هل فعلا يشكل احتياطي قطاع
غزة من
الغاز الطبيعي، هدف جيش الاحتلال
الإسرائيلي من حربه على القطاع؟
وتحت عنوان: "هجوم الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة هدفه السيطرة على الغاز
الفلسطيني، وتفادي أزمة الطاقة الإسرائيلية"، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا الخميس الماضي.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى تأكيد وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون، بأن الهدف من وراء الخطط العسكرية لـ"اقتلاع حماس" يكمن في السيطرة على احتياطيات الغاز في غزة، وإعلانه أن العمليات العسكرية تمثل بداية الهجوم الذي طال أمده على حماس، وأنها لن تنتهي في غضون أيام قليلة.
ونوهت الصحيفة الى أن المطامع في الغاز الفلسطيني بدأ عام 2007؛ أي قبل عام من حرب "الرصاص المصبوب"، حيث كانت مخاوف يعلون تتركز على 1.4 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي اكتشفت قبالة سواحل غزة في عام 2000، وتبلغ قيمتها نحو 4 مليارات دولار".
وأشارت "الغارديان" إلى رفض يعالون فكرة أن "غاز غزة يمكن أن يكون المحرك الرئيسي لقيام دولة فلسطينية قابلة لحياة اقتصادية"، واصفا بأنها مضللة، وموضحاً أن المشكلة، كما قال، تكمن في أن "عائدات بيع الغاز الفلسطيني إلى إسرائيل من المرجح أن لا تتناسب مع مساعدة الجمهور الفلسطيني الفقير، بل بناء على التجربة الإسرائيلية في الماضي، فإنه من المحتمل أن تخدم العائدات تمويل المزيد من الهجمات ضد إسرائيل".
ونوهت أنه منذ اكتشاف النفط والغاز في الأراضي المحتلة، أصبح التنافس على الموارد على نحو متزايد في قلب الصراع، بسبب عجز موارد الطاقة المحلية الإسرائيلية.
الغاز ليس الهدف الرئيس
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة النجاح الدكتور نائل موسى، أن الحرب على غزة انطلقت لفرض أمر واقع رغم الأطماع الاقتصادية على مقدرات القطاع الاقتصادية بعد العثور على حقول النفط والغاز فيها.
وقال لـ"عربي21": "صحيح أن الأطماع للجوانب الاقتصادية ليست بعيدة عن تفكير المحتلين، لكنها في هذه المرة لم تشكل السبب الرئيس في اندلاع
العدوان الذي جاء لتمرير مخططات الدولة العبرية في إعادة رسم خارطة المنطقة من جديد. النفط والغاز عنصر جذب للحرب المعلنة ضد القطاع، لكنها تضاف إلى أهداف أخرى، خاصة بعد استكشاف حقول الغاز على شواطىء القطاع".
وأوضح موسى، أن إسرائيل تخطط للسيطرة على غاز غزة من خلال الاحتواء والاستيعاب عبر شركات إسرائيلية بواجهة دولية من أجل ضمان سيطرتها التامة على تلك المقدرات ومنع الفلسطينيين من امتلاك احدى مقدرات القوة، لأنها الوسيلة لتوفير موارد لتحسين البنية التحتية وعدم الاعتماد على المساعدات الخارجية.
السيطرة على حقول الشواطئ
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور كمال علاونة، إنه منذ سنوات وبعد اكتشاف حقول الغاز قبالة قطاع غزة اصبح لدى الاحتلال نهم اقتصادي خاصة أن هذه ثروة تعد مورد اقتصادي كبير وهامة وتشكل عنصر قوة لأي كيان اقتصادي وفي حالة امتلاكه من قبل الفلسطينيين فان الاحتلال يشعر بخطر كبير.
وأضاف في حديثه لـ"عربي 21" أن "هناك أطماعا واضحة للسيطرة على تلك الحقول والتحكم بها خاصة في ظل التنافس الاقليمي بالسيطرة على حقول الشواطئ، بدءا من شواطئ الناقورة شمالا وحتى شواطئ رفح جنوبا، ووجود تنافس مع حزب الله في هذا المجال".
وأكد أن "إسرائيل ترى بالغاز عملية تمويل لنشاطات الحكومة وإعادة بناء البنية التحتية والأنشطة التنموية ورافعة اقتصادية ضخمة توفر مقدرة للاستقلال الاقتصادي، وهو ما لا تقبل به".
وأشار علاونة إلى أن أطماع الاحتلال يمتزج فيها البعد الأمني بالبعد الاقتصادي "وهنا النظرة نحو غاز غزة لا يقل أهمية عن البعد الأمني، رغم أن المحتل يحاول إخفاء ذلك علانية".
في حين اعتبر الباحث في الشأن السياسي الفلسطيني زياد الشولي، أن الحرب الدائرة على غزة لها شق اقتصادي في ظل الأطماع الاسرائيلية التي لا تتوقف منذ اليوم الأول للاحتلال، فجميع المقدرات الفلسطينية تم استنزافها إسرائيليا سواء الزراعية وغيرها وأخيرا النفط والغاز المكتشف حديثا.
وقال لـ"عربي21" إن "إسرائيل تنظر للنفط والغاز على أنه عنصر أساسي من مقدرات الاعتماد على النفس وتحسين أحوال المجتمع والصمود، وهذا ما لا تريده كدولة احتلال، وبالتالي عيونها خلال الحرب الحالية تتطلع لضمان السيطرة على شواطئ قطاع غزة وعدم التفريط بها أثناء التوصل لتهدئة".
ونوه الشولي، إلى أن هذا الأمر "يستلزم من الفلسطينيين التمسك بحقوقهم في السيطرة التامة على حقول الغاز والاستفادة منها في إعادة إعمار غزة وما دمره الاحتلال وبناء اقتصاد وطني معتمد على نفسه، والشروع بوضع خطط وطنية لتحويل تلك الثروة إلى مورد للاستقلال الوطني الاقتصادي".
واختتمت صحيفة "الغارديان" بالقول إنه من الواضح أن الصراع بين إسرائيل وفلسطين ليس بشأن الموارد، ولكن في عصر الطاقة المكلفة، والمنافسة للسيطرة على الوقود الأحفوري الإقليمي، سيكون صاحب التأثير بصورة متزايدة على القرارات الحاسمة التي يمكن أن تشعل الحرب بينهما.
يذكر أن حصيلة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة لليوم السادس على التوالي ارتفعت الى 165 شهيدا و1089 جريحا.