تعمل البريطانية مارغو أندرسون متجاوزة سن التقاعد لتدخر مالا يكفيها للسفر إلى أقصى جنوب الأرجنتين لتسبح في المياه المتجمدة القريبة من القطب الجنوبي.
وتقول هذه السيدة البالغة من العمر 67 عاما: "إن كان ذلك آخر شيء أقوم به في حياتي فسأموت بعدها بسلام".
وتستعد مارغو للقفز في المياه التي تبلغ حرارتها درجتين مئيوتين، في لاغو أرجنتينو، وهي ضمن مجموعة من 53 شخصا قصدوا منطقة باتاغونيا في جنوب الأرجنتين، من بينهم ستة أشخاص فوق الستين من العمر، للمشاركة في مسابقة للسباحة في الشتاء الجنوبي تنظم لأول مرة.
والمشاركون من دول عدة، منها روسيا وأستونيا وبولندا وإيرلندا.
ويجري ذلك في ظل أحوال جوية سيئة، إذ تمطر السماء وترعد وتهب رياح باردة، لكن ذلك لا يوهن عزيمة المتسابقين.
ووسط صيحات التشجيع من الأقرباء، من أولاد وأحفاد، يقفز المتسابقون في مياه قطبية تطفو على سطحها قطع من
الجليد.
وتقول مارغو إنها تفضل الشتاء الجنوبي القارس على الصيف الأوروبي الحار، كما تصفه، وتضيف: "لدي ثلاث حفيدات يقلن إن جدتهم مجنونة".
وورثت مارغو هواية السباحة في المياه المجلدة عن والدها وجدها، وما زالت تحتفظ بصور لهما وهما يسبحان في الجليد.
وتكسبها هذه الرياضة القاسية شعورا بتجدد الشباب، وتقول: "يمنحني هذا التحدي شعورا بالحياة".
ومع أن مارغو جاوزت سن التقاعد، إلا أن رغبتها في المشاركة في هذه النشاطات تدفعها إلى مواصلة عملها بدوام جزئي، في مجال المساعدة الاجتماعية وتحديدا في مؤسسة للأطفال المعوقين في إنجلترا، لتوفير المال اللازم للسفر والمشاركة في هذه المسابقات.
وخلال الشتاء في بلدها، لا تنقطع عن ممارسة الرياضات الصعبة، ففي شباط/ فبراير الماضي، حققت هذه السيدة التي سبق أن عملت في مجال الإنقاذ البحري، إنجازا رياضيا إذ قطعت مسافة ألف ميل بحري (1852 مترا) في بحيرة في خمسين دقيقة.
تروي مارغو، مع صديقتها العزيزة جاكلين كوبيل ذات الستين عاما، كيف تتمرنان على السباحة في الجليد "نملأ حوض الحمام بالمياه والثلج، وننزل فيه ومعنا عداد وقت، لنقيس الوقت الذي نصمد فيه في حرارة متجمدة".
وبفضل هذه التمارين، باتت مارغو وجاكلين قادرتين على السباحة لمسافة 1600 متر في جو بارد وحرارة قد تنخفض إلى 20 درجة تحت الصفر.
وتقول جاكلين: "كل تمرين في الحوض يشكل تحديا قائما بذاته، وكل غطسة في حوض المياه المثلجة يعطي شعورا مختلفا عن غيره".
وبدأت جاكلين بهذه الرياضة في سن الخامسة والخمسين، وهي تحتفظ منذ العام 2010 برقم قياسي لأطول وقت يستغرقه سباح في اجتياز بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا.
وتقول: "استغرقت الرحلة 28 ساعة و44 دقيقة لأصل من
بريطانيا إلى فرنسا، في سباحة متواصلة".
وهي تعتبر أن رياضة السباحة في المياه المتجمدة "مفيدة للقلب والعقل والروح".
وإلى جانب جاكلين ومارغو، يقف البولندي ليش بيدناريك البلغ 73 عاما متأملا المياه المتجمدة.
ويقول: "في كل مرة اسبح فيها بالجليد أشعر أني ولدت من جديد"، آملا في أن تنتقل هذه الهواية إلى سكان دول أميركا الجنوبية.
ويوافقه الشاب الأرجنتيني ماتياس أولا، ذو الأعوام التسعة والعشرين، قائلا: "أحلم بأن ننظم بطولة للعالم في السباحة في الجليد هنا في باتاغونيا".