا التحقيق.
وحذرت الصحيفة من المخاطر التي تكتنف هذه الخطوة؛ حيث هناك عدد من الجمعيات الأهلية المسالمة في المملكة المتحدة وهي متعاطفة مع الإخوان المسلمين وكانت كذلك لعقود. ولكن إعلان الحكومة إطلاق تحقيق قد يتسبب دون مسوغ بتنفير هذه المجموعات.
وقالت الصحيفة: "يجب على القوى الغربية أن تحذر من التهديد بقمع حركة هلامية ومسالمة بشكل عام وقد حظرت السعودية ومصر الإخوان، فإن تبعهما الغرب في ذلك فإن هذا سيعزز من حجة الجهاديين بأن قيام الدولة الإسلامية لا يكون إلا بالسلاح بدلا من صندوق الاقتراع".
وترى الصحيفة أن أهم من هذا كله، هو أن تتجنب المملكة المتحدة الظهور بعمل ما تريده السعودية لأسباب اقتصادية مشيرة إلى أن توني بلير أوقف في عام 2006 تحقيقا لمكتب التحقيق في قضايا التزوير الكبيرة في اتهامات رشاوى كبيرة دفعتها شركة (بي آيه إي) كبرى شركات الأسلحة في بريطانيا لأمراء سعوديين للحصول على عقود ضخمة متسببا بجدل كبير، وتعلق قائلة إن "مثل هذه الأفعال مهينة دبلوماسيا".
وتنتهي الافتتاحية بالقول: "لذلك فإن الإعلان حول الإخوان المسلمين كان إساءة للتقدير وإن كان هناك أشخاص على هامش الجماعة يشكلون خطرا للملكة المتحدة فيجب محاكمتهم أو حظرهم باستخدام قوانين الإرهاب القائمة ويجب على السيد كاميرون أن يضع حدودا للمدى الذي يمكن أن يذهب إليه من أجل المصلحة التجارية".