كتب أحمد منصور: في شهر إبريل من عام 1998 التقيت مع مؤسس وزعيم حركة حماس الشهيد الشيخ أحمد ياسين، بعدما أفرج عنه في صفقة بين الأردن وإسرائيل بعد عملية الاغتيال الفاشلة التي قام بها جهاز الموساد
الإسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن خالد مشعل.
وقد قامت بيني وبين الشيخ ألفة من أول لقاء وكأننا كنا أصدقاء افترقنا لبعض الوقت ثم التقينا مرة أخرى، وفي الشهر الذي أقامه الشيخ في الدوحة كنت تقريبا ألقاه كل يوم، وكنت وقتها أستعد لإطلاق برنامج «شاهد على العصر» على شاشة «الجزيرة» فتحدثت معه عن فكرة البرنامج فرحب بها وكانت شهادته على العصر هي الوثيقة الوحيدة بلسانه عن حياته وجهاده، حتى أنها أصبحت المصدر الرئيسي للباحثين والدارسين حتى الغربيين منهم، حيث اتصل بي عدة أشخاص كانوا يعدون رسائلهم العلمية في جماعات غربية عن حماس أو الشيخ أحمد ياسين ليأخذوا مني بعض المعلومات عن هذه الشهادة التي لم تكن شهادة على التاريخ والأحداث بقدر ما كانت دروسا في كل شيء وأهمها كيفية التعامل مع اليهود الذين كانوا مبهورين وعاجزين أمام هذا الشيخ المقعد الذي لا يتحرك فيه إلا رأسه والذي يحاربهم ويقض مضاجعهم فقاموا باغتياله في 22 مارس من عام 2004.
ومن بين ما قاله الشيخ أحمد ياسين في شهادته حول رؤيته لمستقبل إسرائيل بعد خمسين عاما من قيامها «إن إسرائيل قامت على الظلم والاغتصاب وكل كيان يقوم على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار» فقلت له: «حتى لو كان يملك القوة التي تؤهله للبقاء؟ فقال: «إن القوة في العالم كله لا تدوم لأحد الإنسان يولد طفلا ثم مراهقا ثم شبابا ثم كهلا ثم شيخا وهكذا الدول تولد وتكبر ثم تتوجه للاندثار «فقلت له وفق هذا المعيار إسرائيل في أي مرحلة الآن؟» فقال «إن إسرائيل ستزول إن شاء الله في الربع الأول من القرن القادم وتحديدا في عام 2027 ستكون إسرائيل قد بادت وانتهت» فقلت له لماذا هذا التاريخ؟ فقال «لأننا نؤمن بالقرآن الكريم والقرآن حدثنا أن الأجيال تتغير كل أربعين عاما، في الأربعين الأولى كان عندنا نكبة وفي الأربعين الثانية أصبح عندنا انتفاضة ومواجهة وتحدٍ وقتال وقنابل وفي الأربعين الثالثة تكون النهاية إن شاء الله، وهذا استشفاف قرآني، فحينما فرض الله على بني إسرائيل التيه أربعين عاما لماذا؟ ليغير الجيل المريض التعبان ويأتي بجيل مقاتل وجيل النكبة بدّله الله بجيل الانتفاضة والجيل القادم هو جيل التحرير إن شاء الله تعالي، «قلت له: كيف ترى المستقبل؟ فقال «أنا أقول طريقنا صعب ويحتاج تضحيات وصبر لكن المستقبل لنا إن شاء الله، هو قادم لا محالة هذا وعد الله والله لا يخلف وعده أبدا، فقلت له «رغم اليأس الذي يسيطر على الناس؟» فقال: «هذا اليأس ليس له قيمة لدى من يقودون المركب فإذا كان قادة المراكب لا ييأسون ويواصلون طريقهم فالشارع أنى أخذته يمشي معك، أنا أستشف من القرآن الكريم كما قال في يهود المدينة «ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتم حصونهم من الله» فقد كان اليهود معتدين بقوتهم والمسلمين كانوا يعتقدون أنهم لن يقدروا عليهم لكن الله أتاهم من حيث لم يحتسبوا.
صحيح أن أمتنا الآن في حالة ضعف وليس لنا قدرة على تحرير فلسطين ونحن نشك في قدراتنا وإمكاناتنا وحالنا ومستقبلنا وهم يقولون نحن نملك أكبر ترسانة عسكرية فمن يقدر علينا فهم يعتزون بقوتهم ونحن خائفين من ضعفنا لكن إرادة الله غالبة، أليس ما قاله الشيخ قبل 16 عاما نرى بشائره الآن؟
(الوطن القطرية)