يبدو أن تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" في شرق العراق يثير حالة من الخوف والقلق لدى الجار
الإيراني. فسرعة انتشار الشائعات رغم تكذيب السلطات لصحتها يشي ببوادر حرب نفسية.
ثمة شائعة غريبة يتداولها الإيرانيون على هواتفهم المحمولة منذ أسابيع؛ تقول إن تمرا في أسواقهم حقن "بمواد كيماوية سامة" من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية". هذا على الأقل ما نقله موقع "تابناك" المحافظ. الشائعة انتشرت بسرعة قياسية دفعت السلطات الصحية الإيرانية إلى نفيها مؤكدة أن "التمر في الأسواق هو تمر إيراني المصدر" حسب موقع "خبر آيلاين".
ويبدو أن الإيرانيين الذين اعتادوا السخرية حتى من الأخبار الجسام، خرجوا هذه المرة عن عادتهم ما يشير إلى حالة قلق واقعية. قلق من اقتراب مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" من حدودهم، الأمر الذي أعاد إلى ذاكرتهم أبشع أيام الحرب العراقية – الإيرانية التي دامت زهاء 8 سنوات (1980- 1988)، والتي خسروا خلالها نصف مليون شخص.
إيران في مرمى تنظيم "الدولة الإسلامية"
وأثار استيلاء "
تنظيم الدولة" على بلدة
جلولاء العراقية في 11 آب/ أغسطس، حالة من الذعر لدى المواطنين الإيرانيين. البلدة على مسافة 30 كلم من الحدود مع الجار العراقي، وقوات البشمركة الكردية ما زالت تقاتل لاستعادتها.
جهاديون إيرانيون في صفوف "تنظيم الدولة"
وأشارت بعض المواقع الإعلامية الإيرانية إلى انخراط عدد من الإيرانيين في صفوف التنظيم، لكن هذه الظاهرة تظل محدودة. وتتخوف طهران من تسلل "داعش" إلى أراضيها عبر بوابة الأقلية السنية الإيرانية المهمشة التي يقطن أبناؤها في المناطق الحدودية، كردستان في الغرب وبلوشستان في الشرق. ولكن هذا التخوف من "انتفاضة" سنية لا أساس له ويستبعده عدة خبراء بشؤون المنطقة.
ويرى الصحافي الإيراني الكردي سمان راسوبور، أن احتمال اختراق كبير لتنظيم "الدولة الإسلامية" في المنطقة الكردية الإيرانية ضعيف للغاية. قد تجد إيديولوجية "داعش المتشددة آذانا صاغية لدى أقلية من الكرد ولكن الأغلبية الكردية تتبنى ثقافة علمانية". ويسترجع سمان ذكرياته مطلع القرن الحالي وكان وقتها يعيش في المنطقة الكردية من إيران ويتذكر رؤيته لجماعة من السلفيين في المنطقة "يحرضون على الجهاد ولكن تأثيرهم كان محدودا للغاية".
الوضع في بلوشستان على الحدود مع باكستان قد يبدو مختلفا وأكثر خطورة. فالإقليم الذي تقطنه أغلبية سنية فريسة لعمليات خطف ولاعتداءات يتبناها "جيش العدل" الإسلامي. وكانت هذه الجماعة المتشددة أعطت طهران في 22 آب/ أغسطس مهلة للانسحاب من بلوشستان قبل حلول فصل الربيع. ولكن هدف "جيش العدل" رغم قربه من فكر "داعش" المتشدد يظل استقلال بلوشستان وليس الانضمام إلى الخلافة.
استخبارات إيرانية "شديدة الفاعلية"
يضاف إلى ما سبق أن السلطات الإيرانية تراقب عن كثب أي نشاط ""للمتشددين السنة" على أراضيها وذلك منذ سنوات وقبل نشوء تنظيم "الدولة الإسلامية". فتفكيك خلايا "القاعدة" في إيران كان من الأولويات، ويشير أكثر من مصدر إلى أن عدد عناصر التنظيم المذكور الذين يرزحون في السجون الإيرانية لا يزال مرتفعا.
وطهران التي تعي أن الحرب تخاض على المستوى النفسي نددت عبر وسائل إعلامها الرسمية ببث "الأخبار المغلوطة التي تهدف إلى رفع معنويات إرهابيي داعش بعد الضربات التي تلقوها من الجيش العراقي".
ويضيف البيان نقلا عن "مصدر أمني مطلع، أن الاستخبارات تسيطر بشكل كامل على الوضع عند الحدود، وجاهزة في أية لحظة للرد بعنف على أية محاولة اقتراب للإرهابيين من أراضيها".
وفي النهاية، فإن طهران تبدو مستعدة لهذه المعركة التي لن يكون الميدان فقط مسرحها ولكن أيضا
الرأي العام.