أدانت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة شمال العاصمة الرباط خادمة "والي" الجهة، المرأة الوحيدة في هذا المنصب، والقاضية السابقة في المجلس الأعلى للحسابات "
زينب العدوي"، بالسجن النافذ بستة أشهر حبسا نافذة وغرامة قدرها 500 درهم، قبل أن تحول السجن النافذ إلى موقوف التنفيذ، ليفجر جدلا داخل شبكات التواصل الاجتماعي.
الحكم القضائي الذي وصف بالصادم، الذي نطقت به المحكمة مساء الخميس، قضى بالسجن 6 أشهر في حق خادمة تشتغل بالسكن الوظيفي لوالي جهة الغرب اشراردة بني احسن، زينب العدوي، بعد اتهامها بسرقة قطعة لحم بلغ وزنها حوالي "2 كيلوغرام" و عددا من الكؤوس.
و خلف اعتقال الخادمة و الحكم عليها ردود أفعال، استغرب الكيفية التي تم بها الحكم عليها بسرعة من طرف المحكمة بدون أن تعطى لها مهلة لإعداد دفاعها كما تجري كافة الوقائع طبقا للقوانين الجاري بها العمل.
وتم اعتقال خادمة زينب العدوي بإحدى المحطات الطرقية من قبل الشرطة بعد التبليغ عنها من طرف أحد أفراد القوات المساعدة المرابطة أمام السكن الوظيفي لوالي جهة الغرب، بعد تفتيشها والعثور بداخل كيس كانت تحمله معها على بعض الكؤوس وقطعة من اللحم.
غرائبية القضية والملف لم تتوقف عند هذا الحد، حيث قامت "الوالي"، منصب إداري يوازي "المحافظ"، بتوكيل محامي على نفقتها الخاصة للدفاع عن الخادمة، حيث أعلن حميد السنوني، المحامي بهيئة القنيطرة، على أن الوالي العدوي قد كلفته بالدفاع عن الخادمة المتابعة بالسرقة وخيانة الأمانة "وعلى نفقتها الخاصة"، مشيرا إلى أن الوالي قد سبق لها أن تقدمت بتنازل رسمي في هذه القضية أمام
القضاء.
وقال المحامي السنوني في بلاغ عممه مساء الجمعة على وسائل الإعلام حصلت "عربي 21" على نسخة منه، "سأضاعف مجهوداتي لتمتيع موكلتي أمام القضاء بأقصى ظروف التخفيف"، وذلك على اعتبار أن القضية ذات طبيعة غير زجرية.
و أكد محامي خادمة أن هذا التكليف، جاء بعدما سبق أن تقدمت الوالي العدوي بتنازل رسمي لفائدة المتهمة اثر تقديمها أمام القضاء، وهي التي جرت إدانتها ابتدائيا بستة أشهر حبسا نافذة من اجل تهمتي
السرقة وخيانة الأمانة.
واعتبر محامي الخادمة أن المحكمة التي ستعرض عليها موكلته التي عبرت عن ندمها وإقرارها بالتفريط في مصدر عيش محاط بجميع الحقوق الاجتماعية "هي محكمة اجتماعية قبل أن تكون زجرية" وان هدفها" هو تقويم المجتمع وإصلاح ما يمكن إصلاحه".
ولقد حولت استئنافية القنيطرة، مساء الخميس الماضي، الحكم بستة أشهر نافذة على خادمة والية القنيطرة، إلى حكم موقوف التنفيذ، بسرعة قياسية.
وفي تعليقه على القضية، أعلن المعتقل السياسي السابق والكاتب، وصاحب رواية "أفول الليل" الطاهر المحفوظي، والية القنيطرة بشراء "كبش" لها، مقابل تنازلها عن شكايتها لصالح الخادمة.
