"
العصف المأكول، حجارة السجيّل،
البنيان المرصوص، ثقب في القلب، الوهم المتبدد".. هذه أمثلة على مسميّات تُطلقها فصائل المقاومة في قطاع غزة، ردا على مسميّات العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال ضد الفلسطينيين، وتحمل أبعادا تركز على "القوة" و"الوعيد"، حسبما يرى خبراء في الشأن
الإسرائيلي.
وأطلقت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اسم "العصف المأكول" ردا على العملية العسكرية الإسرائيلية "الجرف الصامد"، ضد قطاع غزة والمستمرة لليوم السادس على التوالي.
كما أطلقت سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي على العملية اسم "البنيان المرصوص".
ويقول، عدنان أبو عامر الباحث في الشؤون الإسرائيلية، إنّ الأسماء التي تُطلقها المقاومة، تأتي ردا على المسميات الإسرائيلية التي تهدف لإخافة الفلسطينيين عسكريا ونفسيا.
وأضاف أن "المقاومة ترد بشكل عملي، على مسميات إسرائيل، فتقابل الجرف الصامد بالعصف المأكول، وعامود السحاب بحجارة السجيل، وغيرها من الأسماء التي تحمل رسائل الوعيد للإسرائيليين".
وأكد أبو عامر، أن هذه المسميات تحمل بعدا نفسيا قويا، يحاكي ما يريد الاحتلال إيصاله من مسمياتها المختلفة كـ"الرصاص المصبوب، والشتاء الساخن".
واستدرك بأن "المقاومة تخوض حربا مع إسرائيل على كافة الأصعدّة، سياسيا وعسكريا ونفسيا، والمسميات جزء كبير من هذه اللعبة، وكما أنّ إسرائيل ليها دائرة خاصة في إطلاق هذه الأسماء، فإن المقاومة لديّها ما تملكه من دوائر إعلامية ونفسية، تحاكي الإسرائيليين بل وقد تتفوق عليهم".
واستند اسم العصف المأكول لآية في القرآن الكريم في سورة (الفيل)، والتي تروي قصة أبرهة الحبشي، الذي حاول أن يهدم الكعبة بجيش من الفيلة، فأرسل الله عليه طيرا من الأبابيل، وهو كما تروي كتب التفسير (طير في جماعات متتابعة، تقذفهم بحجارة من طين متحجِّر، لا تسقط على أحدٍ إلا أهلكته، وقيل حجارة من جهنم).
ومنذ يوم الاثنين الماضي، يشن الاحتلال عملية عسكرية على قطاع غزة شملت غارات عنيفة وكثيفة على مناطق متفرقة من القطاع؛ تسببت في استشهاد 166 فلسطينيا وجرح 1120 آخرين، حتى 1:50 (تغ) من اليوم الأحد، حسب ما أفاد به الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة.
ورأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت، أن أسماء الحملات التي تطلقها فصائل المقاومة على عملياتها ضد الحملات الإسرائيلية، والمسميّات تحمل أبعادا دينية وسياسية.
واستدرك بالقول: "تماما كما تفعل إسرائيل، فإن فصائل المقاومة تريد أن يشعر الإسرائيليون بالخوف والرعب، وفي ذات الوقت أن ترفع من معنويات الفلسطينيين، بالكلمة والمقاومة معا".
وأكد شلحت، أن المقاومة تنتقي مسمياتها حسب كل عملية، وما تريده لها من أهداف ووقت، مشددا على أن هذه المسميات دليل على تطور المقاومة إعلاميا وعسكريا، وإظهار قوة الفلسطينيين ووحدتهم.
وردت المقاومة في قطاع غزة على تسميّة "الرصاص المصبوب" 2008- 2009، باسم "حرب الفرقان".
وقد شنّ الكيان الإسرائيلي عملية عسكرية على غزة، بدأت في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008، وانتهت في 18 كانون ثاني/ يناير 2009، وأطلقت عليها اسم عملية "الرصاص المصبوب"، أسفرت عن مقتل وجرح آلاف الفلسطينيين، وتدمير هائل للمنازل والبنية التحتية، دون أن تحقق أهدافها المزعومة، وعدّت تلك الحرب انتصارا للمقاومة.
وردت على عملية "عامود السحاب" 2012 باسم "حجارة السجيل"، وهي العملية التي أطلقتها إسرائيل في تشرين ثاني/ نوفمبر 2012، واستمرت لمدة 8 أيام أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الفلسطينيين، وشكلت العملية فشلا ذريعا للاحتلال.
وأكدّ هاني البسوس أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، أنّ مسميّات الحملات العسكرية، تكتسب قوة مع إطلاق المقاومة لصواريخ نوعيّة تصل إلى أماكن حسّاسة.
وأضاف: "الاسم، والتنفيذ يحمل رسائل تهديد واضحة للإسرائيليين على الصعيد النفسي، والعسكري، والمقاومة الفلسطينية باتت مؤهلة لخوض المعارك بما تتطلبه من إعداد سياسي وعسكري ونفسي".
وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام ، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أعلنت في بيان أنها "ستوجه ضربة عسكرية صاروخية لمنطقة تل أبيب وضواحيها الجنوبية بصواريخ من نوع J80 عند الساعة التاسعة من مساء السبت 12 تموز/ يوليو، في إطار معركة العصف المأكول المستمرة للرد على العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفي الساعة التاسعة وسبع دقائق كانت صفارات الإنذار تدوي في منطقة تل أبيب، وبحسب بيتر ليرنر، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن صفارات الإنذار دوت مرتين.