كتب عمدة مدينة لندن
بوريس جونسون مقالا في صحيفة "ديلي تلغراف"، يشكو فيه من عدم تمكن الشرطة من توجيه تهم للعائدين من القتال في سوريا لعدم توفر الأدلة، داعيا إلى تغيير طفيف في القانون لكي يسمح بما يسميه "الافتراض القابل للدحض" لتوجيه تهم ومحاكمة العائدين من سوريا.
ويبدأ مقالته بالقول إنه استمع لصوت الرجل الذي ادعى أنه قتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي، وإنه لا يشك في أن المتحدث نشأ في
بريطانيا وأنه ولد في أحد المستشفيات الرائعة فيها وتعلم فيها عاش حياة مريحة في ظل نظام الضمان الاجتماعي المتوفر في البلد، ولكنه اختار هذه الطريقة لسداد الدين بالإرهاب وبإعلان الولاء لدولة بربرية (
داعش) وبقتل صحفي بريء.
ثم يسخر من أمثاله من هؤلاء الشباب قائلا إنهم يلقّنون بأنهم إن قتلوا في المعركة فسوف يفوزون باثنين وسبعين عذراء، ويقول إن كثيرا منهم يصدقون ذلك مع أن العلماء يقولون إن الإشارة إلى "الحور العين" هي إشارة إلى 72 زبيبة. ولكن ليس هذا ما يهمه وإنما ما يهمه هو أن يأتي أحدهم بقنبلة خارقة للملاجيء تقوم بايصال هؤلاء "الذين يحملون معتقدات غريبة" إلى تلك المرحلة، وليحصل معهم بعد ذلك ما يحصل.
ثم يقول إن علينا أن نقرر بسرعة بخصوص هذه "الخلافة"؛ فيجب أن نقرر ماذا نفعل تجاه هذه الدولة الجهنمية وماذا نفعل بالبريطانيين الذي يذهبون ليقاتلوا تحت لوائها، فمخابيل داعش يسيطرون على مساحة تضاهي مساحة بريطانيا ولديهم مخزون جيد من النفط وعدد سكان يصل إلى 6 ملايين نسمة وبعض الصناعات وقوة عسكرية "تأتي بالمرتبة الثانية بعد إسرائيل"، وأنا أعرف أنه ليس من السهل القيام بفعل تجاههم وأفهم لماذا يقول البعض "دع التاريخ يأخذ مجراه".
ويضيف أنه لا أحد يستطيع القول إن العمليات الغربية السابقة توجت بالنجاح، فواضح تماما الآن للجميع (ما عدا المجنون طوني بلير) أن الأمور أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل الإطاحة بصدام. فكيف يمكن أن نضمن نتائج أحسن هذه المرة؟ فلمواجهة داعش نحتاج إلى حملة منسقة وكبيرة من عمليات الطائرات بدون طيار والقوات الخاصة، فهل لدى أمريكا ولدينا الإرادة الكافية؟
وعلينا هذه المرة أن نأمل في ضمان اتباع النظام في العراق طريقا تعدديا بدلا من الطائفية العمياء، أي أن علينا أن نكسب السنة المستائين الذي يربطون أنفسهم الآن بالإرهابيين. كما أن علينا أن ندرك أنه وبالرغم من عدم تأييدنا للأسد، كما أكد فيليب هاموند، فإن تحركا كهذا سيستفيد منه الأسد وحزب الله، حيث إنه من الصعب ضرب طرف دون إفادة الطرف الآخر.
وقال إنه "يتم وزن هذه الخيارات كلها في لندن وواشنطن مع ضرورة عدم الالتزام بجنود على الأرض وليس هناك خيار جذاب، ولكن أسوأ الخيارات هو عدم فعل شيء. فإن لم نفعل شيئا تجاه داعش نكون قد قبلنا أولا بتغيير كبير في الحدود الدولية، وثانيا نكون قد سمحنا لنظام فظيع أن يولد حيث يتسابق فيه الجهاديون الذين يلوحون بالأعلام السود في إثبات أنهم يحملون فهما متعصبا لدينهم عن طريق قمع النساء واليهود والمسيحيين والإيزيديين والشيعة، وسيكون المكان بيئة خصبة لتدريب
الإرهابيين والراغبين في الانضمام للجهاديين، فيجب علينا إغلاق المكان قبل أن يتحول إلى ما ذكرت".
وأضاف أن "علينا أن نكون فعالين في منع البريطانيين والأجانب الآخرين من الوصول إلى هناك (فأود أن أعرف كم عدد البلجيكيين هناك). وعلى الأتراك أن يغلقوا حدودهم، وعلينا أن نقول بوضوح إن ذهابك للعراق أو لسوريا دون سبب جيد سيعرضك للاعتقال. فحاليا تجد الشرطة أنه من الصعب منع الناس من الطيران من خلال ألمانيا ثم عبور الحدود والقيام "بالإرهاب الجهادي" ثم العودة حيث تقوم الشرطة بمقابلة العائدين، ولكنها لا تستطيع توجيه التهم لهم دون امتلاك أدلة. ولذلك فإن هناك حاجة لتغيير القانون قليلا بحيث يكون هناك "افتراض قابل للدحض بأن كل من يزور مناطق حرب دون إعلام السلطات قاموا بذلك لأهداف إرهابية".
ويشير إلى أن "هناك حوالي 500 إلى 600 بريطاني هناك اليوم في غالبيتهم شباب، وعندما تكون هناك محاولة جادة لمواجهة داعش فسيعود غالبيتهم بسرعة وسيكون بعضهم أكثر خطرا من الآخرين. ولكن الإشارات هي أن غالبية المهرجين مثل أولئك الذين يعكس صورتهم الفيلم الفكاهي (Four lions) قد عادوا ولم يبق هناك إلا المتشددين، فعندما يعودون يجب مراقبتهم على الأقل، ويجب علينا أن نراجع مرة أخرى نظام مراقبة هؤلاء الناس".
ولا يستبعد الكاتب أن "يعارض الحزب الليبرالي الديمقراطي أي عودة لأوامر المراقبة، ولكن حتى نك كليغ يدرك أن الزمن تغير. وإن كان علينا إعادة استخدام
أوامر المراقبة للتعامل مع المخاطر الأكثر جدية، فيجب علينا أن نفعل ذلك مباشرة. وإن لم يعودوا واستمروا في إعطاء ولائهم لدولة إرهابية فإن علينا سحب جنسياتهم بكل تأكيد".
ويختم بالقول: "سيكون كل هذا صعبا، ولكن المشكلة تفاقمت بسرعة عالية وقد تسوء أكثر من ذلك. فما الفائدة من وجود ميزانية دفاع إن لم نحاول على الأقل منع قيام "خلافة" إرهابية تعادي القيم الحضارية؟ وإن لن تفعل شيئا، فإننا سنجد مد الإرهاب يطرق أبوابنا".