تتخوف الحكومة
الجزائرية من دخول اجتماعي ومهني ساخن بعد انتهاء موسم الصيف، جراء بقاء العديد من الملفات الاجتماعية عالقة منذ بداية العام الجاري 2014، وعلى رأسها ملف الإسكان وملف التعليم، وملف رواتب الموظفين والعمال.
مع عودة الموظفين، الفاتح من الشهر الجاري، أيلول سبتمبر، إلى عملهم بالجزائر، بدأت الجبهة الاجتماعية، تنحو إلى الغليان، بسبب عدم فصل الحكومة في العديد من المطالب العمالية التي سبق وأن رفعها الموظفون والعمال، الموسم المهني الفارط.
وأهم قطاع مرشح لأن يعرف تصعيدا عماليا، بالجزائر، قطاع
التربية والتعليم، إذ استبقت نقابات هذا القطاع إلى توجيه "إنذارات" إلى الحكومة بمباشرة إضرابات في حال عدم استجابتها لمطلبي رفع الرواتب وتحسين ظروف العمل.
وقال سعيد العربي، عضو نقابة التربية والتعليم، لـ"عربي21"، السبت "إن النقابة رفعت مطلب رفع الرواتب وتحسين ظروف العمل وإعادة النظر في قيمة المنح وعلاوات الموسم الماضي، فإن لم تستجب وزارة التربية والتعليم لهذه المطالب سندرس بالنقابة اللجوء إلى توقيف العمل بالمؤسسات التعليمية".
وأضاف العربي: "لا نريد أن نرهن مصير المدرسين بالإضرابات، لكننا ملحون عن الاستجابة لمطالبنا هذه المرة، ولا يمكن لأستاذ التعليم أن يبقى يعيش في فقر".
وبقطاع التربية والتعليم بالجزائر سبع نقابات، توحدت الموسم الماضي وشلت مدارس الجزائر، وشهد الوضع قبضة حديدية بين حكومة عبد المالك سلال والنقابات قبل أن تتنازل الحكومة وتلبي جزءا من المطالب، لكنها لم تُسكت أساتذة التعليم.
وليس قطاع التعليم وحده من يشهد غليانا، فقطاعات الصحة والجامعات والسكن أيضا مرشحة لأن تشهد
اضطرابات.
وبقطاع الإسكان، استبقت الحكومة إلى اتخاذ قرار يقضي بتوزيع آلاف السكنات على المحتاجين، قبل انقضاء العام الجاري 2014، بناء على اجتماع عقده، الخميس، 11 أيلول/ سبتمبر 2014، الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال مع وزراء معنيين بعمليات ترحيل قاطني المساكن الهشة وأحياء الصفيح.
وكانت عملية الترحيل مبرمجة بداية العام الجاري، لكن الحكومة أرجأت العملية خشية عدم التحكم بالوضع، ففي كل عمليات الترحيل الجزئية التي درجت على القيام بها، تنشب
احتجاجات من قبل مواطنين يقصون من قوائم الاستفادة من المساكن لأسباب مختلفة.
وهناك من المواطنين من انتحر جراء ذلك.
وتثير أزمة السكن بالجزائر استغرابا بالنسبة لبلد غني جراء عائدات البترول، وما يملكه من احتياطي صرف يقدر بـ210 مليارات دولار، وصرفت حكومته أكثر من 283 مليار دولار لحساب المخطط الخماسي بين أعوام 2009 إلى 2014، ومازال مواطنوه يقطنون الصفيح.
ويقول بوجمعة غشير، عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين العرب، والرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان لـ"عربي21"، السبت، "إن الحكومة لا تستجيب لمطالب المواطنين بالإسكان إلا لما ينتحر بعضهم أو يضرم النار في الطرقات بالعجلات المطاطية".
وشهدت بعض المحافظات الجزائرية، نهاية العام الماضي 2013، موجة احتجاجات على السكن، أُحرقت خلالها مبانٍ لهيئات حكومية، وقطعت الطرقات، وواجهت الحكومة الوضع بقوات معتبرة من الشرطة.
ويعتبر غشير أن "السكن حق دستوري لكل جزائري وليس هبة من الحكومة" ويلفت النظر إلى "الفساد المعمم على مؤسسات الدولة، والمحاباة واستفادة مسؤولين من مزايا وامتيازات على حساب المواطنين البسطاء".
وبالجزائر أزيد من مليون مسكن شاغر، تتردد الحكومة بتوزيعها بسبب اضطرابات يحتمل أن ترافق عمليات التوزيع، لكن حكومة عبد المالك سلال مصممة، هذه المرة على مواجهة الوضع وتوزيع المساكن.
ويشكل الوضع الحساس المتصل بملفات الجبهة الاجتماعية بالجزائر عبئا ثقيلا بالنسبة لحكومة تواجه معارضة تقوى يوما بعد يوم. فقد عقدت المعارضة بكل أطيافها، الأربعاء 10 أيلول/ سبتمبر الجاري اجتماعا موسعا للاتفاق حول أسلوب محدد للتغيير بالبلاد.
وحضر الاجتماع الذي احتضنته "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" المشكّلة من خمسة أحزاب معارضة، جل خصوم الرئيس
بوتفليقة الذين سبق أن عارضوا توليه فترة رئاسية رابعة بعد أن فاز بانتخابات الرئاسة 17 نيسان/ أبريل الماضي. من بينهم قيادات "الجبهة الإسلامية للإنقاذ".
ويقول الأخضر بن خلاف، القيادي في "جبهة العدالة والتنمية" المعارضة لـ"عربي21"، السبت "إن التنسيقية ومن يواليها مصممة على المضي قدما باتجاه بحث سبل تغيير النظام".
ويتابع: "هذا النظام لم يعد صالحا لقيادة البلاد، فهي أكبر منه".
وينتقد بن خلاف أسلوب تعاطي الحكومة مع الفساد، ويعتبر أن "تدابير مكافحة الفساد مجرد دعاية لا أساس لها، فهذا النظام الذي يحتضن الفساد يجب أن يتغير".