منذ أن اتخذ القرار أواخر الحرب العالمية الأولى بجعل المنطقة العربية منطقة نفوذ غربية وليست منطقة خاضعة للاحتلال المباشر، وجعل فلسطين تحت الانتداب البريطاني، فقد تمكن الغرب (بريطانيا ثم أميركا) من تحقيق كافة السيطرة على المنطقة العربية وثرواتها وقرارتها، وعلى فلسطين والقدس والمسجد الأقصى عبر عملائها حكام العرب.
الحكام العرب والجيوش العربية الذين أدمنوا ضياع فلسطين مرة كل عشر سنوات على الأقل، لا يزالون يقومون بهذا الدور رغم وعي قطاع عريض من الشعوب بعد الثورات العربية، وكسر احتكار الأنظمة العربية للمعلومة بعد ثورة الاتصالات.
1- أضاعت الجيوش العربية فلسطين بدخولها حرب 1948 غير مجهزة وغير مدربة تحت قيادة جنرالات إنجليز في مسرحية هزلية تظهر قيام كيان الاحتلال كحرب استقلال بدلا من الإبادات الجماعية وتهجير ملايين اللاجئين (بالضبط على الطريقة الأميركية)
2- في حرب 1956 سمح عبد الناصر "لإسرائيل" بحرية الملاحة في المضايق وبوجود بوليس دولي على الحدود بيننا وبينهم وهما القراران اللذان تسببا في هزيمتنا بشكل مباشر في حرب 1967.
3- في حرب 1967 خاض جيش
مصر غير المكتمل (نصفه في اليمن) وغير المدرب وغير الكفء وغير المستعد حربا نتج عنها ضياع القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية وشبه جزيرة
سيناء كاملة.. وارتفع العلم
الإسرائيلي على قناة السويس!
4- في 1979 لم يستفد الجيش من انتصارع في بداية حرب 1973 وأعطى إسرائيل وقت الهزيمة ما لم تأخذه في وقت الحرب. تم الاعتراف بإسرائيل كدولة لها الحق في الوجود والحياة وأن الأراضي المحتلة ليست محتلة وأن حرب أكتوبر آخر الحروب رغم أن فلسطين لم تتحرر بعد، مقابل سيادة شرفية لمصر في سيناء مع النص على عدم تواجد الجيش فيها إلا بموافقة تل أبيب.
5- في الثمانينات والتسعينات تم إهمال سيناء ولم تتحق أي من وعود التنمية فيها وتركت صحراء جادا لا مصانع فيها ولا مشروع!
6- في العقد الأخير من حكم مبارك تم بيع غاز مصر لإسرائيل بسعر أقل من سعر التكلفة (بخسارة) وتم التعاون مع اليهود في حصار وقتال آخر نفس مقاوم في فلسطين متمثلا في حركة المقاومة الإسلامية حماس وبقية فصائل المقاومة في قطاع غزة.
7- أثناء الثورة لم يقتأ إعلام مبارك يذكر أن من قام بفتح السجون وقتل المتظاهرين هم "حماس" !
8- الآن.. يقوم السيسي بتنفيذ حلم أميركي إسرائيلي قديم بخنق قطاع غزة تماما، وتهجير أهالي سيناء القريبين من الحدود من منازلهم وتجريف المنطقة تماما وتسويتها على رؤوس ساكنيها!
***
إن التعامل الأمني مع أهالي سيناء سيقود إلى سيناريو مماثل إلى سيناريو انفصال جنوب السودان.. هذا ليس كلامي مدعيا به التحليل السياسي، بل كلام السيسي نفسه، فيا حسرة على "معرصين أكثر من العرص" يكذبون هذا الكلام حتى لو صدر من السيسي نفسه!
إن الهدف الرئيسي من تهجير أهالي سيناء هو منع أي طلقة رصاص من الذهاب لقطاع غزة، وجعل سيناء أرض بلا شعب، لجيش يستطيع احتلالها مستقبلا إن شاء، إذا لم يستطع الانقلاب الصمود أمام ثورة الشباب داخل وخارج الجامعات! لذا فلا عجب أن تؤيد الولايات المتحدة - التي يزعم إعلام الانقلاب أن قائد أسطولها أسيرا في سجون السيسي - هذا القرار على الفور!
ولمن لا يعلم فقد هربت إسرائيل بزعامة شارون من قطاع غزة لا لوجود مقاومة فحسب، بل لوجود حاضنة شعبية أحالت وجود اليهود في شوارعها جحيما! وهو الأمر الذي لا يرغبون في تصوره يحدث في سيناء!
إن سيناء هي مرآة القدس، وكلما ضاعت سيناء كلما ضاعت القدس! لذا فمن غير المستغرب أن تصعد إسرائيل من عدوانها على المسجد الأقصى في وقت يقوم به السيسي بتهجير أهالي سيناء وتفجير بيوتهم!