دعا العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني،
المجتمع الدولي إلى "مساءلة
إسرائيل عمّا ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين في
غزة"، رافضا "المزايدات على موقف الأردن".
وقال العاهل الأردني في مقابلة مع صحيفة "الغد" الأردنية (مستقلة) إنه "كان بإمكاننا تصدر عناوين وسائل الإعلام خلال العدوان، عبر تصريحات وشعارات شعبية، لكننا نفضّل العمل بفاعلية وروية لإنهاء العدوان الإسرائيلي ورفع المعاناة وضمان استمرار خطوط المساندة إلى أهلنا في غزّة"، دون إضافة المزيد من التفاصيل عن كيفية هذا العمل.
وحذّر الملك في المقابلة التي نشرت الأحد من "تكرار الحرب الإسرائيلية على غزة طالما ابتعد السلام"، وقال إن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل النزاع العربي الاسرائيلي وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة كلها".
وتشن إسرائيل عدوانا على قطاع غزة منذ السابع من تموز/ يوليو الماضي، بدعوى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من غزة على بلدات ومدن إسرائيلية، التي أسفرت عن مقتل 1917 فلسطينيا وإصابة نحو 10 آلاف آخرين بجراح حتى الأحد، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، إضافة إلى دمار مادي واسع في القطاع الذي يقطنه أكثر من 1.8 مليون فلسطيني.
وقال العاهل الأردني: "سنستمر في توظيف علاقات الأردن وحضوره في المنابر الدولية مثل مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان من أجل وقف نهائي للعدوان ومنع تكراره وحشد الجهود الدولية لإعمار غزة، وإيجاد الأرضية المناسبة لإعادة إطلاق مفاوضات قضايا الوضع النهائي بشكل حاسم، وبما يحقق السلام على أساس حل الدولتين وفق المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، وبما يلبي طموحات الشعب الفلسطيني، ووفاء لتضحياته ودماء شهدائه".
وفيما يتعلق بالشأن السوري أعاد الملك عبد الله التأكيد على أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد بين جميع المكونات السورية، وقال إنه "لا يوجد حل سريع أو فوري أو عسكري للأزمة السورية، وتنامي التطرف يزيد من تعقيد المشهد، والتطورات التي نشهدها هي وصفة للدمار ولتسريع تصدير الأزمة من سورية إلى الجوار".
وأشار العاهل الأردني إلى "مواصلة بلاده احتضان اللاجئين السوريين رغم ما يسببه اللجوء من ضغط على الدولة".
ولفت إلى وجود "تقصير دولي" في دعم اللاجئين، وقال إن "حجم الدعم لم يرق إلى مستوى الأزمات التي نعايشها والأعباء الضخمة التي نستمر في تحملها، في ظل تنامي أعداد اللاجئين وما يسببه من تزايد الضغوطات المالية غير المسبوقة، واستنزاف البنية التحتية والخدمات الأساسية للأردنيين، وعدم مواكبة الدعم الدولي لتسارع تبعات أزمة اللجوء السوري".
ويعد الأردن من أكثر الدول المجاورة لسوريا استقبالا للاجئين السوريين، وتأثرا بالأزمة السورية منذ اندلاعها منتصف آذار/ مارس 2011، وذلك لطول الحدود البرية بين البلدين، والتي تصل إلى 375 كلم.
ويتجاوز عدد السوريين في الأردن، بحسب مسؤولين أردنيين، المليون و300 ألف، بينهم نحو 600 ألف لاجئ مسجل لدى الأمم المتحدة، في حين دخل الباقي قبل بدء الأزمة السورية بحكم علاقات عائلية وأعمال التجارة.
وحول تطورات الأوضاع في العراق، قال العاهل الأردني إن "الحاجة باتت ملحة لانتهاج سياسات عادلة تُشرِك الجميع في السلطة وفي بناء الدولة، وترسخ شعور جميع العراقيين بأنهم شركاء حقيقيون في صناعة مستقبل العراق".
ودعا عبد الله الثاني إلى "حماية جميع الطوائف الدينية ذات الوجود التاريخي والأصيل في المنطقة وخاصة الهوية المسيحية".
والشهر الماضي، خير تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الموصل ، أحد أبرز معاقل التنظيم في العراق، المسيحيين المتواجدين في المدينة بين اعتناق الإسلام أو إعطائهم عهد الذمة (أي دفع الجزية مقابل الأمان) أو مغادرة المدينة دون ممتلكاتهم باعتبارها "غنائم".
وقال الملك عبد الله إن "أخطر الحروب في التاريخ هي الطائفية والمبنية على رفض الآخر لأنها تمزق النسيج الاجتماعي للدول وتؤدي إلى تفكيك مؤسساتها والعودة إلى هويات فرعية هدّامة لا تؤمن بالتعددية والتنوع وقبول الآخر".
وطالب "عقلاء الأمة والإقليم" بـ"التوحد في موقفهم وألا يسمحوا للمتطرفين بمصادرة مصير المنطقة ومستقبل أجيالها والاستمرار في تعطيل طاقاتها".
وجدد العاهل الأردني تحذيره من خطورة "استغلال الدين لأغراض سياسية"، وضرورة "نبذ خطاب العنف الطائفي والفرقة المذهبي"، والنهوض بمجتمعاتنا العربية والإسلامية "بالمشاركة لا المغالبة"، وتبني قيم الديمقراطية والشورى التي "تمثل جوهر الإجماع السياسي في الإسلام".