يُطلق علي الفم، "الخشم"، وكلما فتح
السيسي "خشمه"، ارتكب جرائم، وقال أمراً "إداً"، وصار أضحوكة الأمم!.
خطب ارتجاليا، فخاطب الله سبحانه وتعالى بـ "حضرتك"، ونصحوه بألا يخطب سوى من ورقة، فنطق " نضال الشعوب"، "نضول الشعوب"، وكأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وكأنه "متطوع" في الجيش بشهادة "محو الأمية".
في معرض الدعاية للسيسي قال إنه حافظ للقرآن الكريم كله، وكذبوا فلو كان حافظا للقرآن لقوم اعوجاج لسانه.
وقالوا إنه متدين، وكذبوا، فلو كان كذلك، لا علم أن الله لا يخاطب بـ "حضرته"، أو "سموه"، فهناك فارق بين مخاطبة العاهل السعودي، والدعاء إلى الله عز وجل!.
لا أظن أن أحدا في التاريخ سبق السيسي في مخاطبة الله تعالي بـ "حضرتك"، وهو وصف ليس له إلا معني واحد، وهو أنه حديث عهد بالتعامل مع الله سبحانه وتعالى، فاختلط عليه الأمر فخاطبه بـ "حضرتك"، فلم يكن في عجلة من أمره حتى يكون هذا الخلط له ما يبرره، فقد كان يتحدث على طريقة "الري بالتنقيط"، "كلمة، كلمة".
وربما رعاه من قبل أن الناس منتبهة لذلك، فبرره بأن يتعذب عندما يتكلم، لأن الكلام عنده يمر علي "فلاتر".. فلتر الصدق، وفلتر الأمانة، وفلتر النزاهة، وفلتر هل هذا الكلام يرضي الله أم لا؟.. ويبدو أن فلاتره انتهت صلاحيتها، فخاطب الله بـ "حضرتك".ل
أن "حبيبك يبلع لك الزلط"، فأنصار السيسي اعتبروا "حضرتك" في مخاطبة الله، دليل علي الأدب، ولا أدري سبباً لمحاولة تسويق السيسي هذه الأيام علي أنه "الرجل المؤدب"؟، وهو ما قالوه في مواجهة الاهانة التي تعرض لها من العاهل السعودي، الذي أخطر القوم بزيارة
مصر لتقديم التهنئة للسيسي وعندما حطت الطائرة في مطار القاهرة، كان الاستدعاء له بالصعود.
ويلاحظ أن الصورة التي كشفت عن وجود كرسيين شاغرين بجانب الملك، روج لها الإعلام السعودي، وليس الإعلام المصري، أو حتى قناة الأعداء في قطر.
وكانت صورة الكراسي علي هذا النحو والسيسي في مقعد الوزراء، لا تُخفي العين دلالتها.
أنصار الرئيس وبعد فشلهم في الاستمرار في تقديمه علي أنه الرجل الزعيم، والزعيم الضرورة، وعبد الناصر في ثوبه الجديد، والمسيح الحي، كما وصفته فريدة الشوباشي، ومعشوق النساء.
يتم الآن تسويقه على أنه "المؤدب".
وقديماً كانوا يقولون لنا أن الأدب فضلوه علي العلم، وأن وزارة التعليم هي وزارة التربية والتعليم، فالتربية سابقة لأنها أهم من التعليم. لكن كون الفتي مؤدباً هذا يجعل منه "عريس لقطة"، ولا يصلح معياراً مهماً عند تقييم رؤساء الدول.
مقاييس الأدب عند أنصار السيسي، مختلة شأن فلاتره، فالمذلة ليست أبداً أدباً، ومخاطبة المرء لله بما يخاطب به البشر ، هي إن جاءت مع سبق الفهم لمثلت إساءة أدب مع الخالق عز وجل.
إن شئت فقل أننا أمام شخص كارثي، تبدت عوراته للجميع، بمجرد أن فتح "خشمه" باعتبار أن هناك من يروا في أوامره بالقتل والسجن والتنكيل بالأبرياء وبالفتيات، كل هذا أمراً عادياً.
المخلوع كانت عنده مشكلة عدم الفهم التي ينتج عنها كلاماً خارج السياق، وفي بداية حكمه أراد أن يقلد السادات في الارتجال فأرتكب أخطاء فادحة دفعت لتداركها مبكراً.