ووصف الطاهر المحفوظي، في تدوينة على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي، الكبش الذي يعد به الوالية "بالأملح والأقرن"، قبل إرساله إلى الوالية، شريطة أن تتنازل عن دعوتها في مواجهة خادمتها المتهمة بسرقة 2 كيلو من اللحم".
وفيما يشبه الاستهزاء تعهد الطاهر المحفوظي، للوالي زينب العدوي بتخليص الوالي من جميع أتعاب الكبش"، بما في ذلك تحمل مصاريف نقل كبش العيد على نفقته الخاصة".
وتعد رسالة المحفوظي تعبيرا ساخرا عن السخط العارم الذي عم العديد من المتتبعين لهذه القضية، الذين رأوا أن الوالية كان عليها أن تترفع عن متابعة خادمة فقيرة ضحية سياسة رسمية في كل الأحوال، خاصة وأن الوالية كانت قد راكمت نقاط إيجابية، الشيء الذي جعل معظم المتتبعين لهذه النازلة، يرجحون أن تقصف هذه القضية بكل ما بنته العدوي.
من جهته عقد الصحافي اليساري علي أنوزلا، المتابع في قضية تتعلق بالإرهاب، مقارنة بين الوالي وبين الخادمة المدانة بالسجن، مشددا على أن "حرب
المغرب على
الفساد تبدأ بسجن خادمة سرقت قطعة لحم تسد بها جوعها".
وتابع أنوزلا في تدوينة نشرها على صفحته بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، أن "الحكم في حد ذاته يبقى قاسيا، رغم أنه لا تعرف الحيثيات التي بنت عليها المحكمة قناعتها، ولا ما إذا كانت السيدة الوالية تحترم القانون المنظم لتوظيف خادمات البيت، لمعرفة ما إذا كان فعل الخادمة يستحق ظروف التخفيف أم لا".
وأضاف أنوزلا، أن "منصب "الوالي"، هو منصب يحصل بالتعيين من طرف الملك، وهو أرفع بكثير من منصب "العمدة" المنتخب، يوفر لصحابه راتبا يعادل راتب وزير (نحو 5 آلاف يورو شهريا) مع توفير سكن مريح وحرس وخدم من القوات العمومية، وعدة سيارات رهن خدمة المسؤول وأفراد أسرته، وتعويضات جزافية بما فيها التعويض عن سلة الغذاء، وفوق كل ذلك سلطات واسعة تسمح للمسؤول بالتصرف في ميزانيات صناديق سوداء غير خاضعة للمحاسبة أو المراقبة".
وتعد هذا الحادثة الثانية للوالي زينب الغزوي التي تسببت في طرد الكولونيل ميسور القائد الجهوي لجهاز القوات المساعدة بالقنيطرة من مهامه وإحالته على مجلس تأديبي، بعد أن رفض مصافحة زينب العدولي والي جهة الغرب شراردة بني حسن في إحدى المناسبات الرسمية.
وكان الكونوليل ميسور قد أخبر رئيس قسم الشؤون الداخلية بالولاية بموقفه من مصافحة النساء وبأنه معتقداته لا تسمح له بمصافحة النساء، وطلب من نفس المسؤول إخبار الوالي العدوي حتى لا تسيء فهمه في حال رفضه السلام عليها، لكن هذا الموقف دفع الولاية إلى تقديم تقرير إلى القيادة العامة لجهاز القوات المساعدة بالرباط.
وبسبب موقفه فقد تغيب الكولونيل ميسور عن عدد من الاجتماعات واللقاءات الرسمية، وتكليفه للقائد الإقليمي لينوب عنه لحضورها وهو ما جعل القيادة العامة تعجل في اتخاذ قرار إعفائه، وكان آخر هذه المناسبات تخلف الكولونيل عن الوفد الذي قاده الحاجب الملكي الشريف سيدي محمد العلوي وزينب العدوي والي الجهة، للإشراف على توزيع هبة ملكية على شرفاء زاوية مولاي بوسلهام.