كتب علي حماده: في الوقت الذي يسعى فيه "حزب الله" إلى توريط الجيش أكثر في معركة القلمون من بوابة عرسال، حيث يعمل على دفع الجيش إلى حرقها وشطبها من المعادلة الجيو سياسية لمنطقة البقاع الشمالي، وهي خاصرته الرخوة في معركة القلمون التي أثبتت الأيام أنه لم يربحها، بل إنه غرق في رمالها المتحركة ويتعرض منذ مطلع الصيف الفائت إلى حرب عصابات ناجحة من الثوار السوريين حصدت العشرات من مقاتليه بينهم قياديون ميدانيون، في هذا الوقت، بدا واضحا أن هدف "حزب الله" الأكثر إلحاحاً هو خوض معركة القلمون وحسمها عبر إدخال طرف ثالث هو الجيش اللبناني، كل ذلك تحت شعار محاربة "الإرهاب" وتكبير موضوع "
داعش" من أجل إعطاء توريطه في الدماء السورية في سوريا بعداً شرعياً، باعتبار إن الجيش اللبناني ممثل الشرعية يقاتل في منطقة عجزت قوات بشار الأسد وميليشيات "حزب الله" عن إسقاطها حتى الآن.
هنا يدخل موضوع
الجنود المخطوفين لدى "داعش" و"جبهة النصرة" في الحسابات. ففي حسابات "حزب الله"، التصلب في التفاوض سيدفع إلى قتل الجنود في ظل مناخات من الاعتداءات المنهجية التي تمارس على اللاجئين السوريين، ويسرع الأمر توريط الجيش في معركة طاحنة في عرسال وجرودها، تحت الشعار الذي ذكرناه آنفاً "محاربة الإرهاب".
ومن المعروف من خلال ما تواتر من مداولات مجلس الوزراء، والاتصالات التي تجري مع رئيس الحكومة تمام سلام، أن وزراء 8 آذار يعرقلون
المفاوضات، ويهددون بالانسحاب من الحكومة في حال موافقة سلام على مبدأ
المقايضة. إنهم، بكل بساطة، يرفضون المقايضة لأنهم يريدون أن يقتل الجنود. يريدون مزيدا من الدم لتوريط الجيش في حربهم في سوريا. لكنهم يرفضون المقايضة تارة بحجة رفض ما يسمونه "مقايضة الذل"، وطورا بحجة رفض المقايضة مع "الإرهابيين"، لكنهم ينسون أنهم سبق أن فاوضوا هؤلاء مرارا في سوريا من القصير إلى يبرود، وفاوضوا على مخطوفي إعزاز، ولم يرفضوا التفاوض في موضوع راهبات معلولا وهنّ غير لبنانيات. وينسون أيضا انهم تفاوضوا وقايضوا مرارا مع "الشر المطلق" إسرائيل، وفي وقت يدفعون فيه الأمور نحو التضحية بأرواح الجنود، شنوا حربا معلومة الخلفيات، لكنهم وضعوها تحت عنوان تحرير 11 أسيرا لدى إسرائيل، كلفت تلك الحرب أرواح ألف وثلاثمائة مواطن لبناني، وكلفت البلاد سبعة إلى عشرة مليارات دولار أميركي خسائر اقتصادية.
والسؤال: لماذا يعرقل "حزب الله" عملية إنقاذ الجنود بالمقايضة؟ وما جدوى التمسك بسجناء من "جبهة النصرة" أو "داعش" تحت شعار الحفاظ على "هيبة" الدولة فيما يجري تمريغ هيبة الدولة بالوحول يوميا؟
على رئيس الحكومة نفض ثوب التردد عنه والقبول بالمقايضة وإنقاذ الجنود من غير التحجج بالقانون والقضاء، وعليه أكثر من ذلك أن يبقى متأهبا لمنع توريط الجيش في حروب "حزب الله" السورية، ومنطلقها تدمير عرسال، لا سمح الله.