أكد الدكتور محمد شريف كامل، المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري
المصري، أن اليوم الذي يتم فيه
تهجير أهالي
سيناء من منازلهم هو بوم من أسود أيام مصر على الإطلاق، فتهجير المصريين من أرض الفيروز هو أخطر وأقذر ما قدم الانقلاب حتى الآن، بل إنه يتفوق على مذبحتي رابعة والنهضة في خطورة تأثيره المستقبلي على مصر وعلى المنطقة ككل.
وقال في تصريح لـ"عربي21": "التهجير القسري لأهالي سيناء من أهداف الانقلاب التي تَصور العديد أنه عمل داخلي الصنع والتأثير، بينما هو عمل مشترك للفساد الداخلي ولأصحاب المصالح من الخارج، وها نحن نرى كل يوم حجم المصائب التي يخلفها الانقلاب وعصابته".
وأوضح "كامل" أن ما يحدث في سيناء من تهجير لمصريين من ديارهم هو كارثة وطنية بكل المقاييس، حيث نضع جيش مصر في مواجهه غير آدمية مع الشعب، وأهل سيناء، الذين حموه في 1956 و1967، وشكّلوا طوال فترات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء المقاومة الحقيقية لذلك الاحتلال، وعملوا كطلائع الاستخبارات المتقدمة لجيشنا في 1973.
وشدّد المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري على أن "ذلك التهجير يخلق ثأرا وعداوة أبدية بين أهلنا في سيناء والجيش، الوطني سابقا، وذلك لا يخدم إلا المصالح الصهيونية، وهذا عار ستعيش به مصر طوال التاريخ".
واستطرد : "عمليات التعذيب والإرهاب التي يعيشها شعبنا على ضفاف وادي النيل على أيدي سفاحي الانقلاب، امتدت اليوم لتطول أهل سيناء، حيث التعذيب الرهيب في سجن الزهور، واليوم القتل المباشر والإهانة المستديمة، ثم التهجير القصري، ناهيك عن حملات الكراهية التي يبثها الإعلام الساقط الذي يمارس دورا خطيرا في تقسيم الشعب والحض على الكراهية".
واختتم "كامل" بقوله إن "هذه الإجراءات القمعية التي يرتكبها قادة العسكر في حق أهالي مدينة رفح إنما تمثل إرهابا حقيقيا و? تؤرق فقط أهالي سيناء، بل هي مؤلمة وموجعة لكل أبناء الشعب المصري المخلصين لهذا الوطن وتعد جريمة جنائية ? تسقط بالتقادم وإن طال أمد العقاب".
من جانبها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين دعمها بكل قوة للحقوق المشروعة لأهالي سيناء، مؤكدة أن الشعب المصرى لن يترك أرض الفيروز وحيدة في مواجهة ما وصفته بإرهاب الانقلاب ومخططاته الآثمة.
وأدانت الجماعة، في بيان أصدرته مساء أمس الخميس، "إجرام نظام الانقلابيين في حق أهل سيناء من قتل وخطف وسحل وتعذيب وسلب لمقدرات الحياة وتهجير قسري لسكان رفح".
وقالت إن "هذه الأساليب والحيل لن تفلح في خداع شعبنا المصري الذي ضحى بفلذات أكباده من أجل استراد تلك البقعة الغالية من أرض مصر العزيزة، ولن يفلت مرتكبو هذه المذابح من الانقلابيين الخونة من القصاص".
واعتبرت الجماعة أن ما يقوم به الانقلابيون في سيناء هو تنفيذ لمخطط المشروع الصهيوني الأمريكي، من تسليم مجاني لأرض سيناء للعدو الصهيوني الغاشم.
وأشارت إلى أن الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، الذي أطاح بحكمه انقلاب عسكري دموي قاده الرئيس الحالي، قد فطن إلى هذا المخطط الآثم، وبدأ بقوة في تعمير سيناء لإجهاضه وتنفيذ مخطط وطني لحماية أراضيها وتعميرها". وختمت بأن "الثوار في ثورتهم مستمرون حتى إسقاط الانقلاب ومحاسبة قياداته والقصاص لكل شهداء 25 يناير وحتى الآن".
وقال الدكتور جمال عبد الستار، القيادي بجماعة الإخوان: "لا أظن أحدا أسعد بحالة مصر اليوم من الصهاينة المحتلين، فقد تحققت لهم الأحلام وصارت واقعا مدهشا، فها هي سيناء تعود لهم كاملة أرضا بلا شعب، أرضا بلا مقاومة، أرضا بلا جيش، وها هي تطمئن على حدودها المؤقتة، بل وتتوسع داخل مصر دون عناء أو تبعات. فقد كان الصهاينة يحلمون بجدار عازل يمنع الحياة عن المقاومة الفلسطينية، فأقام لها السيسي جدارا عازلا، ومنطقة معزولةً وشعبا مٌهجرا".
وأضاف-في مقال له: "ها هو الجيش السيساوي يدمر أهل سيناء، ويعاقبهم على بطولاتهم وصمودهم ووطنيتهم بالقتل والتهجير. ونعم، من حق الصهاينة المحتلين أن يغنوا وينشدوا: سينا رجعت كاملة لينا.. لا.. بل أن يغنوا: مصر رجعت كاملة لينا.. نحن اليوم في عيد!".
