كشفت وسائل الإعلام الصهيونية أسرار الاتصالات التي أجرتها كل من "إسرائيل" وسلطة الانقلاب في القاهرة بهدف صياغة مبادرة وقف إطلاق النار بشكل يخدم بالأساس المصالح "الإسرائيلية".
وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الأربعاء، كشف الصحافيان براك رفيد وجاكي حوكي النقاب عن أنه في الوقت الذي حرصت فيه السلطات
المصرية على عدم وضع المقاومة في صورة هذه الاتصالات، فأن فريقين من المسؤولين المصريين والصهاينة أجروا على مدى أيام اتصالات حول جوهر المبادرة.
وحسب رفيد وحوكي، فقد ضم الوفد المصري ضباطا كبارا في جهاز المخابرات العامة، وموظفين كبارا في وزارة الخارجية المصرية، في حين ضم الوفد الصهيوني كلاً من مستشار الأمن القومي يوسي كوهين ورئيس جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" يورام كوهين، ومبعوث
نتنياهو المحامي إسحاق مولخو، ورئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الحرب عاموس جلعاد، وقائد شعبة التخطيط في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال نمرود شيفر.
وأضاف ريفيد وحوكي أنه خلال إجراء الاتصالات بين الجانبين المصري والإسرائيلي، سأل أحد أعضاء الطاقم الإسرائيلي الجانب المصري حول ردة فعل حركة
حماس المتوقعة، فرد المصريون قائلين: المهم أن توافق إسرائيل، وحماس لن يكون أمامها بد إلا الموافقة.
ونقل رفيد وحوكي عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو عندما عرض المبادرة المصرية على أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن قال للوزراء: المبادرة المصرية تعزز موقفنا بشكل كبير وتمنحنا نقاطا كبيرة، وتسمح بتوفير الشرعية الدولية لضرب حماس في حال لزم الأمر.
وكشف رفيد وحوكي النقاب عن أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس لعب دوراً في صياغة المبادرة، ونَقَلَ عن مسؤول "إسرائيلي" كبير أن محمود عباس كان قد اقترح على تل أبيب نفس البنود التي تضمنتها المبادرة المصرية قبل بدء الاتصالات بين القاهرة وتل أبيب.
وحسب المسؤول الصهيوني، فإن عباس هو الذي اقترح على الجانب المصري المسارعة في الإعلان عن المبادرة، علاوة على أنه هو الذي اقترح صيغة "وقف الأعمال العدائية" بين الجانبين، واقترح أن يتم بحث القضايا التفصيلية للتهدئة فيما بعد.
وأشار رفيد وحوكي إلى أن "إسرائيل" ومصر رفضتا تدخلا أجنبيا، مشيرين إلى أن كلاً من ممثلي سلطة الانقلاب وحكومة نتنياهو اعتذروا لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي أبلغهم أنه مستعد للحضور للقاهرة وتل أبيب للمشاركة في جهود إنجاز اتفاق التهدئة، حيث أبلغوه أن الاتصالات المصرية "الإسرائيلية" في أوجها وأنه لا داع لوساطة أمريكية.
وحسب رفيد وحوكي، فإن المصريين لم يرغبوا بتدخل كيري، لأنهم أرادوا أن يثبتوا أن نظام الجنرال السيسي قادر على القيام بنفس الدور الإقليمي الذي قامت به مصر حتى الآن تجاه غزة، في حين أن الجانب الصهيوني لم يرغب بتدخل كيري حتى لا يفسر التدخل كضغط على إسرائيل وتعتبره حماس إنجازا لها.
وأوضح رفيد وحوكي أن الرغبة المصرية "الإسرائيلية" في منع أي تدخل خارجي في إنجاز اتفاق التهدئة دفع المصريين للإعلان بسرعة عن مبادرة وقف إطلاق النار.
من ناحيتها قالت الصحافية عميرة هاس إن رفض حماس للمبادرة المصرية كان معروفاً، لأن المبادرة تضمنت بالضبط ما أعلنت الحركة رفضها له منذ البداية وهو مبدأ "الهدوء مقابل الهدوء".
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" صباح اليوم، أضافت هاس أن حماس انطلقت في رفضها من افتراض مفاده أن المبادرة هدفت بالضبط لإلغاء وجودها السياسي في القطاع وإهانتها، بعد أن قام المصريون بالتنسيق مع "إسرائيل" بنود المبادرة من وراء ظهرها.
ونوهت هاس إلى أن عباس كان على علم ببنود المبادرة المصرية، وهذا ما يفسر مسارعته لقبولها، فقيادات في "فتح" ومنظمة التحرير اعتبروا أن المبادرة غير مقبولة.
وأشارت هاس إلى أن المبادرة المصرية صيغت بشكل فضفاض يمكن إسرائيل من التملص من أي التزام فيها، سيما إعادة فتح المعابر التجارية، حيث أنها نصت على أن فتح هذه المعابر يتم عندما "يستقر الوضع الأمني"، علاوة على أنها لم تتضمن ما تعتبره حماس أمراً حيوياً هو ضمانات دولية بالتزام إسرائيل بما جاء في التفاهمات.
ونوهت هاس إلى حقيقة أن المبادرة المصرية لم تتضمن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، الذين أفرجت عنهم إسرائيل في صفقة تبادل الأسرى مع حماس وأعادت اعتقالهم بعد خطف وقتل المستوطنين الثلاثة.