استلقى الفتى محمد أبو غوري، البالغ من العمر 15 عاما، على حمالة إحدى سيارات الإسعاف أمام بوابة معبر رفح الحدودي مع مصر، والتي كانت تنقل عددًا من جرحى العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، لليوم السابع على التوالي، للعلاج في المستشفيات المصرية.
بدا على أبو غوري التعب الشديد حيث كان العرق يتصبب من جبينه وهو داخل سيارة الإسعاف رغم تبريد الأجواء بتكييف السيارة، ووضع قطع من القماش مبللة بالماء على جبينه، للتخفيف من درجة حرارة جسده المرتفعة وتخفيف العرق الذي ينضح منه غزارة.
الفتى الغزّي، الذي يقطن حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، أُصيب بجراح بالغة في صدره وقدميه، بعد استهدافه ورفاقه بصاروخ من طائرة استطلاع إسرائيلية بدون طيار، في ثاني أيام العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة التي بدأت الاثنين الماضي، ليفقده القدرة على الحركة والنطق.
وقال سمير أبو غوري، عم الفتى، نقلا عن "الأناضول": إن "محمد يتيم الأب، ولديه اثنان من الأشقاء هو يتوسطهم، وخرج من المنزل بناءً على طلب لشراء خبز، ورافقه في السير بشارع أحمد ياسين المجاور لمنزله ثلاثة من أصدقائه".
وأضاف: "كان محمد وزملاؤه الأربعة يسيرون في الطريق ويعبثون بجوالاتهم، ولا يلقون بالاً لطائرات الاستطلاع (بدون طيار)، التي كانت تحلق بشكل مكثف جدًا في الأجواء وعلى ارتفاعات منخفضة، وبشكلٍ مفاجئ، دوى انفجار فرق الأصدقاء عن بعضهم البعض".
وتابع سمير: "هرعنا إلى المكان فوجدنا الأطفال الأربعة وقد غرقوا بدمائهم، وتم نقلهم لمجمع الشفاء الطبي في غزة، لتعلن الأطقم الطبية عن استشهاد الفتى أحمد مهدي، وإصابة اثنين آخرين بجراح متوسطة وبتر في الأطراف، فيما تعرض محمد لكسر في إحدى أضلع صدره، وبشظايا في كلتا قدميه، أفقدته الحركة والنطق مؤقتًا وفق الأطباء".
ومكث الفتى أبو غوري في المستشفى بحالة صعب للغاية، إلى أن تقرر إجراء تحويلة طبية لعلاجه في المستشفيات المصرية، وفق ما أفاد به عمه سمير لمراسل الأناضول.
وقال: "ها نحن نغادر قطاع غزة، على أمل أن نعود بمحمد سالمًا معافا، وقد تعافى من الصدمة التي لربما أفقدته النطق".
وأضاف: "لم يكن من السهل على طفل بهذا العمر أن يُقصف بصاروخ ويستشهد أحد أصدقائه أمام ناظريه، ويُصاب بجراح، ويبقى بحالةٍ جيدة، فمن الطبيعي أن يُصاب بصدمة، عدا عن الشظايا الصغيرة جدًا التي اخترقت معظم جسده، وتسببت في حدوث تهتك في قدميه".
وأكد عم الطفل أبو غوري، أن ما حدث مع نجل شقيقه ورفاقه "جريمة إسرائيلية بامتياز، في محاولة لإرهاب المدنيين الفلسطينيين والإمعان في القتل المتعمد، عملاً بمقولة (الغاية تبرر الوسيلة)، فكل شيء لإسرائيل مُباح، ولغيرها مُحرم".
وقال: "نحن شعب يحب الحياة كما الموت، لكن لم نتمن يومًا لقاء العدو، وبالتالي من حقنا أن نعيش بأمن وأمان كباقي العالم، ولا نعيش حالة من التوتر والقلق، والقصف والقتل والتدمير والتهديد، لذلك من حقنا العيش بسلام وطمأنينة، ولن يحدث ذلك إلا بلجم إسرائيل وملاحقتها على جرائمها التي تقترفها بحق شعبنا الفلسطيني".
وفي سياق متصل أعلن أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، عن ارتفاع عدد الشهداء من الفلسطينيين، منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، مساء الاثنين الماضي، إلى 165 شهيدا، فضلا عن إصابة نحو 1085 آخرين.