سفير
بريطانيا السابق في السعودية يتحدث بصراحة متناهية أن ما يقوم به هو نتيجة ضغوط . ويفصل في لقاء جرى في عمان موقف ولي عهد
الإمارات الشيخ محمد
بن زايد الذي يعتبر أكثر شخص يكره الاخوان في العالم. وينقل عنه أنه أصبح أخوانا دون أن يدري من خلال مناهج التعليم التي وضعها
الإخوان".
ليس مهما ان تخرج الحكومة البريطانية بجواب أن جماعة الاخوان المسلمين إرهابية أم ديموقراطية.فقد تحقق ضرر أخلاقي فادح من مجرد طرح السؤال. وتحقق للدول الضاغطة على بريطانيا هدف لم يكن متوقعا في يوم من الأيام أن يتحقق. وهو استخدام النفوذ المالي الخليجي في خلخلة الأسس الأخلاقية والفكرية التي قام عليها الغرب والتدخل في سياساته المحلية والخارجية بشكل يلحق الضرر في الديموقراطية وحقوق الانسان في بريطانيا والبلدان التي قدم منها اللاجؤون .
من المفروض ان تقدم بريطانيا الدولة التي كانت تستعمر
مصر ورسمت خرائط السعودية والإمارات والمنطقة كلها تصورها لجماعة الإخوان المسلمين وخصوصا في سنوات النشأة والانطلاق ، في ثلاثينات القرن الماضي وصولا لسنوات الشتات والاغتراب في ثمانينات وتسعينات القرن. اذ تحولت لملاذ للملاحقين من قادة الجماعة وعناصرها في مصر وسورية وتونس وليبيا والعراق .. و الملاحقين من قادة حماس أيضاً .
وفوق ذلك ان تقدم بريطانيا التي قدمت للبشرية وثيقة الماجناكارتا التي تعتبر واحدا من أقدم النصوص الديموقراطية خبرتها التاريخية للدول المتعثرة ديموقراطيا. حتى في ملف
الإرهاب على فرض أن جماعة الإخوان كذلك، علمتنا بريطانيا أن الجيش الجمهوري اللأيرلندي الذي كان يفجر ويقتل تحول بالمفاوضات الى فصيل سياسي ؛ أي أن الدول العاقلة هي التي تحول الأرهابي إلى سياسي وليس العكس .
ما يقال في جلسات السفارات البريطانية مثير للسخرية أكثر مما يثير النقاش، السفير المختص وهو سفير بريطانيا في السعودية يتحدث بصراحة متناهية أن ما يقوم به هو نتيجة ضغوط . ويفصل في لقاء جرى في عمان موقف ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذي يعتبر أكثر شخص يكره الاخوان في العالم. وينقل عنه أنه أصبح أخوانا دون أن يدري من خلال مناهج التعليم التي وضعها الإخوان .
طبعا لا يكمل السفير البريطاني ان الشيخ زايد كان محبا للإخوان ولمنهجهم التربوي ، وان وزير التربية الإماراتي لم يكن مندوبا بريطانيا ساميا ولا شركة أميركية وأنما واحدا من خيرة شباب الإمارات الذين كان يعول عليهم الشيخ زايد وأنه كان وزيرا في أول حكومة اتحادية وتخرج من أفضل جامعات الغرب . وهذا الوزير لا زال على قيد الحياة بأمكان السفير أن يناقشه ويستمع لآرائه " الإرهابية".
من المهم أن يفيدنا البريطانيون أيضاً في صناعة الإرهاب ، فقد تبين في محاكمة أبو حمزة المصري أنه كان عميلا للأم اي فايف جهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي . والمصري وتياره يكفرون الاخوان لأنهم يشاركون في مجالس التشريع الكفرية، ويخونونهم لمنهجهم السلمي .وفي عز المجازر المروعة التي شهدتها الجزائر على يد " الجيا " كان مفتوها يرتعون في لندن ويوجهون بعلم او بدون علم من الاستخبارات العسكرية الجزائرية.
تعرف بريطانيا ان الإخوان حملوا السلاح ضدها في قناة السويس كما حملوه ضدها في جنوب العراق لانها قوة احتلال . لكنهم في المقابل لا ينسون أنها البلد الذي وسعهم عندما ضاقت بهم بلادهم. وعاشوا في تلك الدولة مواطنين صالحين استفادوا منها وأفادوها. ليس منة من حكومة او سفير بل بفضل نظام ديموقراطي تجذر عبر مئات السنين بذلت في سبيله كثير من الدماء.
يميز الإخوان جيدا بين الإرث الغربي في الديموقراطية وحقوق الإنسان وهو بالمناسبة كسب حضاري عام للإنسانية وبين السياسات البريطانية، وكان شباب الأخوان في شوارع لندن جنبا الى جنب مع قوى اليسار الليبراليين وكل المعادين للحرب على غزة .وقبلها الحرب على العراق .. وفي بريطانيا عاش راشد الغنوشي والبيانوني وعصام الحداد ونشأت عائلات إخوانية منخرطة في الحياة الغربية ومحافظة على هويتها الحضارية.
المؤسف أو المثير للسخرية ان الحكومة البريطانية تعرف ، ولكنها تحرف !