لاجئون يعجزون عن الذهاب لفلسطين فيجذبونها إليهم (مصور)
عمان- محمد العرسان01-Aug-1408:24 PM
شارك
يطلق اللاجئون اسماء مدنهم على محلاتهم التجارية - عربي 21
"القدس، غزة، جنين"...ليست مجرد أسماء على جدران أو على قطع معدنية في مخيمات الشتات، بل هي استحضار لتاريخ ومدن سُلبت من شعب هجره الاحتلال من أرضه، شعب أصر على ربط مخيمات اللجوء في الأردن بالوطن الأم فلسطين بعد أن منعوا من زيارتها ليجذبوها إليهم وينقلوا مدنها إلى شوارع المخيم.
ففي مخيم الشهيد عزمي المفتي للاجئين الفلسطينيين في شمال العاصمة عمان، بادر مجموعة من الشباب بتسمية شوارع المخيم بأسماء مدن فلسطينية بعد العدوان الأخير على قطاع غزة.
فعندما تقول" أنا ذاهب إلى نابلس أو غزة أو الخليل أو بيت لحم" لا يعني بالضرورة انك ذاهب إلى فلسطين بعد أن باتت شوارع المخيم تحمل هذه الأسماء التي سرعان ما انتشرت بين أبناء المخيم الذي يفوق عدده الخمسين ألف لاجئ فلسطيني جلهم من الشباب.
ويقسم المخيم إلى أربعة أحياء كبيرة تضم شوارع رئيسية حيوية جميعها جرى تعليق لوحات عليها بأسماء المدن الفلسطينية، وسُمي أحد الشوارع الرئيسية في المخيم باسم مدينة غزة التي تتعرض لعدوان صهيوني، ورسم أبناء المخيم علم " إسرائيل" في أول أيام العيد في الشارع الذي يقع بالقرب من نادي الكرمل الرياضي ليطأه أهالي المخيم يوميا تعبيرا عن تضامنهم مع غزة.
ليث الدعوم أحد شباب المخيم ومن القائمين على المبادرة قال لـ"عربي 21" إن الفكرة بدأت "عندما سمعت بموضوع تسمية أحياء مخيم البقعة بأسماء مدن فلسطينية، عندها طرحت الفكرة على بعض الأصدقاء من المخيم وحاولت رسم آلية لتنفيذ مشروع مماثل في مخيمنا "مخيم الحصن".
وطُبقت هذه الفكرة في مخيم البقعة أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن، إذ يطلق أهالي المخيم هناك أسماء المدن الفلسطينية على أحياء المخيم كـ"القدس ونابلس والخليل" في محاولة من أبناء المخيم لتمجيد مدنهم الأصلية التي طردوا منها، ومحاولة لربط الماضي في الحاضر وإيقاد الذاكرة الفلسطينية عند أطفال المخيم من خلال تذكريهم بالمدن الفلسطينية المحتلة مثل "يافا وعكا وطبريا" وغيرها من المدن الأخرى.
و حول بدايات الفكرة قال الدعوم إنها "نالت إعجاب أغلب الشباب الذين عرضتها عليهم واجتمعنا سوية لصياغة تصور مبدأي للمشروع وكان هناك الكثير من الاقتراحات البناءة لإطلاق المبادرة وتنفيذها وأطلقنا عليها اسم "مبادرة انتماء".
وأضاف أن "اختيار أسماء المدن جاء على أساس التوزيع الجغرافي للمدن في فلسطين التاريخية والابتعاد عن المدن التي يتواجد فيها مخيم لاجئين أو نازحين، حيث تمت تسمية الشوارع الفرعية الكبيرة في المخيم بأسماء قرى فلسطينية على أن يتم مراعاة اختيار أسماء القرى التي كان لها دور في تاريخ الصراع العربي "الإسرائيلي" مثل قرية "يعبد" التي أستشهد فيها القائد عز الدين القسام.
