كتاب عربي 21

نصر الله والمبادرة التاريخية المطلوبة

1300x600
سيطل أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال الأيام القليلة المقبلة في مناسبات متعددة، ومنها إحياء ليالي القدر ويوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وتأتي إطلالة نصر الله في ظل تفاقم الأزمات في المنطقة في سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين وليبيا، إضافة لاستمرار العدوان الصهيوني على غزة والشعب الفلسطيني، ولذا تتوقع بعض الأوساط القريبة من حزب الله أن لا تكون هذه الإطلالة تقليدية أو مجرد تكرار للمواقف السابقة للحزب من الأوضاع في المنطقة، بل ستشكل فرصة لإطلاق مبادرات جديدة من أجل احتواء التوترات القائمة وإعادة تصويب البندقية نحو العدو الصهيوني.

وتقول هذه الأوساط إن نصر الله كان يحرص دوما في المحطات التاريخية على إطلاق المبادرات التوحيدية لمواجهة المخاطر التي تواجهها المنطقة، ومن هذه المبادرات دعوته لـ"طائف عراقي" بين المعارضة العراقية والنظام العراقي السابق، بقيادة صدام حسين، بعد بدء الهجوم الأميركي على العراق عام 2003، ورغم الاعتراضات الشديدة التي لقيها نصر الله من بعض الأوساط الشيعية العراقية فقد تمسك بمواقفه وكان يؤكد دوما على ضرورة التوحد في مواجهة العدو الخارجي.

وخلال السنوات الماضية أطلق السيد نصر الله العديد من المبادرات لوقف الفتنة المذهبية وتوحيد التيارات القومية والاسلامية، ومن اجل دعم قوى المقاومة وتعزيز الحوار الاسلامي-الاسلامي، ولذا فإن الأوساط القريبة من الحزب، الحريصة على مسيرته الجهادية ودوره الأساسي في مواجهة العدو الصهيوني والمشروع الأمريكي التفتيتي للمنطقة، تعتبر أن اللحظة الحالية هي الفرصة المناسبة لأن يطلق السيد نصر الله مبادرة تاريخية جديدة لوقف النزيف الحاصل في أكثر من دولة عربية، وخصوصا في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين، وذلك عبر الدعوة الى تسوية شاملة للقضايا العالقة ووقف الصراعات القائمة، والمساعدة في التوصل إلى حلول سياسية لهذه الصراعات.

وتضيف هذه الأوساط: إن السيد نصر الله لديه علاقات وثيقة مع القيادة السورية والقيادة الإيرانية والمسؤولين العراقيين والمرجعيات الدينية وبعض القيادات اليمنية والبحرانية، كما أن حزب الله يشارك بقوة في الصراع القائم في سوريا وكل ذلك يؤهله للعب دور أساسي لوقف الصراعات في هذه الدولة من خلال الدعوة لوقف القتال، والذهاب إلى حوار سياسي شامل، مع الاستعداد للانسحاب من القتال في سوريا ووقف الاستنزاف للقوى الجهادية والاسلامية.

ومع أن هذه الأوساط تدرك أن هذه المبادرة لن تكون سهلة وتتطلب قرارات ومواقف جريئة وجهودا جبارة، لكنها تشير إلى أن  التحديات القائمة والخوف الكبير من انزلاق المنطقة نحو صراع مذهبي شامل أو تقسيم دول المنطقة إلى دويلات مذهبية وعرقية وفي ظل العدوان الإسرائيلي على غزة والذي قد يتطور إلى حرب شاملة بين العدو الصهيوني وقوى المقاومة، كل هذه التطورات تتطلب خطوات جريئة وقرارات غير تقليدية، وقد يكون السيد نصر الله هو الأقدر على اتخذاذ مثل هذه القرارات.

وتضيف هذه الأوساط: إن حزب الله وحلفاءه في المنطقة قد دخلوا في صراع مفتوح مع العديد من القوى الاسلامية المتشددة في أكثر من ساحة، وهذا الصراع يحظى بدعم إقليمي ودولي لأن العديد من الجهات تريد استمرار الصراع بين الجهاديين الاسلاميين على اختلاف انتماءاتهم، مما يعني استنزاف الجميع وتسهيل تحقيق المشاريع الصهيونية والاميركية في المنطقة، ولن يربح احد في هذا الصراع كما حصل في الحروب اللبنانية المتعددة، والحرب العراقية-الايرانية وغير ذلك من الصراعات التي شهدتها المنطقة العربية والاسلامية والتي انتهت دائما بتسويات سياسية بعد دفع الاثمان الكبيرة، فهل يطلق نصر الله مبادرته التاريخية قبل فوات الاوان.