مقالات مختارة

إسرائيل تلتهم الأقصى

1300x600
كتب صلاح الدباس: في الوقت الذي ينشغل فيه العرب بكثير من القضايا التي تتفجر يوما بعد آخر، وتزحف الجموع خلف تنظيم الدولة الإسلامية، تتمتع إسرائيل بوضع الانفراد بالمسجد الأقصى وتبني المستوطنات وتضع العرب أمام الأمر الواقع، وهم وإن مضوا خطوة معها في ترتيبات تفاوضية تراجعت مع الغفلة خطوتين الى الوراء.

مؤخرا اتهمت الحكومة الأردنية، السلطات الإسرائيلية بإفراغ المسجد الأقصى في البلدة القديمة للقدس من المسلمين بالكامل، في الوقت الذي تقوم فيه بتمكين المتطرفين اليهود والمستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى وتأدية الصلوات التلمودية تحت حماية القوات الخاصة التابعة للاحتلال.

هذه حالة استثنائية جريئة للغاية تمعن في إذلال العرب وتحديهم، وتتطلب مراجعات سياسية حازمة تتحرك فيها الجامعة العربية من أجل إيقاف تلك الانتهاكات لأننا سنجد أنفسنا أمام خيارات صفرية لا نملك فيها أي معطيات تدعم التفاوض، فحين تسيطر إسرائيل على الأقصى وتتمدد بمستوطناتها في كل الأراضي المحتلة وتغوص في الضفة الغربية، فما الذي يتم التفاوض بشأنه؟

إسرائيل طيلة مفاوضاتها لم تتفاوض على وضع تاريخي أو سابق للمرحلة التفاوضية، وإنما تتفاوض من آخر نقطة تقف عندها، والنقطة التي تقف عندها حاليا هي السيطرة على الأقصى والترخيص بآلاف المستوطنات التي لا تجد سوى إدانات وشجب خجول من المجتمع الدولي لا يمنع إقامتها أو يحد من بنائها.

لدينا مشكلة مزمنة في التعامل السياسي الواقعي مع خطط إسرائيل المكشوفة أصلا، وأيا كانت طبيعة العلاقة مع إسرائيل التي تتراوح بين السلام والتعامل المحدود معها والعداء الظاهر لها، لا بد من وجود منفذ لإيقاف اكتساح إسرائيل للأراضي العربية، ذلك غير طبيعي وليس منطقيا ويؤسس لتفكيك الارتباطات العربية ويفجر نفوس غاضبة من الصمت العربي تجاه ما يحدث، وما يكون ناعما حاليا سيصبح خشنا جدا في المستقبل.

من الضروري أن يتحرك العرب دوليا أو من خلال العلاقة مع إسرائيل لإيقاف ما تقوم به لأنه ينطوي على تأسيس واقع خاطئ سندفع فاتورته لاحقا، وسينتج لدينا مزيدا من المتطرفين والرافضين لما يحدث، على الأقل بمفاوضات تضع حدودا للتمدد الإسرائيلي الخاطئ في الأراضي العربية والتهامها دون أي مقاومة سوى حجارة لأطفال وصبية لا يملكون سواها لرد الحشود العسكرية الإسرائيلية، وذلك بالطبع غير ممكن وليس مجديا.

( عن صحيفة بوابة الشرق القطرية 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2014)