نشرت صحيفة الإندبندنت مقالا للصحافي باتريك كوكبيرن، قال فيه إن
الجيش العراقي يعاني من الفساد والغياب، والفشل في الإمدادات، ولا يمتلك فرصة أمام المتطرفين الإسلاميين، الذين يستخدمون التفجيرات الانتحارية والتكتيكات المرنة.
ويشير إلى أن القصف الجوي الأميركي فشل في تحقيق أي نجاح في دحر "
داعش" في العراق، حيث أن قواته على مسافة ساعة من
بغداد.
ويضيف كوكبيرن أنه بعد ثلاثة أشهر ونصف من الهزيمة المدوية، التي مني بها الجيش العراقي في شمال العراق علي يد مقاتلين قليلي الإمكانيات، ما يزال الجيش يفقد قواعد، وذلك للفشل في وصول الإمدادات من ذخيرة وطعام وماء. وكان من المفترض أن يحظى اختيار حيدر العبادي بدلا من نوري المالكي كرئيس وزراء للعراق الشهر الماضي، على أن يشكل حكومة أكثر تصالحية، بتأييد "الأقلية السنية" التي يستمد "داعش" دعمه منها.
وأشارت الصحيفة إلى أن العبادي قد وعد بالتوقف عن القصف العشوائي للمدنيين السنة، ولكن الفلوجة وقعت تحت القصف لمدة ستة أيام خلال أسبوع، وقتل 28 شخصا وجرح 117. وبالرغم من الأزمة العسكرية، فإن الحكومة فشلت إلى الآن في إقناع البرلمان بالشخصيات المرشحة لشغل أهم وزارتين أمنيا؛ وزارة الدفاع ووزارة الداخلية.
ويصف كوكبيرن القتال حول بغداد بأنه يمتاز بالعنف، وذلك لأن المناطق غالبا مختلطة (سنة وشيعة)، حيث يخشى الجانبان وقوع مجازر. "داعش" استطاعت الدخول إلى القرى والبلدات السنية، كما حصل في محافظة الحلة الشمالية، حيث فشلت الحملات الحكومية المتعاقبة في أن تعيدها تحت السيطرة.
وتذكر الصحيفة أن العبادي يقوم بعزل الضباط الذين عينهم المالكي، ولكن نتائج هذا الأمر لم تظهر بعد في القوات العسكرية التي اشتهرت بفسادها. فخلال معركة الموصل، ثاني كبرى المدن العراقية، خلال شهر حزيران/ يونيو كان عدد أفراد القوات المسلحة، بما في ذلك الشرطة الفيدرالية والشرطة المحلية، 60000 فرد. ولكن ثلث هذا العدد فقط كان على رأس عمله.
وأحد مصادر الدخل الإضافية الشائعة للضباط هي أن يتخلى العسكر عن نصف راتبهم للضباط، مقابل بقائهم في البيت أو قيامهم بعمل آخر. ونفس النظام مستخدم في الوزارات المدنية، والتي تدفع رواتب لعدد من الناس أكبر من عدد الموظفين الحقيقيين، بحسب الصحيفة.
وكشف تقرير للبنك الدولي، نشر حديثا، بأن أحد الوزارات توظف 8206 حراس، بينما عدد الحراس الذين يعملون حقيقة هو 603.
وتبين الصحيفة أن العبادي قام مؤخرا بفصل 132 ضابطا كبيرا، ولكن لا تبدو هناك أي إشارات بأن الجيش قادر -إلى الآن- على أن يواجه "داعش"، والأسوأ من هذا أن الجيش لم يتمكن من منع وقوع تفجيرات انتحارية تتسبب في خسائر كبيرة في أرواح المدنيين في بغداد نفسها.
ويورد كوكبيرن مثالا على استمرار عدم مقدرة الجيش العراقي على علاج فشله، الذي أدى إلى ضياع الموصل وتكريت، حيث كان في تاريخ 21 أيلول/ سبتمبر، عندما اجتاحت "داعش" قاعدة في الصقلاوية بالقرب من الفلوجة غربي بغداد بعد محاصرتها لأسبوع.
ويقول كوكبيرن "سبق الهجوم الأخير، كما أصبح معهودا في هجمات (داعش)، أكثر من تفجير انتحاري. حيث قام انتحاري بقيادة سيارة همفي أميركية محملة بالمتفجرات، واخترق القاعدة قبل أن يقوم بالتفجير".
ويضيف "أتبع هذا هجوم من مجموعة مقاتلين من (داعش) يلبسون زي الجيش العراقي، فقام 820 جنديا عراقيا بالانقسام إلى مجموعات صغيرة، وهربوا مستخدمين شوارع خلفية، ولكنهم وقعوا في كمائن (داعش)".
وما يثير الانتباه في سقوط الصقلاوية هو أنه، وخلال أسبوع كامل من الحصار، لم يتمكن الجيش العراقي من مساعدة حامية على بعد 40 ميلا فقط من بغداد، وجاءت الشكاوى من الجنود بأنهم تركوا دون تعزيزات ولا ذخائر ولا أكل ولا ماء، وهي نفس الشكاوى، التي ذكرها الجيش في النصف الأول من عام 2014، عندما قام الثوار بقيادة "داعش" بمحاربة خمس فرق للجيش، تشكل ثلث جيش العراق المؤلف من 350000 جندي، موقعين 5000 إصابة، بحسب الإندبندنت.
وتلفت الصحيفة إلى أن الفلوجة سقطت في كانون الثاني/ يناير، ولم يستطع الجيش استعادتها.
ويؤكد الكاتب أن أميركا تستطيع أن تضع مراقبين مع الجيش العراقي، لاستدعاء الطيران عند الحاجة، ولكن الناس في المناطق السنية يخشون من عودة الجيش العراقي لمناطقهم وانتقامه للهزائم، التي مني بها أوائل العام، وفي المناطق التي يعيش فيها السنة والأكراد يخشى كل جانب منهم انتصار الآخر.
ويرى كوكبيرن أن هزيمة البشمركة في سنجار في آب/ أغسطس تعتبر بمثابة صفعة موجهة للسمعة العسكرية لجنود البيشمركة، فقد هرب الجنود بنفس سرعة هروب الجنود العراقيين من قبلهم. والبشمركة لم تحارب منذ 1991 سوى في الاقتتال الداخلي خلال الحروب الأهلية الكردية، وحتى في الثمانينيات من القرن الماضي كان تخصصهم ينحصر في حرب العصابات، بتوجيه هجمات "الوخزة بالدبوس" التي يقوم بها 15 إلى 20 مقاتلا.
وقبل دخول الضربات الجوية الأميركية، كان تنظيم "داعش" يستخدم قوافل السيارات التي تحمل 80 إلى 100 رجل للقيام بهجمات مفاجئة.
ويعتقد كوكبيرن أنه مع احتمال وقوع ضربات جوية أميركية، لم يعد هذا النوع من الحرب المتنقلة السريعة قابلا للتطبيق دون تحمل خسائر كبيرة، ولكن "داعش" أثبت أنه قادر على التكيف، وقادر على العمل بفعالية بالرغم من التدخل الأميركي.
ويخلص الكاتب إلى أن المشكلة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، هي أنه حتى لو تمت إعادة هيكلة الجيش العراقي فليس هناك ما يضمن عدم تفككه، إن قامت "داعش" بالهجوم. وتبقى اليد الوحيدة القوية بيد الحكومات هي الميليشيات الشيعية التي تمولها إيران.