استيقظ سكان العاصمة
اليمنية صنعاء، اليوم الاثنين، على وقع صدمة كبيرة لم يكونوا يتخيلونها.
فشوارع العاصمة تخلو تماماً من وجود عناصر الشرطة والجيش، فيما ينتشر مسلحو جماعة الحوثي في الشوارع، كشارعي "الزبيري" و"حدة" الحيوييْن في وسط العاصمة.
اليوم، لا أحد بوسعه إنكار أن صنعاء سقطت بيد الحوثي، وأن لا وجود للدولة اليمنية، التي تلاشت معالمها منذ أمس، حين استطاع مسلحو الحوثي الاقتحام والاستيلاء على معظم مقار ومباني الدولة، بينها مقار الحكومة والبرلمان ووزارة الدفاع والقوات الجوية ومقر المنطقة العسكرية السادسة.
وبُعيد ساعات من توقيع ما سمّي بـ"اتفاق السلم والشراكة الوطنية" بين القوى اليمنية، وتضم
الحوثيين، تهاوت مقرات الدولة بيد الحوثي، وانتشر مسلحوه في أغلب أحياء العاصمة، ما يعني أن هذا مؤشر، ربما، يهدد مستقبل الاتفاق، وأن التوقيع لا يعني انتهاء الأزمة القائمة بين السلطة وجماعة الحوثي، بحسب مراسل وكالة الأناضول.
ووفقاً لشهود عيان، فقد نصب الحوثيون نقاط تفتيش في كل من شارع الزبيري، وشارع حدة، وقاموا بتفتيش المارة، في ظل غياب تام لأي من أجهزة الدولة في هذه المناطق.
ونقل المحامي "أمين الربيعي" على صفحته في "فيس بوك" شهادته حول وجود "نهب" من قبل جماعة الحوثي لبعض الأسلحة و الذخائر في منطقة (مذبح) القريبة من مقر المنطقة العسكرية السادسة، شمال العاصمة.
وكتب الباحث والمحلل السياسي "ياسين التميمي": "المليشيات هي التي تقوم بمهمة التواجد في النقاط، داخل مدينة صنعاء، التي لم تعد عاصمة لنا كيمنيين".
ويمضي قائلاً: "وفي الحقيقة لا قيمة لهذه النقاط، سواء كانت عسكرية أو أمنية أو مليشاوية، كان الخطر يأتي دائماً من هذه الفئات التي ما عبرت يوماً عن الدولة ولا عن المواطنة ولا عن العيش المشترك.. إنها فقط تنهب وتمارس الابتزاز".
وأضاف التميمي، على مدونته الخاصة بلغة غاضبة: "كان بالإمكان أن يستمر الجنود المصابون باللوثة العفاشية والحوثية نفسهم في النقاط، فهم يكملون بعضاً في الأدوار القذرة، ولكن الإصرار على تواجد هذه المليشيات في الجولات، هو لإعطاء صورة بأننا دخلنا عهداً جديداً ليس له علاقة بالعهد الذي أنتجه ثورة 26 سبتمبر (أنهت الملكية الإمامية)، لنرى كم من الوقت سيستمر الرئيس (عبدربه منصور) هادي في منزله بصنعاء".
ولم يستبعد "التميمي" أن يرى مليشيات تقتحم مدناً وتفرض إرادتها، طبعاً غير مليشيا القاعدة والحوثيين، اللذين يتقاسمان النفوذ في شمال اليمن وجنوبه.
السؤال المطروح الآن، ما مدى قدرة الأطراف السياسية اليمنية، والدول الراعية للاتفاقية الأخيرة، على حسم الأمور، لا سيما في ظل رفض جماعة الحوثي التوقيع على الملحق الأمني التابع للاتفاقية الذي يقضي برفع المخيمات وخروج المسلحين من المدن؟.
ومساء أمس، وقعت الرئاسة اليمنية، والأحزاب المشاركة في الحكومة وجماعة الحوثيين اتفاقاً لإنهاء الأزمة السياسية يقضي بتشكيل حكومة جديدة، بحضور المبعوث الأممي لليمن، جمال بنعمر، وسط رفض الحوثيين الانسحاب من صنعاء.
ومنذ أسابيع، ينظم الحوثيون احتجاجات واعتصامات على مداخل صنعاء، وقرب مقار وزارات وسط المدينة، للمطالبة بإقالة الحكومة، وتخفيض أسعار المحروقات، بحسب مراسل الأناضول.
ويتهم منتقدون، جماعة الحوثي بالسعي إلى إعادة الحكم الملكي الذي كان سائداً في شمال اليمن قبل أن تطيح به ثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1962.
وفي الجانب الأمني، ينص الاتفاق على أن تتسلم الدولة المنشآت الحيوية وأن تزال مخيمات الاحتجاجات من صنعاء ومحيطها، على أن يتم "وقف جميع أعمال العنف فورا" في صنعاء. ويسعى هذا الاتفاق إلى وضع حد للأزمة الخطيرة التي وضعت اليمن على حافة الحرب الأهلية منذ أطلق الحوثيون في 18 آب/ أغسطس تحركا احتجاجيا للمطالبة بإسقاط الحكومة والتراجع عن رفع أسعار الوقود.
وكانت العاصمة اليمنية شهدت اليوم الأحد أحداثا مضطربة، بينها استقالة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة وسط حالة من الفوضى واستيلاء الحوثيين على المنشآت العسكرية والمباني الحكومية في صنعاء.