ذكرت صحيفة
مصرية أن
مافيا التجارة السرية في
الآثار الفرعونية بمصر تحقق مكاسب سنوية يزيد حجمها على 20 مليار دولار سنويا، وهو مبلغ يعادل ضعف دخل مصر من السياحة.
واتهمت
صحيفة الجمهورية (الحكومية) الصادرة الخميس "إسرائيل" بأنها ليست دولة احتلال فقط، ولكنها أكبر لصوص الآثار والتراث في العالم، مشددة على أنها تقوم بسرقة حضارة المصريين.
وفي حوار مع الصحيفة الخميس، كشف الدكتور نورالدين عبدالصمد المدير العام للتوثيق الأثري بقطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية النقاب عن تجارة الآثار في مصر تبلغ سنويا نحو 20 مليار دولار تقوم بها عصابات أو مافيا الأثار.
وأماط نورالدين اللثام عن أن ما هو معروض داخل متاحف الاتحاد الأوروبي وأمريكا وكندا وروسيا لا يمثل إلا 10% من الآثار المصرية المنهوبة، مؤكدا أن معظمها موجود حاليا في متاحف خاصة يملكها سفراء ورجال أعمال كبار، وهذه المتاحف تحتوي على ملايين القطع الأثرية.
وأشار إلى أن قصة التهريب بدأت منذ عهد عصر محمد علي، وكانت الآثار المكتشفة تمنح كهدايا للسفراء والقناصل بالإضافة إلى السماح بالاتجار فيها حتي عام 1983.
دور البعثات الأجنبية في النهب
وأشار نور الدين إلى أن مصر بها نحو 250 بعثة أجنبية تعمل في التنقيب عن الآثار دون مقابل برغم أن الوزارة مفلسة، وأن القانون يوجب قسمة الآثار الناتجة عن أي بعثة أجنبية حتى عام 1983!
وقال إن أكبر متاحف الآثار المصرية في العالم موجود في اللوفر، ويضم عددا كبيرا جدا من الآثار لكنها تحظى بعناية فائقة، وكانت مديرة قسم الترميم سمحت لي بالدخول إلى أحد المواقع داخل اللوفر، وهو يحتاج إلى 20 يوما لمشاهدة الآثار الموجودة بداخله، وهي زيارة لم تتح لمسؤول من قبل، وطبعا: خرجت في ذهول، على حد قوله.
وتابع: "على سبيل المثال، بدأت قصة نهب رأس نفرتيتي في بداية القرن العشرين، وبالتحديد عام 1906 عندما قام المهندس لودفيج يوخارت بعمل بعض الحفائر الضخمة منها في تل العمارنة مقر "أخناتون" وسقارة، وتمكن من استخراج الكثير من الآثار المنقولة والمعمارية، ومنها رأس نفرتيتي، وتمكن من تهريبها بطريقة غير شرعية نظرا لجهل المسئولين بالمطارات بعد إحاطتها بغلاف من الجبس، وفي المطار اعتبروها تحفة مقلدة، وخرجت، ولم تعد البعثات الألمانية العاملة في مصر نهائيا".
وشدد على الحاجة إلى قيام الحكومة المصرية بمراقبة الأراضي المصرية بالقمر الصناعي، واستعادة الأمن في المناطق الأثرية، مما يتطلب إمكانات لوجستية للشرطة، ودعمها بسيارات الدفع الرباعي، والطائرات المروحية، وتفعيل دور الأمن داخل وزارة الآثار بدلا من تواجدهم دون عمل خاصة أن كنوز مصر الأثرية غير معلومة، على حد تعبيره.
.. وسرقات إسرائيلية
وأضاف أن إسرائيل استطاعت الحفر بصفة رسمية طبقا لسجلات جامعة بن جوريون في 720 موقعا بسيناء بالإضافة إلى المواقع التي تم الحفر فيها خلسة من قبل جنود الاحتلال أيام موشيه دايان، وأن كل نتائج الحفر التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي تم الاستيلاء عليها، وتعرض حاليا في متحف تديره يائيل ابنة موشيه دايان.
وأشار إلى اتفاقية جنيف الرابعة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تنص صراحة على حتمية إعادة الممتلكات الثقافية التي تم الاستيلاء عليها أثناء وبعد الحرب لبلدها الأصل، موضحا أن مصر طالبت بالفعل السلطات الإسرائيلية بهذا الأمر، واستطاعت إعادة بعض هذه الآثار التي استولت عليها إسرائيل إبان فترة الاحتلال، لكنها لا تمثل اكثر من 2%!
إهمال الحكومة المصرية
والأمر هكذا، قال المدير العام للتوثيق الأثري بقطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية: "عار على مصر عدم علمها بعدد القطع الأثرية الموجودة في مخازنها لأنه في نهاية كل عام يحدث جرد لجميع العهد، وكان في عهدتي 27 ألف قطعة استمرت لمدة أكثر من 10 سنوات لم يسألني أحد في يوم من الأيام عنها".
وأضاف: "كنت أرى بعيني كل عام أنه لا ينظر مطلقا لأي مخزن للآثار، بينما هي لا تقدر بثمن، وعندما طالبت الأجهزة الرقابية بتطبيق القانون قيل لي: "لا تلعب مع الكبار".
وكشف عن أن جميع آثار مصر المنقولة والثابتة موجودة في مخازن، وأن هناك بعض الآثار داخل المخازن لم يتم تسجيلها، برغم أنها مستخرجة منذ عقود، ولا يوجد لها "شهادة ميلاد أو بيانات"، وهي آثار يمكن خروجها بسهولة، وتباع علنا دون أي تدخل من الدولة، وفق قوله.
وأضاف أن نحو 20% من الآثار المنقولة في مصر مسجلة في المخازن التي أنشأتها حديثا القوات المسلحة، وأن أثار العالم تسجل بطريقة إلكترونية إلا مصر، حيث تسجل ورقيا وأحيانا تتهالك السجلات، ونبدأ من جديد في عمل سجلات أخرى ورقية أيضا، وفي الطريق يخرج ما يخرج دون رقابة أو علم أحد!
وأبدى نور الدين دهشته من أن عدد العاملين في وزارة الآثار يتراوح بين 35 و40 ألف موظف، وأن ميزانية الأجور والمرتبات الشهرية تبلغ نحو 50 مليون جنيه برغم أن بعض المفتشين الأثريين بدون عمل!
وحول الضجة المثارة حول سوء صيانة هرم زوسر بمنطقة سقارة قرب أهرامات الجيزة، قال: "هرم زوسر يختلف عن كل أهرامات مصر التي يصل عددها لأكثر من 100 هرم لأنه يحتوي على العديد من الغرف، ولا يمكن حصرها بسبب عدم اكتمال الحفائر والانهيارات الموجودة داخل الهرم".
وأوضح أن أكثر من 30 ممرا لم يستكمل حفرهم بسبب خطورة الأسقف الداخلية والجدران، وأنه كان من المفروض البدء من الداخل أولا في الترميم لكن الشركة المنفذة شركة غير متخصصة في ترميم الآثار، وقد قامت بعمل شدات معدنية داخل الهرم لرفع 6 درجات يبلغ ارتفاعها نحو 62 مترا بتركيب مخدات هوائية كمسكن، وهذا لم يحدث في تاريخ ترميم الآثار من قبل!