أثار قرار السعودية بخفض سعر البيع الرسمي لنفطها أحاديث بين التجار والخبراء حول بدء ظهور حرب تخفيض في
الأسعار بين دول منظمة
أوبك إذ ربما تتنافس الدول مع بعضها للحفاظ على حصصها في السوق وسط وفرة الإمدادات وضعف الطلب.
وتقول مصادر
نفطية وتجارية في الشرق الأوسط إن هناك الآن مخاطر من انطلاق تسابق لخفض الأسعار في الوقت الذي يدعو فيه كثير من أعضاء أوبك إلى الوحدة في مواجهة إحدى أشد موجات انخفاض الأسعار حدة منذ الأزمة المالية.
وستتابع الأسواق عن كثب الاجتماع القادم لأوبك في نوفمبر تشرين الثاني لترى ما إذا كانت المنظمة ستقرر خفض إنتاجها أم لا. وواصلت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت تراجعها صوب 90 دولارا للبرميل اليوم الخميس وهو مستوى يسبب لكثير من الدول الأعضاء في أوبك - ولمنتجين كبار آخرين مثل روسيا - عجزا مؤلما في الميزانية.
وأصبحت بعض دول أوبك أكثر قلقا بشأن هبوط الأسعار ودعت إلى خفض الإمدادات لكن الأعضاء الرئيسيين في منطقة الخليج لا يزالون يراهنون على أن الطلب في فصل الشتاء سينعش السوق.
وقال مراقب لصناعة النفط طلب عدم الكشف عن اسمه "لن يخفض السعوديون الإنتاج إلا إذا كان هذا خفضا جماعيا.. عليهم أن يسمعوا أن آخرين يقولون ذلك أيضا.
"الأمر يشبه منافسة شريرة لمعرفة من يستطيع الصمود حتى النهاية".
وتراجعت أسعار النفط العالمية 20 في المئة من أعلى مستوياتها في عام فوق 115 دولارا للبرميل في يونيو حزيران حيث ساهم النمو الأسرع من المتوقع في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وعودة إنتاج ليبيا في وفرة إمدادات الخام في السوق.
ونما الطلب أيضا أعلى قليلا من نصف مستوى توقعات الكثيرين في بداية العام وهو ما دفع البعض للتساؤل حول ما إذا كان هناك تحول هيكلي في السوق أم لا. وأدى متوسط أسعار قرب 110 دولارات للبرميل فيما يزيد عن ثلاث سنوات إلى كبح جماح الاستهلاك إضافة إلى تحفيز زيادة الإنتاج.
وخفض العراق ودول أخرى أعضاء في أوبك أسعار البيع الرسمية للنفط مع تراجع خام برنت رغم أن مستوى الخفض في سعر النفط السعودي لا يزال يمثل مفاجأة لكثير من المراقبين.
وخفضت السعودية سعر خامها العربي الخفيف بأكثر من دولار للبرميل عن الخامات القياسية.
وقال مسؤول رفيع بشركة كبيرة لتجارة النفط "هذا خفض كبير بشكل غير متوقع".
"أعتقد أن تخفيضات اضطرارية من جانب أعضاء آخرين في أوبك بفعل المنافسة ربما لعبت دورا".
وقال كارستن فريتش محلل السلع الأولية لدى كومرتس بنك إن خفض الأسعار دفع فوارق سعر الخام السعودي مع أسعار الخامات الأخرى لأدنى مستوى منذ ديسمبر كانون الأول 2008 حينما انهارت أسعار النفط خلال الأزمة المالية.
وأضاف "مثل تلك الإجراءات تؤدي إلى تنامي الشكوك حول استراتيجية أوبك القائمة منذ فترة طويلة بالحرص أولا وقبل كل شئ على استقرار الأسعار.
"تستعد أوبك فيما يبدو لحرب أسعار. لذا فإننا لا نتوقع أن تستقر الأسعار حتى يتبدد هذا الانطباع وتعود أوبك لتنسيق التخفيضات في الإنتاج".
وخفض كومرتس بنك - صاحب ثاني أعلى توقعات لأسعار خام برنت في العام القادم في مسح شهري لرويترز نشر هذا الأسبوع - اليوم الخميس توقعاته لأسعار برنت في 2015 إلى 105 دولارات للبرميل من 110 دولارات قائلا إن أوبك ستضطر في نهاية المطاف إلى خفض الإنتاج.
وقالت بعض المصادر التجارية إن خفض السعر السعودي ربما يكون مجرد رد فعل للأوضاع في السوق وليس تغيرا رسميا في سياسة الإنتاج رغم أن أكبر بلد مصدر للخام في العالم أبقى إمدادات الأسواق العالمية مستقرة إلى مرتفعة قليلا في سبتمبر أيلول.
وقال سداد الحسيني وهو مسؤول تنفيذي كبير سابق في أرامكو "يوجد ضعف في الطلب لأسباب موسمية وأعتقد أن استراتيجية التسويق لأرامكو تتمثل في التعامل مع الاتجاه النزولي بخفض الأسعار للحفاظ على حصة المملكة في السوق."
والسعودية والإمارات والكويت في وضع أفضل لمواجهة فترة من انخفاض الأسعار مقارنة مع أي دولة أخرى في أوبك أو مع منتج كبير للنفط بعدما حققت فوائض كبيرة في ميزانياتها لأعوام.