يحتفل سكان حي "ويست بوينت" المكتظ في العاصمة الليبيرية مونروفيا، برفع
الحجر الصحي الذي استمر أياما طوال، إثر فرضه بسبب مخاوف من انتشار فيروس إيبولا، فيما اعتبر البعض أن الحكومة كانت مخطئة عندما فرضته في البداية.
وعندما زار مراسل وكالة الأناضول الحي السكني، كان شاغلوه يبتسمون ويرقصون ابتهاجا.
ولم تعد مظاهر الأمن (كالأسلاك الشائكة التي تحيط منافذ الدخول، وأفراد الأمن الذين يطوقون الحي لمدة أسبوعين) تقريبا مرئية في أي مكان.
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال "توماس تويه"، الذي ينسق توزيع المساعدات الغذائية في الحي: "نحن سعداء بأن الطرق مفتوحة الآن، ويمكننا الآن أن نمارس حياتنا ونتصرف بشكل عادي، لكن في البداية، كنا مثل السجناء".
والسبت الماضي، قررت الحكومة الليبيرية رفع الحجر الصحي في محاولة لتخفيف حدة التوتر في المجتمع، وذلك بناء على توصية من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، وهي أعلى هيئة في البلاد لاتخاذ القرار بشأن القضايا الصحية.
وفي تصريح لوكالة الأناضول آنذاك، قال مساعد وزير الصحة لشؤون الخدمات الوقائية، "تولبرت نيينسواه"، إن القرار اتخذ على أساس التعاون الذي رأوه من قبل السكان المحليين.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، استيقظ سكان "ويست بوينت"، ليجدوا أن حيهم محاط بالأسلاك الشائكة، وتحاصره قوات الأمن.
وجاءت هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة لاحتواء تفشي فيروس إيبولا القاتل في البلد الواقع في غرب أفريقيا.
ولكن القيود المفروضة على الحركة، أثارت اشتباكات بين قوات الأمن والسكان المحليين، أسفرت عن إصابة صبي (16 عاما)، واثنين آخرين بجروح.
وبعد رفع الحجر الصحي، فتحت المؤسسات التجارية في "ويست بوينت" أبوابها، في حين عاد إلى الشوارع النساء اللواتي يكسبن قوت يومهن من بيع السلع الصغيرة.
وقالت "ماري توغباه"، وهي إحدى المشاركات في الاحتفال: "أنا أرقص لأنني أستطيع الآن أن أخذ بضاعتي في الصباح إلى السوق لبيعها وإطعام أطفالي".
وأوضحت في حديث لوكالة الأناضول، أن حقيقة أنها عادت مجددا إلى الشارع لبيع الفلفل، مما يمكنها من إطعام أولادها وأحفادها سبب كاف للرقص.
وعلى الرغم من السعادة البادية عليهم، أصر عدد من السكان أن الحجر لم يكن ضروريا من البداية، حيث اتهم الكثيرون الحكومة بالفشل في تقديم معلومات عن عدد الحالات المسجلة للإصابة بفيروس إيبولا في الحي منذ أن فرض الحجر الصحي عليه قبل أسبوعين.
ومضى تويه قائلا: "الحكومة لم تقدم دليلا على أن لدينا (في الحي) مرضى إيبولا هنا لم يأت".
وفي المقابل، قال مساعد وزير الصحة "نيينسواه"، لوكالة الأناضول إن الحي قد تعاون بشكل "جيد للغاية" في مساعدة الفرق الصحية لتعقب الحالات المشتبه فيها، وأشار إلى أن نتائج اختباراتها، ستكون متاحة في أقرب وقت ممكن.\
وذلك تحديدا، (الإعلان عن نتائج الاختبارات) هو ما أعرب "تويه" عن أمله في أن تفعله الحكومة، حيث قال: "ليعطونا إحصاءات (حول عدوى إيبولا المحلية) وإلا يجب على الحكومة الاعتذار لنا، نحن شعب ويست بوينت".
وبدوره كان يعقوب جونسون، وهو مقيم آخر في "ويست بوينت"، يشعر بسعادة غامرة لكنه، قال أيضا إن "قرار الحكومة بفرض الحجر الصحي كان خاطئا منذ البداية".
وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: "كان الحجر الصحي مؤلما لنا؛ ولم يكن ضروريا على الإطلاق".
وأوضح "جونسون"، وهو أب لولدين أن الأمور كانت صعبة للغاية بالنسبة لهم خلال فترة الحجر الصحي، حيث ارتفع سعر عبوة الأرز زنة 25 كغم إلى نحو 2000 دولار ليبيري (حوالي 24 دولار أمريكي)، ما يعد سعرا باهظا للغاية في بلد يعيش فيه نحو 70% من السكان على دخل أقل من 1 دولار يوميا.
ومضى "جونسون" قائلا: "نحن جميعا نعتقد أن إيبولا حقيقي، ونحن نحارب جميعا هذا
المرض القاتل، ولكن حتى قبل مرور 21 يوما (الوقت اللازم لتأكيد وجود عدوى إيبولا) فتحت الحكومة الحي".
وفي غضون ذلك، واصل برنامج الغذاء العالمي توزيع المواد الغذائية على الحي بعد رفع الحجر الصحي، حيث شوهدت الشاحنات المحملة بالأرز والفاصوليا والزيت تدخل لتوزيع الإمدادات على الأسر.
ومع استهداف برنامج الأغذية العالمي ما يقرب من 750 ألف شخص في حي "ويست بوينت"، من المتوقع أن يستأنف توصيل الإمدادات الغذائية حتى الأسبوع المقبل.
وأشار "تويه" الذي يساعد في تنسيق توزيع الأغذية، إلى أن برنامج الغذاء العالمي تدخل بعد فشل الحكومة الليبيرية في تغذية التجمع السكني.
واختتم قائلا: "هذه الحكومة لم تستعد لهذا الحجر، ولم تقدر على مواصلته".
وأودى فيروس إيبولا بحياة 1552 شخصاً في الدول الأكثر تضرراً بمنطقة الغرب الأفريقي (غينيا كوناكري،
ليبيريا، سيراليون ونيجيريا)، من أصل 3069 حالة مصابة بالمرض، بحسب أحدث تقرير، صدر في 28 الشهر الماضي، عن منظمة الصحة العالمية، دون التطرق إلى
الوفيات المسجلة في الكونغو الديمقراطية.
وكانت الموجة الحالية من الإصابات بالفيروس بدأت في غينيا في ديسمبر/ كانون أول العام الماضي، وامتدت إلى ليبيريا، ونيجيريا، وسيراليون، ومؤخراً إلى السنغال والكونغو الديمقراطية.
و"إيبولا" من الفيروسات الخطيرة، والقاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات من بين المصابين به إلى 90%، وذلك نتيجة لنزيف الدم المتواصل من جميع فتحات الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس.
كما أنه وباء معدٍ ينتقل عبر الاتصال المباشر مع المصابين من البشر، أو الحيوانات عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، وإفرازاته، الأمر الذي يتطلب ضرورة عزل المرضى، والكشف عليهم، من خلال أجهزة متخصصة، لرصد أي علامات لهذا الوباء الخطير.