كان السادات يبشر بعام الرخاء الذي لم يأت أبداً، وذات مرة كان مبارك يخطب في بداية عهده، وكانت كلمته المكتوبة تطمئن الرأي العام بأن الأوضاع الاقتصادية مستقرة، وأن الاقتصاد المصري متماسك وقادر علي تجاوز محنته، وتلي أرقاماً تؤكد ذلك.
وكان من الواضح أنه نفسه لم يكن يدري ما يقول، فلما ارتجل قال لن أقول لكم أن العام القادم هو عام الرخاء، فهذه السنة سوداء، والسنة القادمة أكثر سوداً، وصفق له الحضور علي شفافيته، وصدقه، وهي الصراحة التي ظلت برامج "التوك شو" تشيد بها ليلة كاملة، والسيسي يعترف بالأزمة الاقتصادية، وعجزه عن حلها، في نفس الكلمة التي توجه فيها لله عز وجل بأن يساعدنا "حضرته".
مبارك كان يرتجل، بينما المشير عبد الحليم أبو غزالة بدا قلقاً وهو يشير باصبعه علي ورق أمامه، في إشارة له بأن يلتزم بالخطاب المكتوب ولا يخرج علي النص. بعدها صار أكثر حرصاً علي القراءة من الأوراق المكتوبة!.
وقد ظل المخلوع سنوات يلتقي بالكتاب والمثقفين، وجهاً لوجه كل عام في معرض الكتاب، ويستمع لأسئلتهم ومداخلاتهم ويجيب عليها، ويرتكب أخطاء يتم تجاوزها بالإفراط في الحديث عن " صراحة الرئيس المعهودة".
إلى أن وقع في شر أعماله ذات مرة عندما قرر أن يمزح مع متحدثة، وليس كل البشر مؤهلين للمزاح!.
باحثة سألته سؤالاً يبدو أنه رآه غير مناسباً، فقال لها بخفة دم يفتقدها لو أن فلاناً، رئيسها في العمل، أجلسك هذا الصباح "على حجره" لما سألت هذا السؤال.
فانخرطت في البكاء، لأنه حديث يدفع البعض لان يحمله أكثر مما يحتمل. وهو شبيه بكلام قاله لفنان شهير في سنوات حكمه الأولى عندما وقعت أزمة الفنانين مع قانون النقابات الفنية، وأضربت على أثره تحية كاريوكا بنقابة المحامين عن الطعام!.
لقد طلب مبارك لقاء القوم، وهناك رشحوا فناناً بعينه للحديث، لكن مبارك قال بخفة دم لا يمتلكها أيضاً: "قبل أن يحكم فلان في الأمر فليحكم فلانة الأول". وكانت فلانة هي زوجته الفنانة المحترمة، وذهبت الألباب تقدح زنادها فالرئيس حتما يعرف مالا نعرف.. فما الذي يعرفه. قبل أن يكتشف المصريون أن رئيسهم موتور.
في واقعة معرض الكتاب، فقد توقف في السنوات الأخيرة البث علي الهواء مباشرة، وكان البث يتم تسجيلاً بعد تدخل المونتاج، لحذف ما يخل بمقام الرئاسة.
مبارك عندما يرتجل، فهو يقول أي كلام، إنما السيسي يعبر عن ما بداخله. لذا فهو مصر علي أنه "مافيش"، وأنه لا يوجد لديه ما يقدمه، وأنه لا يعد بالاستجابة لأي مطلب فئوي واحد. ثم إنه يبدو عكس الصورة التي يتم ترويجها وهو انه الرجل المتدين، الحافظ لكتاب الله، وهو يخاطب المولي عز وجل بـ "حضرتك"، وكأنه في أولى تعاملاته مع مقام الإلوهية.
وهو عندما يؤكد في كل أحاديثه علي انه "مافيش" و"منين" فانه يعترف بفشله المبكر وبعجزه الذي لا يقاوم. لا بأس ما الذي يجعلك تحمل نفسك فوق طاقتها؟!..
سيقولون حبه لمصر.. وماذا في يديه ليقدمه لها؟!.
فشل؟ فليوفر فشله لنفسه.