صمدت هدنة مفتوحة في حرب
غزة، حتى اليوم الأربعاء، في الوقت الذي يتعرض فيه رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو لانتقادات حادة في
إسرائيل بسبب حرب مكلفة مع المقاومة الفلسطينية أسفرت عن الاستجابة للمطالب الآنية لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وفي شوارع قطاع غزة توجه الناس إلى المتاجر والمصارف في محاولة لاستئناف حياتهم الطبيعية بعد سبعة أسابيع من العدوان.
وعاد آلاف فروا من المعارك ولجأوا إلى الإقامة في المدارس أو مع أقاربهم إلى منازلهم، لكن الكثيرون لم يجدوا سوى الركام.
وداخل الأراضي المحتلة، صمتت صفارات الإنذار التي تحذر من الصواريخ القادمة من قطاع غزة، لكن معلّقين إسرائيليين أبدوا خيبة أملهم إزاء قيادة نتنياهو لأطول جولة قتال بين الاحتلال والفلسطينيين خلال عشر سنوات.
وعبّر أعضاء في الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو أيضا عن خيبة أمل مماثلة.
وكتب المحلل الإسرائيلي، شيمون شيفر، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" وهي أكثر الصحف الإسرائيلية مبيعا: "بعد 51 يوما من العدوان الذي قتل فيه عشرات الجنود الإسرائيليين إلى جانب تدمير أسلوب حياتنا اليومية ووضع البلاد في محنة اقتصادية، كنا نتوقع أكثر من إعلان وقف إطلاق النار".
وأوضح شيفر: "كنا نتوقع أن يذهب رئيس الوزراء إلى مقر الرئيس ويبلغه بقرار الاستقالة من منصبه".
ويعقد نتنياهو مؤتمرا صحفيا مساء الأربعاء، حيث يتوقع أن يكون هذا أول تصريح علني يدلي به منذ أن بدأ تنفيذ اتفاق هدنة تم التوصل إليه بوساطة مصرية مساء الثلاثاء.
ويتعرض نتنياهو لهجوم مستمر من وزراء حكومته المنتمين لأقصى اليمين المطالبين بتحرك عسكري لإسقاط "
حماس".
ومن جهته، قال الوزير في حكومة نتنياهو، عوزي لانداو، وهو من حزب "إسرائيل بيتنا" في أقصى اليمين لراديو إسرائيل: "إنهم يحتلفون في غزة.. إن نتائج الحرب بالنسبة لإسرائيل قاتمة للغاية، لأنها لم تحقق الردع الكافي الذي يمنع حماس من مهاجمة إسرائيل مجددا".
وأبدى أحد أبرز الكتاب في الصحف الإسرائيلية، ناحوم بارنيا، قلقه قائلا: "بدلا من تمهيد الطريق للقضاء على التهديد من غزة، فنحن نمهد الطريق للجولة المقبلة في لبنان أو غزة".
وكتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت": "توقع الإسرائيليون زعيما رجل دولة يعرف ما يريد أن يحققه. شخص يتخذ قرارات وينخرط في حوار صادق وحقيقي مع مواطنيه، ولكنهم حصلوا على متحدث متمرس ليس أكثر".
وكتب بن كاسبيت في صحيفة "معاريف" إن "إسرائيل لم يتحقق لها النصر في صراع أسفر عن انهيار صناعة السياحة واقتراب الاقتصاد من الركود".
ولكن مراسل الشؤون العسكرية في يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، دافع عن نتنياهو، وكتب: "يمكن أن يحسب لرئيس الوزراء ووزير الدفاع أنهما أدركا عدم جدوى هذه المواجهة من اللحظة الأولى، وانتهزا كل فرصة ممكنة لوقف إطلاق النار".
وقدّر البنك المركزي الإسرائيلي أن يتسبب الصراع في تراجع معدل النمو المتوقع هذا العام نصف نقطة كاملة.
لكن مع انتظار نتائج الخطوات الدبلوماسية المتوقعة بشأن غزة، لم يكن هناك حديث علني بين شركاء نتنياهو في الائتلاف عن أي تحرك لفضه.
وفي مؤشر آخر على تأثير الهدنة، خففت مصر الإجراءات المشددة على معبر رفح مع غزة، وذكر بيان لبرنامج الأغذية العالمي أن مصر سمحت لإمدادات البرنامج التي تحتوي على شحنة من 25 ألف طرد غذائي بدخول القطاع الساحلي للمرة الأولى منذ عام 2007.
وسمح الاحتلال بانتظام بدخول شحنات سلع غذائية وانسانية أخرى إلى غزة من خلال المعبر عبر حدودها أثناء القتال الأخير أيضا.
وذكر موقع للحكومة على الإنترنت أن 5359 شاحنة تحمل سلعا عبرت معبر كرم أبو سالم مع غزة منذ الثامن من تموز/ يوليو، وهو اليوم الذي اندلع فيه القتال.
وقال الاحتلال إنه سيستهل تدفق السلع المدنية والمساعدات الإنسانية والخاصة بإعمار القطاع إذا حدث التزام باتفاق وقف إطلاق النار.
لكن كوهين قال: "حماس لن تحصل على ميناء إذا لم تعلن أنها ستنزع سلاحها. لن تحصل حتى على مسمار واحد ما لم نتأكد من أنه لن يستخدم في تعزيز القوة العسكرية لغزة".
وفي السياق، يقول مسؤولون بقطاع الصحة الفلسطيني إن 2139 شخصا معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من 490 طفلا استشهدوا في قطاع غزة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة في الثامن من تموز/ يوليو الماضي، بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية من غزة على الأراضي المحتلة.
وقتل 64 جنديا إسرائيليا، وثلاثة آخرين إلى جانب أسر جندي إسرائيلي على يد كتائب "القسام".
ودعا اتفاق وقف إطلاق النار الأخير إلى وقف القتال لأجل غير مسمى، وفتح معابر غزة مع إسرائيل ومصر على الفور، وتوسيع المنطقة المخصصة للصيد في مياه البحر المتوسط قبالة القطاع.
وأبدى مسؤول كبير في "حماس" استعدادا لأن تسيطر قوات أمنية تابعة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وحكومة الوحدة التي شكلها في حزيران/ يونيو على المعابر الحدودية.
وقال مسؤولون إنه بمقتضى المرحلة الثانية من الاتفاق والتي ستبدأ بعد شهر سيناقش الاحتلال والفلسطينيون بناء ميناء بحري في غزة وإطلاق الاحتلال سراح أسرى "حماس" في الضفة الغربية وربما مبادلتهم بأسرى ورفات جنود إسرائيليون لدى "حماس".