تناولت الصحافة الإسرائيلية، الاثنين، ما قالت إنها الأسباب الاجتماعية والدينية التي أحدثت الاضطراب في الشرق الأوسط، ومدى تماسك التحالف بين
العرب والأمريكيين، في الوقت الذي يتجهز فيه أعضاء
التحالف الدولي الجديد لفعاليات مؤتمر "الأمن والسلام في العراق" بباريس.
من جهته، قال الكاتب الإسرائيلي، عاموس غلبوع، في صحيفة "معاريف" إن "الائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة جاء لصرف الانتباه عن المشاكل الأساسية، وهي الاضطراب الاجتماعي والديني في الشرق الأوسط، وغياب الأنظمة المركزية القوية في المنطقة، والصورة المترددة للرئيس الأمريكي"، على حد قوله.
وانتقد الهدف الأساسي الذي اجتمع عليه أعضاء الحلف الجديد، وهو محاربة "تنظيم الدولة" على اعتبار أنه التهديد العالمي الأكبر، متسائلا: "إن التنظيم "على نحو شبه مؤكد بأن ليس له أي قدرة أو احتمال في السيطرة على بغداد، فكيف حصل أن أصبح فجأة هو التهديد العالمي الأكبر، الذي ينبغي للولايات المتحدة أن تركز عليه وحده".
واعتبر أن "تنظيم الدولة" لا يشكل أي تهديد وجودي على أي دولة مجاورة، "وبالتأكيد ليس على الولايات المتحدة".
وقال الكاتب الإسرائيلي إن أمريكا جعلت من التنظيم " كلبا نابحا نمرا كاسرا"، من خلال دعايتها الإعلامية، مضيفا أن
داعش يمثل تهديدا، ولكن "ماذا عن الأسد وجزاريه؟ فهل ألقي بهم حاليا إلى الزاوية".
وأوضح أن وجود التنظيم هو نتاج سياقين مركزيين اجتازتهما المنطقة في العقد الأخير: "الأول، السياسة الأمريكية التي بدأت باحتلال العراق في 2003 في عهد بوش، واستمرت بالجلاء من العراق في 2011 في عهد أوباما؛ والثاني، الهزة السياسية، الاجتماعية والدينية التي يجتازها العالم العربي منذ 2011".
وتابع بأن انهيار الأنظمة المركزية القوية، الطاغية، في العراق وفي سوريا، كنتيجة لهذين السياقين تجسد "تنظيم الدولة" كل البركان الذي انفجر في المنطقة بغيابهما، انفجارا يتحدى ثقافة الغرب وكل النظام السياسي للمنطقة.
وأشار في مقاله إلى المخاوف التي يطلقها الغرب من "داعش"، فهو يتخوف من عودة المواطنين الغربيين (ويدور الحديث عن أكثر من ألف) ممن تجندوا لصفوف "تنظيم الدولة"، ليشكلوا هناك خلايا إرهابية".
وانطلاقا من ذلك، قال الكاتب:" حتى لو دمر تنظيم الدولة في العراق، فالمشكلات المركزية للمنطقة ستبقى حية قائمة وهي غياب الأنظمة المركزية القوية، والاضطراب الاجتماعي والديني العميق، ومنظمات الإرهاب والعصابات المختلفة والمتنوعة، إلى جانب السعي الإيراني إلى الهيمنة في الخليج الفارسي والهلال الخصيب"، على حد قوله.
وختم مقاله قائلا: "إن إسرائيل ليست عضوا رسميا في سيرك الائتلاف، ولكن يمكنها أن تستمد منه المنفعة".
وشكك الكاتب إيال زيسر من جهته في قوة تماسك التحالف الدولي الجديد، غير متوقعا أن تساعد الدول العربية أمريكا في حلفها الذي تقوده لمواجهة داعش، ما لم تتعرض هذه الدول لخطر مباشر من داعش، كي لا تسيء صورتها عند الرأي العام في الداخل والخارج.
وقال في صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقال له إن "عدم تحفظ جماهير في العالم العربي من التنظيم أو عدم ارتداعهم منه على الأقل، يفسر كما يبدو صعوبة أن تجند الإدارة الأمريكية الحكام العرب للحلف الذي تحاول إنشاءه لمواجهة داعش".
وأضاف أن "كثيرا من الدول العربية ما زال يغلب عليها عدم الثقة العميق بالإدارة الأمريكية. فلا ينبغي أن نعجب من إحجام السيسي عن مساعدة الأمريكيين الذين أداروا ظهرهم له".
وأشار إلى أن حقيقة الدور الذي تلعبه الدول العربية كما حدد لها أن تكون هو "لحم المدافع" في مواجهة "داعش"، حيث يتوقعون منها أن ترسل جنودها لمحاربة التنظيم، لكن ما بقي الأمريكيون متنحين جانبا، أو يساعدون من الجو، وما لم تهدد داعش الأردن أو السعودية مباشرة، فليس هناك ما يدعو هذه الدول إلى أن ترسل قوات لمحاربة "تنظيم الدولة"، وأن تعرض نفسها لأخطار وصعاب داخلية عند الرأي العام المحلي وفي الخارج، على حد قوله.