كما تم تسمية الأحياء الأربعة في المخيم والتي يطلق عليها حاليا "بلوكات" بأسماء مدن فلسطينية تم تغير أسمائها بعد عام 1948، مثل "أم الرشراش" التي يطلق عليها الإسرائيليون اسم "إيلات" بحسب الدعوم.
وتمسك شباب المخيم بالمبادرة وعلقوا أسماء الشوارع الجديدة رغم ضغوطات الأجهزة الأمنية الأردنية التي طلبت منهم من خلال لجنة تحسين المخيم المعينة من الحكومة لإدارة الأمور الخدماتية إزالة اللافتات التي تحمل أسماء الشوارع الجديدة.
رئيس نادي الكرمل في المخيم ومدير مشروع التاريخ الفلسطيني الشفوي ركان محمود أكد لـ"عربي 21" على أهمية هذه المبادرات "في حفظ التاريخ الفلسطيني وإبقاءه حاضرا بعقول الأجيال المتعاقبة، منبها من محاولات " الكيان الصهيوني وجهات أخرى طمس أسماء ومعالم فلسطين".
و يدير محمود مشروعا مشابها يُعرف اللاجئين وخصوصا الشباب منهم بتاريخهم وأسماء قراهم ومدنهم التي أطلق عليها الكيان الصهيوني أسماء عبرية، وكما يقوم المشروع الذي ينشر على الإنترنت تحت اسم " الذاكرة الفلسطينية" مقابلات صوتية ومصورة مع لاجئين كبار بالسن يوثقون تجربة اللجوء، ويقدم المشروع نبذه تاريخية مع الصور للمدن الفلسطينية.
ويهدف الموقع لحفظ الذاكرة الفلسطينية من الضياع والعبث، خصوصا في ظل سعي الكيان الصهيوني لطمس هذا التاريخ فأول شيء فعله جيش الاحتلال بعد اجتياح بيروت في عام 1982 هو الاستيلاء على كل محتويات مركز الدراسات الفلسطينية -المكون من سبع طوابق- وذلك لتحقيق هدف واحد وهو طمس هوية الفلسطينيين من خلال طمسها لتاريخهم.
ولا يقتصر حضور فلسطين في مخيمات الشتات بالأردن على تسمية الشوارع فقط، إذ تمتد هذه التسميات إلى المحلات التجارية وجدران المخيم التي يسطر عليها اللاجئون الفلسطينيون حق العودة وصور فلسطين، وكما هو حال مخيم الشهيد عزمي المفتي والبقعة تجد في مخيمات أخرى كالوحدات والمحطة والحسين ومخيم إربد ومخيم غزة محلات تجارية تحمل أسماء مدن فلسطينية أو تحمل أسماء ذات دلالة وطنية كـ"محلات العودة".
رئيس نادي مخيم الوحدات الرياضي والنائب في البرلمان الأردني طارق خوري قال لـ"عربي 21" إن "دلالات عميقة وراء تسمية المحلات التجارية بأسماء فلسطينية بالمخيمات، بعد أن "نزعت القضية الفلسطينية من المناهج الأردنية بسبب معاهدات الاستسلام"، قائلا إن "السبيل الوحيد لإبقاء القضية الفلسطينية في عقول أطفالنا هو البيت والمبادرات التي نراها من تسمية شوارع ومحلات تجارية بأسماء مدن فلسطينية".
ويقطن في المملكة الأردنية الهاشمية إحصائيات وكالة الغوث الدولية (الأونروا) أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين يقيمون داخل 10 مخيمات تعترف بها المنظمة الدولية و 3 غير معترف بها، وحسب التصنيف الدولي هناك قسمين من فلسطيني الشتات فمنهم ما يطلق عليهم اسم لاجئون عام 1948، وهناك النازحون الذين نزحوا نتيجة حرب 1967 وجميهم يستفيدون من خدمات الوكالة.