نشرت صحيفة هفنغتون بوست الإلكترونية مقالا لكلايتون سويشر، مدير قسم الصحافة الإستقصائية في شبكة الجزيرة، دعا فيه الولايات المتحدة لتجريب شيء جديد من أجل تحقيق
التسوية في الشرق الأوسط بعد سنوات من الإخفاقات.
يقول في مقالته إن وزير الخارجية الأمريكي وبعد حوالي 12 زيارة غير مثمرة، يطلع علينا بإعادة تقييم العملية بينما تشتكي تسيفي ليفني رئيسة الوفد
الإسرائيلي المفاوض بأنهم يقضون الكثير من الوقت يفاوضون الأمريكان بدل مفاوضة
الفلسطينيين.
ويعلق على صحفيي ما يسمى "التيار الرئيسي" بأنهم يعملون كمشجعين؛ إن لم يكن مشاركين لحكوماتهم في الاستمرار في هذا التهريج الدبلوماسي، ويذكر مثالا على ذلك ما نشرته النيويورك تايمز تصف فيه السلطة الفلسطينية بالتعنت.
ويضيف أنه قد يبدو كثير الشك ولكنه يتحدث كمراقب للأحداث، حيث شاهد أمريكا تستولي على عملية السلام العربي- الإسرائيلي، وقضى عامين من البحث لمشروع كتاب حول فشل المحادثات في نهاية رئاسة بل كلنتون، حيث قابل أكثر من 40 شخصية عربية وإسرائيلية وأمريكية ممن شاركوا في محادثات السلام تلك، وتوصل إلى الإستنتاج بأن أمريكا تتحمل وزر فشل اتفاق أوسلو بنفس الدرجة مثل الإسرائليين أو الفلسطينيين.
ويقول: "لا أزال اتذكر بوضوح أن مسؤولين إسرائيليين قالوا لي إن انحياز أمريكا لجانب إسرائيل في الواقع عمل ضدنا؛ حتى عندما ظن الأمريكان أنهم يساعدوننا".
ويضرب مثالا على ذلك أنه في قمة كامب ديفيد 2000، كان الأمريكان قد أعدوا وثيقة حول القضايا الأساسية (القدس واللاجئين والأمن والحدود)؛ لتعرض على الجانبين، ولكنها عرضت على الجانب الإسرائيلي أولا، حيث تم ادخال تعديلات عليها بخط اليد مما أكد للجانب الفلسطيني ما كانوا يخشون، ويضيف هنا أن هذا الحال لم يكن كذلك في كامب ديفيد 1978، حيث كانت المواقف الأمريكية مواقف أمريكية حقيقة وليست إسرائيلية.
ويقول أن المؤسسة الموالية لإسرائيل في أمريكا، من الصحفيين إلى مراكز الدراسات، تستمر في تجاهل هذه الحقائق أو التعلم منها. مضيفا أنه لذلك وعندما حصل على كنز من الوثائق السرية المسربة، ومحاضر
المفاوضات من مصادر فلسطينية مختلفة عام 2011 سعى لإيصالها على مستوى العالم لا على مستوى أمريكا فقط.
ويشير إلى نشر الجزيرة والغارديان لهذه الوثائق، بحيث يستطيع أي شخص حول العالم قراءة محاضر مئات الإجتماعات في عهد بوش وما يسمى "مؤتمر أنابوليس". وبعد دراسة هذه الوثائق مع أفضل الصحفيين في هذا الموضوع فإن بصمات الفشل كانت واضحة وقابلة للتتبع.
ومع هذا ونحن في 2014 حيث يعصف التغيير والحروب الطائفية في الشرق الأوسط، كما لم تفعل من قبل، ولا يزال أعضاء "فريق السلام" من عهد كلنتون يتصدرون المشهد، وأشير بالذات إلى مارتن انديك الذي تم تعيينه في منصب المبعوث الخاص للمفاوضات الاسرائيلية- الفلسطينية عام 2013. وإنديك كان نائبا لرئيس الإيباك كما أنه تطوع للقتال في الجيش الإسرائيلي عام 1973. ولأنه كان ينظر إليه أنه مقرب من حزب العمال الإسرائيلي انتهت خدمته كسفير للولايات المتحدة في تل أبيب عام 1996 عندما ربح الليكود الإنتخابات. وقد يكون إنديك قد غطى على انحيازه لإسرائيل بالعمل في معهد بروكنغز منذا ترك فترة عمله مع الحكومة في 2001؛ ولكن لا دليل على أن الشخص الذي طمأن ايباك عام 1998 قائلا: "الإنصاف ليس في قاموسنا" قد تغير.
ومن الواضح أن ايباك شكلت ارضية خصبة لتوظيف "وسطاء السلام" من خلال معهدها "معهد واشنطن لدراسات شؤون الشرق الأدنى"، ومن هناك اختار إندك دايفيد ماكوسفكي الذي كان يعمل في المعهد، وقبلها كان يعمل محررا تنفيذيا في الجيروسلم بوست؛ ليخدم كاختصاصي استراتيجي في المفاوضات. ولإسداء الاستشارات هناك زميله في المعهد دينس روس، وسيط سلام فاشل آخر والذي ساعدته مؤهلات الانحياز إلى إسرائيل في الحصول على وظيفة رسم السياسة تجاه إيران حتى عام 2011 (مما يدعو للتساؤل فيما إذا كان نجاح الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق مع إيران له علاقة بغيابه).
وكان روس قد كتب ما يمكن اعتباره التوصيف الوظيفي لنفسه ولإندك من بعده في نشرة لمعهد واشنطن عام 1985 حيث حث على توظيف "مبعوث خاص للشرق الأوسط لا يميل للعرب"، ومن الشروط أيضا "ألا يشعر بالحرج حول علاقتنا مع إسرائيل وترددنا في الضغط على اسرائيل لتقديم تنازلات"، بحسب الصحيفة.
وينصح كاتب المقال كيري بالاستفادة من وقته بدراسة أسباب فشل المحاولات الماضية بدلا من انتاج فشل جديد. وما لم تجربه أمريكا بعد هو التخلص من وسطاء السلام الفاشلين. ألم يحن الوقت لتجريب شيء جديد.