أظهر تحليل للغة الجسد قام به
خبير إعلامي في بروكسيل، أن ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو في
مؤتمره الصحفي ليل الأربعاء، 20 آب/ أغسطس في حالة
مكابرة واضحة، وبدا متصنِّعاً وغير متوافق في ظاهر حركاته وإيماءاته مع نفسيّته الداخلية.
أمّا الوزير موشيه
يعالون فتشكّلت إشارات توحي وكأنه في جلسة مساءلة في خريف المنصب الرسمي، محاولاً التملّص من حالة حرج إزاء الجمهور، مع محاولات حثيثة منه لم تنجح في ضبط انفعالات نصفه الأعلى الظاهر فوق الطاولة.
وعلق المستشار الإعلامي والخبير في الشؤون الأوروبية حسام شاكر، أنه يمكن قراءة ذلك في سياق مؤتمر صحفي تبريري، "تمّ فيه التملص من شؤون الميدان إلى جوانب سياسية وعلاقات إقليمية؛ بل إلى تطوّرات ميدانية خارج جغرافيا فلسطين المحتلة، مثل ما يجري في العراق وسورية ومحاولة تشبيه بالحالة في قطاع غزة".
وأضاف الخبير الإعلامي، "لقد أمعن نتنياهو في مؤتمره الصحفي ليل الأربعاء في محاولة استحضار مهاراته المعروفة عنه في الأداء ولغة الجسد، لكنه بدا في حالة غير متوافقة مع الذات بالمطلق، فقد ظهر متصنِّعاً بوضوح، وكأنه يتقمّص دور القيادي المتمكِّن، دون أن ينجح رأس القرار الإسرائيلي في نفي العجز عن موقفه الميداني".
وبحسب التحليل، فإن "الإشارة الأهم في لغة جسد نتنياهو ليل الأربعاء، أنه قدّم جبهة رأسه وأرجع ذقنه إلى الخلف، وذلك في معظم وقت المؤتمر الصحفي، يُفصح ذلك عن حالة مُكابرة دفاعية غير واقعية، فالجسد في وضعية انسحاب خلفي، بينما جبهة الرأس تتقدّم في وضعية عناد ومكابرة".
وأوضح الخبير الإعلامي، أنه يمكن قراءة رسائل متعدِّدة في نظرات نتنياهو التي خرج بها على الجمهور، منها "التوتّر الكامن المشبّع بروح انتقام. كما لا يمكن الحكم على نظراته الحادّة من عينين جاحظتين على غير عادتهما؛ سوى أنها مُفتعلة للغاية ولم تنجح في إظهار أيّ تصميم".
وأضاف أن "تحليل لغة الجسد مع السياق المنطوق، ينسجم ذلك مع حالة التصعيد اللفظي التي برز فيها نتنياهو، دون أن يبرهن في مضامينها النصيّة على منطقية تصعيده هذا بالمعطيات الواقعية، فلم يعرض أيّ إنجاز في الميدان مثلاً، كما لم يعلن عن أيّ هدف قابل للتحديد يسعى إليه في كلّ ما يجري".
وتابع شاكر في تحليله، إنّ "مشهد التصنّع الذي غلب على بنيامين نتنياهو في ظهوره ليل الأربعاء، كان يتوافق مع انصرافه إلى زوايا متعددة من التناول في مضامين حديثه، بعيداً عن صميم موضوع الساعة المتمثل بالواقع الميداني المتصاعد بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية".
وأوضح أنه في "لغة جسد رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال حديثه المستفيض عن "داعش" مثلاً، وهي إشارة موجّهة لتبرير العجز الميداني أمام المقاومة الفلسطينية أسوة بإعلان دول كبرى عن عجزها في مواجهة ظاهرة "داعش"؛ كان نتنياهو يستدعي اللغة نفسها ذات الطابع التمثيلي المبالغ به، التي اعتاد البروز بها خلال عقد كامل في شتى المحافل خلال حديثه المألوف عن "الخطر الإيراني".
وتابع شاكر تحليله، أنه في الوقت الذي "حاول بنيامين نتنياهو استدعاء مهاراته المعروفة عنه في الأداء التمثيلي على منصّات الحديث؛ فإنّ موشيه يعالون، أو "بوجي" كما يسميه جمهوره، يفتقر تماماً لهذه المهارات في الظهور، ولذا بدا في حالة تقوقع وانكماش رغم تصنّعه".
وأضاف "لقد ظهر يعلون بإيماءات وجهه واتجاهات نظراته، في معظم المؤتمر الصحفي، وكأنه في جلسة استجواب أمام لجنة تحقيق. إنها الحالة التي يحاول فيها المسؤولون التحرّر من ضغوط النقد والمساءلة الموجّهة إليهم عن أدائهم وعن المصائر السيئة التي قادت إليها قراراتهم.
ولفت الخبير الإعلامي، إلى أن يعالون لم يتوجّه ببصره بصفة مباشرة ومستقرّة إلى من يجلسون قبالته، وكان يتقلّب بوجهه بصورة ملفتة للانتباه إلى حدّ تفحّص وجه نتنياهو الجالس إلى يساره، بل ذهب إلى حد تلقينه نتنياهو كلمات في سياق غير عسكري. يمكن فهم ذلك بمحاولة مفارقة السياق النفسي الواقعي الذي يجد يعالون نفسه فيه، وليصرف نظر المشاهدين عن نفسه أيضاً بصورة غير واقعية؛ عبر تسليط بؤرة الموقف على نتنياهو.
وأشار شاكر في تحليل عن الكيفية التي حاول يعالون أن يبدو متماسكاً؛ إلاّ أنه حركات أصابعه لم تعكس أيّ ارتياح". وأضاف "كان واضحاً كيف عمد بشكل متكرِّر إلى ضبط حركات الأيدي والأصابع، بدفع الأنامل إلى وضعية إطباق تقابلي مفتعلة بين اليدين، وهو ما يأتي عادة لمحاولة تحييد أي تصرّف سلبي الدلالة في اليدين من خلال ضبطهما ببساطة دون حراك.
وختم الخبير الإعلامي تحليله بأن نتنياهو كان يعجز عن الاحتفاظ بهذه الوضعية غير التلقائية، فيميل إلى تشبيك الأصابع بين الحين والآخر، أو إخفاء يد تحت الأخرى، في إشارة إلى تورية موقف أو التغطية على حقائق وكبت التوتر الداخلي. وما يعزِّز دلالة هذه الإشارات هو اضطرار يعلون إلى سحب يده اليمنى مراراً لحكّ جانبه وظهره مراراً على مرأى من ملايين المشاهدين.