يشكل شح
المياه المشكلة الأكبر التي تواجه
الوطن العربي، حيث صنف 13 بلدا عربيا من بين الدول الأكثر فقراً في المياه، الأمر الذي يثير تساؤلاً حول الأمن المائي العربي، في حين اعتبرها خبراء مشكلة ترقى إلى الأمن القومي في البلاد العربية، وربطها آخرون بثورات الربيع العربي.
اختصاصي القانون الدولي والمفكر العراقي الدكتور عبدالحسين شعبان أكد أن أزمة المياه أزمة دولية، والوطن العربي جزء من هذه الأزمة في ظل المحاولات السياسية والاقتصادية للتأثير على حجم المياه في الوطن العربي.
ويلخص شعبان في حديثه لـ"عربي 21" مشكلة المياه في الوطن العربي بعدة محاور أبرزها الكيان الإسرائيلي الذي يسيطر على المياه الجوفية في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى
أنهار الدول المجاورة، علاوة على محاولة إضعاف مصر من خلال تقديم خدماتها لإثيوبيا، في وضع تصاميم ودراسات لعدد من
السدود على نهر النيل ما أدى إلى تخفيض حصتها من المياه.
في الوقت نفسه يشير شعبان إلى أن بناء سدود تركية أسهم في تخفيض حصة سوريا والعراق من المياه، الأمر الذي ينذر بعواقب بيئية وكارثية على البلدين إضافة إلى إقدام إيران على تحويل عدد من الأنهار إلى الداخل الإيراني حاجبة إياها عن شط العرب، الأمر الذي ستكون نتائجه خطرة.
كما لا يقل ازدياد عدد السكان وسوء إدارة الموارد المائية في الوطن العربي والتصرف غير الرشيد خطورة عن النزاعات الإقليمية في ظل غياب الإرادة السياسية التي تتعلق بسياسات الوطن العربي بشأن استعادة الحقوق في قضية تمس -بحسب شعبان- الأمن القومي العربي.
وزير المياه والري الأردني الدكتور حازم الناصر أكد أن الخطر على الأمن المائي العربي يكمن في أن 80% من موارد المياه في الوطن العربي تنبع من خارج المنطقة العربية.
وأشار الناصر في حديثه لـ"عربي 21" أن تطوير موارد المياه مكلف جداً في العالم العربي بسبب شح مصادر المياه في المقام الأول وسوء خدمات الصرف الصحي مؤكدا أن البلاد العربية مطالبة باستراتيجيات للمحافظة على مصادرها من المياه لكي لا تدفع ثمناً باهظاً فيما بعد لإصلاح الأضرار الناجمة عن غياب هذه الاستراتيجيات.
كما يرى الناصر أن نقص المياه في البلدان العربية هو من أسباب عدم الاستقرار في المنطقة، وقال إن ثورات الربيع العربي متصلة بندرة المياه وشحها وغياب الحاكمية الرشيدة ما أدى إلى نضوب بعض مصادر المياه، وبالتالي استيراد الغذاء وارتفاع أسعاره ما شكل معاناةً دفعت بعض الشعوب إلى الانتفاض في وجه الأنظمة السياسية الحاكمة.
وعن حل المشكلة يرى الناصر أنه يكمن في المحافظة على ما لدينا من مياه وترشيد استهلاكها، واعتماد مبادئ التنمية المستدامة والإدارة المتكاملة لمصادر المياه من خلال الحصاد المائي، وتطوير الينابيع وتحلية المياه إلى جانب استغلال المياه العادمة المنقاة التي تعتبر بديلاً عن الضخ الجائر للمياه.
عضو لجنة المياه والزراعة في مجلس النواب الأردني المهندس سمير عويس قال إن أزمة المياه في الوطن العربي أزمة حقيقية وكبيرة، وتبرز في الأردن واليمن بشكل أكبر بسبب عدم قدرة البلدين على إنشاء محطات التحلية.
وأضاف عويس في حديثه لـ"عربي 21" أن الأردن يعتمد على استراتيجيتين لحل مشكلة المياه، تعتمد الأولى على حل مؤقت بنقل مياه حوض الديسي في جنوب المملكة إلى العاصمة عمان بحجم 100 مليون متر مكعب سنوياً، وآخر استراتيجي وهو مشروع ناقل البحرين الذي سيوفر طاقة كهربائية كافية لتحلية 700 – 800 مليون متر مكعب سنوياً.
وحول النزاع على المياه مع الكيان الإسرائيلي، شدد عويس على أن مجلس النواب الأردني يخوض حرباً من أجل مناقشة معاهدة وادي عربة التي أعادت توزيع الموارد المائية بين الأردن والكيان الإسرائيلي على نحو جائر لا يتناسب مع حقوق الأردن المائية.
ولفت عويس إلى عدم وجود أي تحرك رسمي أردني تجاه استغلال الكيان الإسرائيلي لموارد المياه، مشيراً إلى أن الحل يكمن في ضغط شعبي على الحكومة.
ويرى خبير المياه الأردني الدكتور دريد محاسنة أن الهجرة القسرية واللجوء أضاف ضغطاً إضافياً على موارد المياه في بعض البلاد العربية وأدت إلى نقص حصة الفرد العربي من المياه.
كما لفت محاسنة لـ"عربي 21" إلى أن النزاع على المياه يشابه إلى حد كبير الصراع على الأرض، وأن حرمان طرف لآخر من مصادر المياه يشابه محاولة قتله.