أشارت صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي قد نجح في تأمين موقعه في مصر والخارج، بالرغم من سجل نظامه في مجال انتهاك حقوق الإنسان.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لهبة صالح من القاهرة عن وضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن الظروف الجيوسياسية والإجراءات المحلية أسهمت في إضفاء الشرعية على حكمه.
وتحدثت في هذا السياق عن لقاء الرئيس المصري في الأسبوع الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث وصف الأخير علاقة أميركا بمصر بأنها "حجر أساسي لسياستنا الأمنية". ورحب الكثير من المصريين باللقاء، حيث رأوا باجتماع أوباما مع السيسي بمثابة اعتراف متأخر.
ولوحظ في كلمات الرئيس الأميركي تغيرا في النبرة بعد عام من العلاقات المتوترة بين القاهرة وواشنطن بعد الانقلاب العسكري، الذي أطاح به الجنرال السيسي بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وما تبع هذا من حملة ملاحقة وقمع لجماعة
الإخوان المسلمين والمؤيدين لها، وفق التقرير.
وتضيف الصحيفة أن وضع حقوق الإنسان والحريات ما يزال يتعرض في مصر لضعوط شديدة، وتواجه مصر تمردا عسكريا تقوم به جماعات متشددة. وأدت ممارسات الجيش ضد المتمردين لمئات القتلى من الجانبين.
وتبين الصحيفة أن السيسي، الذي مضى على انتخابه لمنصب الرئيس خمسة شهور، يمضي في ترسيخ دعائم حكمه، وتساعده في هذا سلسلة من الإجراءات المحلية والاقتصادية والفرص الجيوسياسية، مما رفع من آمال المصريين بعودة الاستقرار للبلاد وحصول نوع من الانتعاش الاقتصادي.
وترى الصحيفة أن لقاء أوباما للسيسي يعتبر نكسة لنقاد الرئيس المصري، الذي يفضلون بقاءه معزولا كرئيس شرس مسؤول عن قتل مئات المدنيين.
وتستدرك الصحيفة بأن ما دعا للتغير في الموقف الأميركي هو حرب واشنطن ضد تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش". وبناء عليه قامت واشنطن بإعادة النظر في علاقاتها وتحالفاتها الإقليمية، وهو ما عمل في صالح السيسي ونظامه المعادي للإسلاميين.
وبحسب أتش إي هيلير، المحلل في المعهد الملكي للدراسات المتحدة، ومقره لندن "برز النظام المصري الجديد على المشهد السياسي، في الوقت الذي بدأ فيه الأميركيون يتعاملون مع بروز (داعش) بشكل واضح، وهو ما استفاد منه النظام المصري". وأضاف أن النقد للنظام المصري مستمر ولكنه خافت، بحسب الصحيفة.
وفي اتجاه آخر تلفت "فايننشال تايمز" إلى أن هناك شعورا لدى المصريين بإمكانية عودة الاستقرار، بالرغم من التمرد العسكري المستمر في سيناء، فيما تتراجع حدة التظاهرات التي يقودها الإخوان المسلمون؛ بسبب السياسات
القمعية الشديدة التي تبناها النظام، ولتراجع شعبية التنظيم، حسب بعض المراقبين.
وفي الوقت نفسه ضخت دول الخليج، السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة مليارات الدولارات لتأمين الاقتصاد المصري. ومما ساعد السيسي على تأمين وضعه، فهو على خلاف مرسي يحظى بدعم مؤسسات الدولة والبيروقراطية، الجيش والشرطة.
وتشير الصحيفة لمشروع قناة السويس الثانية، التي تعتبر في قلب سياسة السيسي لبناء حوافز اقتصادية وإنعاش الاقتصاد المصري، وعبر المصريون عن ثقتهم بالرئيس الجديد من خلال الإقبال على شراء شهادات الاستثمار، حيث جمعت الحكومة 8.5 مليار دولار لتمويل المشروع.
ويعتقد التقرير أن النظرة التي ترى بتراجع المخاطر السياسية أعادت الاهتمام لدى المستثمرين الخارجيين في السوق المصرية الضخمة المكونة من 90 مليون نسمة.
وتنقل الصحيفة عن وائل زيادة، مسؤول في البنك الاستثماري إي أف جي- هيرميس، قوله إن المستثمرين يتعاملون مع واقع الاستقرار، سواء كان استقرارا يقوم على القمع أو قبولا به "فهو استقرار".
وبالرغم من كل هذا فالنقص في الطاقة الكهربائية والعجز في الناتج المحلي بقيمة 11%، ما يزالان مشكلة كبيرة، ولكن السيسي أرسل رسالة إيجابية للمستثمرين، عندما أعلن في الصيف عن خطط لتخفيض الدعم الحكومي للوقود.
وينقل التقرير عن الشركة الاستشارية "كابيتال إيكونوميكس" القول بإن السيسي حقق تقدما في الأشهر القليلة في حكمه أكثر مما توقعه الكثيرون.
وبالرغم من شعور الرئيس المصري بالأمان، إلا انه لم يظهر أي اشارات عن نيته تخفيف حدة سيطرة الأجهزة الأمنية.
وتختم هبة صالح تقريرها بالإشارة إلى أن الناشطين في مجال حقوق الإنسان وجماعات العمل المدني يشعرون أن فأسا مسلطا فوق رؤوسهم، وأعطوا إنذارا نهائيا للعمل بناء على شروط الحكومة. وما يزال عشرات من السجناء السياسيين يواصلون إضرابا عن الطعام. ويقول هيلير إن البعض يتساءل بعد شعور الدولة والحكومة بالأمن فقد يقومون بتخفيف عدد من القيود المفروضة على المعارضة، "ولسوء الحظ فسجل الحكومة لا يؤشر لذلك الاتجاه".