كتب أندريه أوبنهايمر: لقي إعلان رؤساء مجموعة «
بريكس»، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، الأسبوع الماضي إنشاء مؤسساتهم المالية الدولية الخاصة، ترحيباً يكسوه التشكك والانتقاد من قبل البعض في واشنطن. بيد أن مجموعة «بريكس» تفعل الشيء الصحيح في هذا الشأن. وقد أعلن قادة أكبر الأسواق الناشئة في العالم، أثناء قمتهم في مدينة فورتاليزا البرازيلية، إنشاء
بنك للتنمية وآخر للإقراض برأسمال مائة مليار دولار لكل منهما، على أن يتم استخدامهما كبديلين للبنك وصندوق النقد الدوليين اللذين يتخذان من واشنطن مقراً لهما.
وسيكون مقر «بنك التنمية الجديد» (أو «إن دي بي») في مدينة شانجهاي الصينية، بعد صراع دبلوماسي بين الصين وبقية الدول، لكن على أن يكون كبار المسؤولين التنفيذيين في البنك من روسيا والهند والبرازيل. وأكد الرئيس الصيني وزملاؤه أن «بريكس» لا ترغب في الحلول محل البنك أو
صندوق النقد الدوليين، وأن الفكرة قائمة على «تحسين نظام الحوكمة العالمي»، وتوسيع تمثيل الدول الناشئة في القرارات الدولية الرئيسية. فرغم أحاديث كثيرة عن زيادة حقوق تصويت الأسواق الناشئة في البنك وصندوق النقد الدوليين، فإن هاتين المؤسستين لم تتغيرا منذ إنشائهما في «بريتون وودز» عام 1944. وتحتفظ الولايات المتحدة والدول الأوروبية بتمثيل فيهما أكبر بكثير من حصتهما في الاقتصاد العالمي.
وإضافة إلى شعورها بالإحباط بسبب ضعف تمثيلها، تزعم مجموعة «بريكس» أن بنك «التنمية الجديد» سيكون مؤهلاً لمساعدة الدول النامية أكثر من صندوق النقد والبنك الدوليين.
ورغم ذلك، يبقى السؤال هو ما إذا كانت المؤسسات المالية الجديدة لمجموعة «بريكس» ستتجسد على أرض الواقع؟
أولا: تفعل مجموعة «بريكس» ذلك فيما تتجه اقتصاداتها للتراجع. ومن المتوقع أن تصل معدلات النمو في الصين إلى 7.5 في المئة خلال العام الجاري، بينما تباطأ النمو الهندي إلى 5.4 في المئة. ويتوقع أن يسجل النمو في روسيا والبرازيل واحداً في المئة لكل منهما خلال العام الجاري.
ثانياً: لن يكون من السهل حل الخلافات بين مجموعة «بريكس»؛ فالصين والبرازيل تتنازعان بشأن التجارة الثنائية؛ إذ تشتكي بكين من حمائية البرازيل المتزايدة، بينما تتذمر البرازيل من أن الصين تشتري فقط المواد الخام، بينما تغزوها ببضائع مصنعة.
وإلى ذلك، ستكون هناك نزاعات بشأن من يدير المؤسسات الجديدة، في ضوء أن الاقتصاد الصيني، صاحب المرتبة الثانية عالمياً، أكبر من بقية الدول الأعضاء في «بريكس» مجتمعة، والصينيون لا يضعون أموالاً في مشاريع لا يديرونها.
ثالثاً: إن تاريخ الجهود المماثلة، والرامية إلى إنشاء بنوك تنمية بديلة، لا تبشر بخير بالنسبة للمؤسسات المنشأة حديثاً. ففي عام 2009، أعلن رؤساء البرازيل وفنزويلا والأرجنتين وبوليفيا والإكوادورو وأوراجواي عن إنشاء «بنك الجنوب»، وسط صخب إعلامي كبير، لكنه لم يبدأ عمله قط!
رابعاً: إن قدّر لبنكي «بريكس» العمل، فسيكون حجمهما محدوداً، فرأسمال بنك الإقراض البالغ مائة مليار دولار سيكون أقل بكثير من رأسمال صندوق النقد الدولي البالغ 837 مليار دولار.
وفي رأيي أن فكرة إنشاء مؤسسات مالية دولية جديدة لتقديم قروض إضافية لتلك التي يقدمها البنك وصندوق النقد الدوليان، أمر جيد. لكن إذا اقتفت هذه المؤسسات أثر «بنك الجنوب» سيئ الحظ فذلك أمر آخر.
(الاتحاد الإماراتية)