تتصاعد مواقف الرفض والتنديد والاستياء من قبل عموم الشعب بالجزائر وفوقهم أطياف سياسية، تجاه حكومة تمنع المسيرات والمظاهرات بالعاصمة. ويجمع
الجزائريون أنهم لا يطيقون مشهدا، حينما تتظاهر شعوب دول أوروبية، لا تدين بالإسلام، لرفع العدوان عن غزة، بينما لا يمكنهم، هم المسلمون أن يفعلوا ذلك.
القنوط والغضب، الإحساس الذي يشترك به الجزائريون هذه الأيام ومنذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فهؤلاء الذين يشاهدون يوميا، صور الدمار والقتل واستباحة دم الأطفال والشعب الأعزل، لا يمكنهم الالتحاق بغزة كما أنهم لا يستطيعون البقاء مكتوفي الأيدي.
هو موقف مشترك بين كل من تحدثت إليه صحيفة "عربي21" من عامة الجزائريين، الأربعاء، حيث يقول سعيد منجي، الذي خرج من المسجد ليحاول الانضمام إلى مسيرة بالعاصمة الجزائرية، "منعنا من قبل عناصر الأمن التي تواجدت بكثرة بالمكان من ممارسة حقنا في نصرة أهلنا في غزة.. هذا عار وجهل، كيف تسنى للأوروبيين التظاهر لفائدة قضية ليست قضيتهم بينما نمنع نحن من التعبير عن رأينا".
ويمنع القانون بالجزائر، المسيرات بالعاصمة، ويسمح بها في باقي المحافظات، طبقا لمرسوم رئاسي أقره الرئيس بوتفليقة في نيسان/ إبريل 2001، بعد ما سمي بـ"أحداث القبائل" التي عرفت مواجهات شديدة بين مواطني منطقة "القبائل وهم الأمازيغ، وبين عناصر الشرطة، فخلفت الصدامات أكثر من 60 قتيلا".
وتنتقد المعارضة بالجزائر ما تسميه "إمعان"
السلطة في تطبيق قانون حظر المسيرات، ورغم مطالب ملحة من قبل الأحزاب السياسية لإبطال القانون إلا أن السلطة بالجزائر مصممة على الإبقاء عليه.
لكن ضغطا شعبيا رهيبا، تشعر به السلطة منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة، إذ تتنامى دعوات إبطال مفعول القانون بما يتيح للجزائريين التعبير عن تضامنهم مع أهالي غزة، كما فعل الأوروبيون رغم أنهم بعيدون عن القضية.
ويقول الأخضر خلاف، القيادي في "جبهة العدالة والتنمية" المعارضة بالجزائر لـ"عربي21" إن "القانون المعمول به جائر ومن مصلحة السلطة أن تراجع قرارها اليوم قبل الغد، لأن حظر المسيرات بالعاصمة لم يعد يستند إلى أساس صحيح ومبرر أكيد".
واستغرب خلاف كيف أنه "لما يفوز المنتخب الجزائري لكرة القدم، تسمح السلطة بإقامة الاحتفالات الصاخبة حتى الصباح، وتخلي الشوارع للمركبات والسيارات محملة بالمحتفلين وبيدهم الأعلام الوطنية. وعندما يتعلق الأمر بالخروج إلى الشارع من أجل نصرة غزة والتنديد بالعدوان الصهيوني الغاشم، ترفض السلطة أن يلتحق الناس بالشارع تعبيرا عن غضبهم؟".
ويتابع القيادي خلاف يقول: "إن الشعب أصبح لا يقبل هذه الأمور ومن مصلحة السلطة أن تترك الجزائريين يعبرون عن مواقفهم بكل حرية ومسؤولية". وقال إن "مخاوف السلطة من أن المسيرات المفترضة ستعرف انزلاقات نحو العنف، مبرر لاغ، لأن الشعب الجزائري ناضج".
وتقول الكاتبة الصحفية حكيمة ذهبي، المختصة في مجال حقوق الإنسان والحقوق السياسية لـ"عربي21" الأربعاء: "في الحقيقة، أن منع السلطات الجزائرية الشعب من التظاهر له دواع أمنية سابقة، أعتقد أنها زالت، ولكن مع ثورات الربيع العربي، عاد ذلك الهاجس، وبرأيي أن مصالح الأمن أصبحت تميل إلى اللين في التعامل مع المتظاهرين فهي لا تمنعهم إذا كانت التجمعات مرخصة، ورأينا ذلك عدة مرات بمناسبة انتخابات الرئاسة في 17 نيسان/ إبريل".
وتضيف ذهبي: "حاليا ربما ستشعر الحكومة بنوع من الإحراج سيما على المستوى الدولي لأن كل الدول تقريبا خرجت شعوبها للتظاهر، فإذا قررت السلطات السماح بالتظاهر لصالح غزة فإن ذلك سيكون من باب الإحراج".
وقرر حزب العمال" اليساري" بالاشتراك مع "الاتحاد العام للعمال الجزائريين"، الأربعاء، تنظيم تجمع حاشد، غدا الخميس، من أجل التضامن مع أهالي غزة، ودعا الحزب كل الجزائريين إلى الالتحاق بالتجمع الحاشد.
وأظهرت الأمينة العامة للحزب لويزة حنون، غضبا شديدا تجاه النظامين المصري والأردني بسبب ما أسمته "التضييق على الفلسطينيين"، وأفادت بمؤتمر صحفي الأربعاء، أنها طلبت من الوزير الأول عبد المالك سلال أن "تمارس السلطة بالجزائر، ضغطا على النظام المصري من أجل فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين".
ومنعت أجهزة الأمن الأربعاء، نشطاء ينتمون إلى "جبهة الصحوة الإسلامية" لرئيسها عبد الفتاح زراوي حمداش، الأربعاء، من تنظيم مسيرة وسط العاصمة، الجزائر. واقتيد هؤلاء إلى مراكز الشرطة، حيث خضعوا إلى التحقيق قبل إطلاق سراحهم.
وقال حمداش في تصريح لـ"عربي21" الأربعاء: "بعد أن صلينا الظهر اليوم في مسجد ابن باديس بالجزائر الوسطى، اتجهنا إلى ساحة الأمير عبد القادر المقابلة لبلدية الجزائر الوسطى، من أجل التنديد بالعدوان الصهيوني على أهلنا في غزة، وكنا مجموعة من المحتجين والناشطين، فاعتقلتنا قوات الأمن واقتادتنا إلى مراكز الشرطة لتحقق معنا، ثم أطلقت سراحنا".
وبالتوازي مع ذلك، اجتمعت الأربعاء "اللجنة الشعبية لدعم الشعب الفلسطيني في غزة"، وأكدت في بيان أنها قررت "تنظيم مسيرة وطنية بالجزائر العاصمة تحت شعار "مسيرة المليون ونصف المليون شهيد لدعم الشعب الفلسطيني في غزة" وذلك يوم الجمعة 25 تموز/ يوليو 2014 بعد صلاة الجمعة.. وتنطلق المسيرة من ساحة أول ماي نحو ساحة الشهداء".
يشار على أن اللجنة قررت توجيه دعوة لكافة الجزائريين من أجل "تنظيم وقفات ومسيرات عبر كافة الولايات للتعبير عن رفضهم للعدوان الصهيوني على غزة".