من جهتها، أكدت الجبهة السلفية على كون سيناء هي العمق الاستراتيجي لمصر خاصة في مواجهة العدو الصهيوني. وقالت إن نظام السيسي وداخليته وجيشه لم يكتفوا بما صنعوه خلال الفترة السابقة من التنكيل بأهل سيناء واضطهادهم وقتل الأبرياء منهم، لصنع منطقة عازلة سكانيا في سيناء منفصلة شعوريا عن مصر الأم، بسبب ما يلقونه، فبدأوا الآن في تحويلها إلى حزام أمني لما يسمى بدولة إسرائيل بتهجير أهل سيناء وهدم بيوتهم، وكل ذلك هو تنفيذ لمقترح أمريكي قديم معلن يهدف لتوفير الحماية للكيان الصهيوني.
وأضافت في بيان لها اليوم الجمعة: "هذه السياسة المتبعة من التهجير القسري وهدم البيوت هي نفس ما يفعله العدو الصهيوني بأهلنا في فلسطين، ومزاعم محاربة الإرهاب لا تجيزها، بل هي عقاب جماعي للشعب الحر، والنتيجة هي مزيد من الأمان والحماية للكيان الصهيوني ومزيد من التضييق وتشديد الخناق على المقاومة الفلسطينية، ولا علاقة لهذه السياسة بحماية أفراد الجيش المصري".
وتابعت بأن "ما تم نشره من مقاطع فيديو تظهر جنود الجيش وهم يعذبون المصريين من أهالي سيناء هو دليل على ما يفعله قيادات الانقلاب العسكري، من تحويل الجيش المصري من دوره في الدفاع عن أمن مصر، إلى كونه أداة من أدوات القتل والقمع والإرهاب. وزيادة على ذلك، فإن هذه الجرائم تزيد الهوة بين الشعب وبين الجيش الذي يفترض به أن يحمي لا أن يقتل، وتنذر بمزيد من الانهيار المؤسسي والمجتمعي في مصر. بل إن التاريخ يقول إن الاستبداد والطغيان لا يؤدي إلا إلى الانفجار، والدول لا تستقر إلا على أساس العدل".
واستطردت الجبهة السلفية: "ما يحدث اليوم بسيناء من تهجير لأهالي سيناء وقتل وتعذيب الأبرياء لهو عار وإجرام لا يمكن السكوت عليه. وما يقوم به الانقلاب المجرم لا يصب إلا في مصلحة العدو الصهيوني، ويهدد الأمن القومي المصري في عمقه".
وحملت قيادة الانقلاب العسكري المسؤولية عن كل قطرة دم مصرية من المدنيين أو المجندين، إما بصورة مباشرة بتصفية الرافضين لاغتصاب الوطن وإما بصورة غير مباشرة باتهام ا?برياء من أبناء سيناء أو أبناء التيار ا?سلامي وشرفاء المقاومة الفلسطينية المجاهدة بدعوى ا?رهاب، كنوع من المكايدة السياسية الرخيصة، مع التستر على الفاعل الحقيقي أو عدم القدرة على ملاحقته بما يتيح له القدرة على الفعل مرة أخرى.
واختتمت بيانها بالقول إن "كل هذه الجرائم في حق شعب مصر وأمنها القومي، هي إضافة لفاتورة الانقلاب، وزيادة في إجرامه. وهو ما يزيد في إصرار الأحرار على استكمال الثورة ضد الانقلاب حتى إسقاطه، وحتى نقتص لشهدائنا".
بدوره، أكد حزب الوطن السلفي أنه بعين القلق والريبة للأحداث الجارية على أرض سيناء، معلنا رفضه لأسلوب التهجير القسرى للأهالي الذي لم تفعله إسرائيل إبان الإحتلال.
ورأى في بيان له وصل "عربي21"، أن التهجير أمر غير منطقى وغير مأمون العواقب، خاصة أنه ليس حلاً للمشاكل الحالية أو المتراكمة في سيناء، وهو بمثابة إعلان لفشل الدولة في السيطرة على المنطقة، وامتداد لفشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع سيناء.
وقال حزب الوطن إن "سياسة الحكومة الحالية في التعامل مع سيناء باعتبارها بؤرة إرهابية وأن سكانها إرهابيون يفاقم المشكلة وليس حلاً لها، وإن الحل يكمن فى تنمية سيناء، ودمج أهلها في المجتمع المصري، لتكون حائط صد لأي خطر يهدد حدود البلاد".
وطالب "الوطن" – الذي يترأسه الدكتور عماد عبد الغفور مساعد رئيس الجمهورية في عهد الدكتور محمد مرسي- الحكومة بسرعة وقف أعمال الإخلاء والتهجير التي تخالف كافة الدساتير والأعراف الدولية، وإنهاء حالة العداء والتخوين، حيث إن الوضع صار يشكل خطرا بالغا على قضية الهوية والأمن القومي.
يأتي ذلك بينما أعلنت الخارجية الأمريكية تأييدها للقرار المصري بإقامة منطقة عازلة بسيناء، مؤكدة "أهمية الخطوة في تمكين مصر من الدفاع عن حدودها"، بحسب قولها.
وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جنيفر ساكي، عن تفهم بلادها لما وصفته بـ "التهديد الذي تواجهه مصر من سيناء".
وطالبت بمراعاة المواطنين المصريين الذي سيتم ترحيلهم عن منازلهم في مدينة رفح شمال سيناء، بطول 10 كيلومترات وعرض 500 متر، تحوي 800 منزل، وآلاف الأسر.