بعد أن هيمنت لسنوات على السوق
العراقية، بدأت الكثير من
البضائع التركية تختفي شيئا فشيئا من الأسواق خاصة في وسط وجنوب العراق، بسبب الاضطرابات الأمنية في مناطق
الموصل وديالى وصلاح الدين والأنبار، والتي قطعت الطرق الرئيسية بين المحافظات الشمالية وبغداد الأمر الذي شكل عقبة أمام كبار التجار في إيصال بضائعهم إلى باقي المحافظات.
وتعتبر
تركيا، أكبر مصّدر للعراق، وتفيد الإحصاءات الرسمية، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 15 مليار دولار العام الماضي.
واتخذت الحكومة العراقية عدد من الإجراءات التي من شأنها أن تقلل من شح المواد الغذائية التركية بالأسواق المحلية، ومن أبرز تلك الإجراءات فتح معبري "زرباطية" و"مهران" مع
إيران أمام تجار المواد الغذائية، فضلا عن إصدار الأمانة العاملة لرئاسة الوزراء العراقية تعليمات تجاوزت من خلالها سلسلة الروتين الحكومي في تلك المعابر من أجل تسهيل دخول البضائع الغذائية منها بشكل خاص، من أجل تخفيف الأزمة التي تفاقمت بعد العمليات العسكرية في مناطق شمال وغربي العراق.
يقول أبو سجاد صاحب إحدى المحال التجارية في بغداد، إن المواد الغذائية التركية لديه بدأت تنفذ، ولا توجد امدادات جديدة منها، مما اضطره للتعامل مع موردين أخرين يعتمدون على البضائع الايرانية بشكل كبير.
وتابع : كما ترى أن معظم المواد الغذائية اليوم في المحال التجارية باتت إيرانية حتى الألبان باتت تستورد من ايران.
يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، إن حجم التبادل التجاري بين بغداد وطهران ازداد بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية خاصة مع الإجراءات الحكومية بتسهيل دخول البضائع الغذائية من ايران، بعد فتح المعبرين زرباطية ومهران، ومع الأردن بعد فتح معبر طريبيل، إلى جانب المنفذ الجنوبي في البصرة الذي شهد يوم أول من أمس رسو أكثر من عشرين باخرة محملة بالمواد الغذائية لسد النقص في الأسواق".
وسجل عام 2013، مستويات مرتفعة في حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران، ليصل بحسب مسؤولين من الجانبين العراقي والإيراني إلى أكثر من 12 مليار دولار، في وقت تطمح الحكومة العراقية إلى زيادته لأكثر من 15 مليار دولار.
وأكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي في حديث سابق للصحفيين أن "العراق يسعى جاهدا لتوطيد العلاقات بين دول الجوار دون استثناء وأن ايران لها ثقلها الاقتصادي مع العراق لا سيما في السنوات التي أعقبت العام 2003 ، فضلا عن سهولة اتصال التجاري بين العراق وايران من حيث النقل ونوعية البضائع وغيرها، لذا من البديهي أن تكون هنالك زيادة في حجم التبادل التجاري مع ايران" على حد تعبيره.
وقالت وزارة التخطيط العراقية على لسان المتحدث الرسمي باسمها عبد الزهرة الهنداوي أنه "من الصعوبة اليوم معرفة نمو التبادل التجاري بين بغداد وطهرن خلال الأيام العشر الأخيرة لصعوبة إيجاد إحصاءات دقيقة خلال الايام الماضية باعتبار أن الإحصاءات تكون نهاية كل عام".
وتابع الهنداوي " التبادل التجاري اليومي مع ايران أصبح كبيرا، خاصة بعد فتح معبرين جديدين، في وقت قطعت فيه معظم الطرق مع منفذ ابراهيم الخليل في منطقة زاخو شمال العراق على الحدود مع تركيا".
وبمكان ليس ببعيد عن مقر وزارة التخطيط العراقية، وهو سوق "الشورجة" ببغداد الذي يعد أبرز معالم التسوق لدى العراقيين لما يمثله هذا السوق من مركز تجاري مهم بأحد التجار العراقيين البارزين وهو محمد عبد الرزاق، والذي يعد أحد أبرز التجار التخصصين في البضائع الغذائية الإيرانية، قال: "الكثير من التسهيلات قدمتها الشركات الإيرانية للتجار العراقيين بشكل خاص، بدأت بمنح البضائع للعراقيين بأسعار تنافسية، فضلا عن تقديمها للبضائع بالآجل للتجار العراقيين ( أي أن يقوم التاجر باستلام البضائع، ويسدد مقابلها بعد ذلك) بل أن بعض الشركات بدأت تعرض على التجار إيصالها للبضائع على نفقتها، مقابل زيادة الكميات المستوردة، مما دفع الكثير من التجار إلى سحب سلع بكميات كبيرة، خاصة السلع الغذائية".
وذكر عبد الرزاق أن "هناك خمس مناطق حرة للتبادل التجاري بين العراق وإيران، عادة ما تكون قريبة من الحدود بين البلدين من أجل تسهيل عمليات التبادل التجاري، وشهدت هذه المناطق ارتفاعا غير مسبوق في عمليات التبادل التجاري بين التجار العراقيين والإيرانيين خاصة في الأيام العشرة الأخيرة".
وبسبب الأوضاع الأمنية في البلاد، شهدت السلع الغذائية الأساسية كالدقيق والأرز والزيت النباتي، ارتفاعا بسبب استغلال الوضع الأمني.