أنهت
تونس انتخابات تاريخية بكل المقاييس أبهرت البلدان الأكثر ديمقراطية في العالم، فيما كشفت أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في ختام عملية التصويت مشاركة 59.99 بالمائة من الناخبين المسجّلين.
ورغم بعض الخروقات التي شهدتها العملية الانتخابية إلاّ أنّ الانطباع العام لعدد من قياديي الأحزاب والمراقبين الذين تحدثوا لـ"عربي21" كان ايجابياً في أعقاب إغلاق مراكز الاقتراع.
احترام القانون
ونوّه القيادي في حركة
النهضة ورئيس قائمة الحركة عن محافظة سوسة العجمي الوريمي في حديثه لـ"عربي21" بالجو العام الذي ساد
الانتخابات إذ لم يُسجّل أيّ حادث عنف بين الاطراف المتنافسة، وهو -بحسب الوريمي- عامل إيجابي يُحسب للديمقراطية وللجهة الأمنية.
لكن الوريمي لفتَ النظر إلى عدد من التجاوزات التي تم تسجيلها قائلا: "هي محاولات تأثير على سير الانتخابات أو النتائج، وسنقدم تقريراً مفصّلا بخصوصها"، مؤكداً أن حركة النهضة كانت حريصة على احترام القانون وعلى أن تكون الانتخابات شفافة وفيها تنافس نزيه كما يحلم بها التونسيون.
وبحسب الورمي فان بعض الأحزاب المتنافسة تعوّدت على سلوكيات معيّنة لشراء ذمم الناخبين ولا يدركون أن الناخب سيّد نفسه وقراره.. كان يفترض وجود حزم من الجهات الأمنية وهيئة الانتخابات ومسؤولية أكبر للأطراف المتنافسة".
مقبول في مجمله
وفي السياق نفسه، قال عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حركة النهضة، خلال ندوة صحفية حضرها "عربي21" وانعقدت إثر إغلاق مكاتب الاقتراع إنّ سير العملية الانتخابية مقبول في مجمله، مشيراً إلى أن الحركة تعبّر عن ارتياحها العام لسير العملية الانتخابية في مرحلة التصويت، لكنّه أشار إلى أنّ النهضة سجلت العديد من الخروقات التي سيتم رفعها الى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.
طابع سلمي للانتخابات
وأكّد الكاتب الإعلامي والمحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح لـ"عربي21" أن المسار الانتخابي في تونس قد جرى في ظروف معقولة ولم يتخلّله ما من شأنه أن يشكّك في نتائجه وفي آلياته.
وفي ما يتعلّق بالنواحي القانونية والشكلية قال الجورشي إنّ المسار الانتخابي تمّ في ظروف مقبولة، "خاصة ان هذا المسار لم يتعرّض لتهديد أمني من شأنه أن يربكه أو يوقفه وهذا عنصر هام لأنه في الفترة الأخيرة كان هناك تخوف من توجيه الجماعات الارهابية ضربات موجعة للعملية الانتخابية"، بحسب قوله.
ونوّه الجورشي بنقاء العملية الانتخابية من العنف السياسي بين الاحزاب السياسية المتنافسة وهو ما يؤكد الطابع السلمي للانتخابات ولعملية الانتقال السياسي في تونس.
وختم قائلا: "من نتائج الانتخابات، بعد انجاز الدستور، بناء نظام سياسي ديمقراطي ومستقر نسبيا وان كانت هذه الانتخابات لن تحلّ المشكلات الكبرى على المستوى الاقتصادي ولكنها تمثل أرضية ملائمة لتنظيم الحوار الداخلي والتأطير السياسي".
ثقل تركة النظام البائد
وعبّر القيادي في حزب التكتّل، أحد أحزاب الترويكا الائتلافية السابقة ورئيس قائمة انتخابية عن محافظة أريانة مولدي الرياحي لـ"عربي21" عن تقديره لدور قوات الامن والجيش في ضمان سير العملية الانتخابية. مضيفاً أنّ محاولات هدم البناء الذي شيّدته الأطراف السياسية خلال المرحلة الانتقالية باءت بالفشل.
وأشار الرياحي إلى عزوف الشباب عن الاقتراع واصفا إيّاه بـ"دون المأمول" ومردّ ذلك بحسب الرياحي أنّ "الشباب يشعر بشيء من المرارة في ما يتعلّق بقضايا التشغيل التي كانت دون توقعاته وهذا بسبب ثقل تركة النظام البائد".
ويرى متابعون للمسار الانتخابي أنّ النواقص والخروقات التي تم تسجيلها مقبولة في مجتمع ليست له تقاليد عريقة في الديمقراطية، وموازين القوى السياسية فيه مختلة، كما أنّ الرواسب القديمة مازالت تؤثر في آلياته.
سبر الآراء
وفي خرق للصمت الانتخابي قال الطيب البكوش، الامين العام لحزب حركة نداء تونس خلال ندوة صحفية عقدها مساء الأحد وحضرها موقع "عربي21" إنّ "هناك مؤشرات ايجابية ومشجعة لفائدة نداء تونس تدلّ على ان النداء سيكون في المقدمة.. وبالنسبة الينا هي مرحلة أولى في انتظار الانتخابات الرئاسية حتى تكتمل الصورة.. هناك تقارير للخروقات والتجاوزات ضدّ نداء تونس وسننتظر ما ستقوم به الهيئة ولن ندخل في جزئيات وإن كانت قد أضرّت بالنداء".
ويبدو أنّ حركة نداء تونس قد اعتمدت في تصريحها بأنّها في مقدّمة الأحزاب على نتائج أوّلية لشركة "سيغما كونساي" المختصّة في عمليات سبر الآراء، والتي تحوم حولها شكوك بسبب عدم شفافية تمويلها.
احترام الإجراءات
وقال أمين حلواني عضو شبكة "مراقبون"، التي تضم أربعة آلاف مراقب متطوّع، لـ"عربي21" إنّ الانتخابات تمّت في ظروف جيّدة، مضيفاً أنّ 84 بالمائة من مراكز الاقتراع تمّ فيها احترام الإجراءات القانونية بشكل كامل، وتمّت ملاحظة تجاوزات بسيطة في 15 بالمائة من المراكز. في حين تمّ تسجيل خروقات جسيمة في 1 بالمائة من المراكز.
وأكد أن 98 بالمائة من مراكز الاقتراع تواجد فيها مراقب يمثّل قائمة حزبية أو مستقلّة، كما تواجدت شبكة "مراقبون" في 95 بالمائة من المراكز أيضاً.
ويوجد في تونس 5 منظمات وطنية، على غرار "عتيد" و"مرصد شاهد" و"مراقبون" وغيرها، كلّها تُعنى بمراقبة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها بدءاً من الناحية التشريعية ووصولا إلى الإعلان عن نتائجها بغضّ النظر عمّن يفوز فيها.
من جهتها، قالت رئيسة المراقبين لبعثة الاتحاد الاوروبي لملاحظة الانتخابات أنمي نيتس ايتوبروك في تصريح صحفي الاحد بالمركز الإعلامي لهيئة الانتخابات بالعاصمة أن الانطباعات الاولية عن عملية الاقتراع تشير الى أنها سارت بشكل مرضي جداً وفي ظروف جيدة على الرغم من وجود بعض الخروقات التي وصفتها بأنها "عادية جداً"، وقالت إنها تحدث في كل بلدان العالم.