لخص جون ستيوارت مقدم البرنامج الكوميدي المعروف الواقع في أمريكا، عندما طرح النزاع في
غزة في برنامجه هذا الأسبوعK حيث تغيرت وجوه زملائه الذين كانوا معه وقالوا لماذا لم تتحدث عن موضوع آخر مثل أوكرانيا. فالحديث عن القتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين كان دائما محفوفا بالمخاطر في الولايات المتحدة، إن أخذنا بعين الاعتبار الدعم القوي الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل.
ولكن حتى بهذه المعايير؛ فما تعرض له ستيوارت من اتهامات واتهامات مضادة كانت قوية في هذا الأسبوع من القتال في غزة.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز": خَلْف الغضب حول التغطية المتحيزة تجاه
إسرائيل هناك خوف زاحف من أن إسرائيل بدأت تفقد الجدال في أمريكا حول حكمة العملية العسكرية في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان كان غاضبا حول الطريقة التي تمت فيها تغطية الحرب في
الإعلام الأمريكي، فقد خرج على شبكة "سي أن أن" واشتكى قائلا إن "حماس تريد مراكمة جثث أكبر عدد من المدنيين" في اتهام يحمل قسوتها، مضيفا: "إنهم يستخدمون صور الجثث التلفزيونية لخدمة قضيتهم".
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة لا تزال وبشكل ضخم داعمة لإسرائيل، وهي حقيقة واضحة في داخل الطبقة السياسية وفي الرأي العام الأمريكي. فقد دعم الكونغرس وبشكل كامل قرارا هذا الأسبوع يعطي إسرائيل الحق للدفاع عن نفسها ضد الصواريخ التي تنطلق من غزة. وتلقى المسؤولون الإسرائيليون معاملة محترمة من مقدمي البرامج الإخبارية الأمريكية أكثر من مقدمي البرامج الإذاعية البريطانيين مثلا.
ورأت الصحيفة أن خلف السطح هناك سلسلة من الإشارات حول احتمال انقسام بدأ يظهر. فقد سمع وزير الخارجية جون كيري وهو يتحدث أمام الكاميرا بدون أن يعرف عن قصف إسرائيل لغزة وأنه "وخز موجع". و لم تعلق وزارة الخارجية الأمريكية على التعليق وإن كان مقصودا أم لا، إلا أن دبلوماسيين أمريكيين مثل كيري المرشح السابق للرئاسة الأمريكية عادة لا يرتكبون أخطاء مثل هذه.
وفي استطلاع أجراه معهد غالوب يوم الجمعة أظهر فجوة كبيرة بين الأجيال حول الموقف من إسرائيل. فبين الأمريكيين من الفئة العمرية 55 وما فوق أو 65 عاما وما فوق قالوا إنهم يدعمون إسرائيل وحربها الحالية، لكنّ المشاركين في الفئة العمرية بين 19-28 عاما وهم المستمعون لبرنامج جون ستيوارت وبنسبة 51% قالوا إن العمليات العسكرية في النزاع الأخير غير مبررة دعمت منهم نسبة 32% إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أنه لم يتم خدمة قضية إسرائيل من خلال الميل نحو التأثير على السياسات الحزبية ومواقف نواب الحزبين في واشنطن، وهي موجة حظيت بتشجيع من ميت رومني المرشح الجمهوري في انتخابات عام 2012 الرئاسية.
وقالت إنه عندما قرر سلطة الملاحة الجوية الأمريكية حظر السفر لإسرائيل يوم الأربعاء، اتهم النائب المحافظ تيد كروز الرئيس أوباما وإدارته ببداية "حملة مقاطعة لإسرائيل من أجل إجبارها على الاستجابة لمطالب سياسته الخارجية".
وبحسب ناثان ساش، الخبير في العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية في معهد بروكينغز فقد ساعد إعلام التواصل الاجتماعي على إعطاء التغطية للنزاع صورة كبيرة عن معاناة الفلسطينيين، ولكن الكراهية القوية تجاه حماس في الولايات المتحدة تمنع من حدوث أية تداعيات سياسية.
وقال: "إنه موضوع صعب بالنسبة لإسرائيل خاصة مع تزايد ظهور الصور ورعبها"، مضيفا: "لكنها ليست عن إسرائيل ضد فتح أو ضد انتفاضة شعبية، بل ضد حماس، مما يعني عدم ظهور أي تحول سياسي درامي".
ويشير التقرير إلى أن عددا من النجوم قاموا بإرسال تغريدات مؤيدة لإسرائيل مثل المغنية ريهانا ولاعب كرة السلة دوايت هاورد مع أنها قاما بحذفها فيما بعد.
وأوضحت الصحيفة أن المؤسسات الإعلامية التقليدية تعرضت لنقد كبير لتركيزها الشديد على معاناة الفلسطينيين العاديين أثناء الحرب. فقد نشرت صحيفة "ذا نيويورك اوبزيرفر" منافستها "نيويورك تايمز" على صدر صفحتها الأولى "أسبوعان من التغطية الجوفاء السطحية في نيويورك تايمز، غطت الصحيفة جانبا واحدا من الحرب في غزة".
وردت الصحيفة وقالت إن تغطيتها كانت "عظيمة ونزيهة". وفي الوقت نفسه نقلت شبكة سي أن أن صحافية من مكتبها في إسرائيل بعد أن أرسلت تغريدة عن مجموعة من اليهود الذين كانوا يضايقونها ووصفتهم بالقذرين.
ويناقش بعض النقاد فكرة تحيز الإعلام للفلسطينيين. فبحسب رولا جبريل من "أم أس أن بي سي" "نحن وبشكل مقرف متحيزون عندما يتعلق الأمر بهذه القضية، انظر للوقت الممنوح لكل من نتنياهو وجماعته على الهواء".
وأشارت الصحيفة إلى أن واحدا من الملامح المهمة في تغطية الحرب على غزة هو تراجع الاهتمام بالحروب الأخرى في المنطقة، فبحسب بعض التقديرات قتل حوالي 700 سوري في القتال في نهاية الأسبوع الماضي وهو ما لم يذكر إلا قليلا في الإعلام الدولي. وبحسب جويس كرم مسؤولة مكتب صحيفة "الحياة" في واشنطن فقد أرسلت تغريدة "سوريا هي غزة ضرب 320 وضرب 30 من اللاجئين ولكن لا تظاهرات في الباكستان".