على التخوم الغربية للصين، يعطي رجل الأعمال، يانغ تشانغشينغ، نقانق لمجموعة من
الذئاب الجائعة بلا أي خوف من أنيابها، إذ أنه يولي اهتماما كبيرا للعناية بهذه الحيوانات التي تحمل قيمة رمزية مهمة بالنسبة لأقلية الأويغور المسلمة.
وقال يانغ المقيم في جبال تيانشان في منطقة شينجيانغ، شمال غرب
الصين: "لدي تعلق عميق بالذئاب".
وأضاف هذا الصيني البالغ 63 عاما أنه "في بادئ الأمر، كان الأمر مجرد هواية. لكن الآن، كلما كان لدي ذئاب، ازدادت رغبتي في تربية المزيد"، وذلك خلال تقديمه لحم الغنم النيئ لإطعام حيواناته خلف القضبان".
وفي خمسينات القرن الماضي، اجتاز والدا يانغ 1600 كلم من مقاطعة هينان الفقيرة شمال الصين للانتقال إلى شينجيانغ بأراضيها الواسعة عند حدود آسيا الوسطى التي يمثل مسلمو الأويغور المتحدرون من أصول تركية، المجموعة الأتنية الأكبر فيها.
وعلى غرار عائلة يانغ، انتقلت عائلات كثيرة من اتنية هان -الأتنية الصينية الرئيسية- للعيش في شينجيانغ خلال العقود الأخيرة، لدرجة أن نسبة الأويغور تراجعت إلى ما دون الـ50 % من السكان المحليين في مقابل أكثر من 80 % في الأربعينات.
وتسبب ارتفاع عدد سكان المنطقة أربع مرات في خلال 60 عاما بتقليص المساحات الملائمة لحياة "الذئاب الرمادية" التي مارست الصيد بمجموعات كبيرة منذ آلاف السنين على امتداد السهوب، في حين ازدادت عمليات المطاردة ضد هذا النوع من الحيوانات بشكل كبير.
وعلى عكس أفراد أتنية هان، يكرم الأويغور الذئاب ويعتبرون أن جلدها وعظامها تجلب الحظ.
وأكد أحمد بارات وهو سائق أجرة في أورومكي عاصمة الإقليم أن "أتنيتنا احترمت الذئب على مدى آلاف السنين"، مشيرا إلى أن هذا الحيوان يمثل رمز أتنية الأويغور.
إلا أن هذا الرمز يثير ريبة السلطات في بكين التي تتهم فئة متشددة من الأويغور ذات نزعة إسلامية انفصالية، بالوقوف وراء أعمال عنف واعتداءات تشهدها شينجيانغ بشكل متكرر.
ويتهم خبراء وناشطون في منظمات حقوقية بكين بتأجيج التوتر في المنطقة بسبب سياستها التي يصفونها بالقمعية إزاء اتباع الأويغور.
وعاد موضوع الذئاب إلى التداول الشهر الماضي خلال محاكمة الأستاذ الجامعي المنتمي إلى أتنية الأويغور إلهام توهتي الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة "النزعة الانفصالية".
وفي هذا الإطار، أشار محامي توهتي لي فانغبينغ في تصريحات إلى أن الأخير روى في جامعته في بكين أن "الصينيين يسمون انفسهم أبناء التنين في حين يمثل الذئاب رمز أتنية الأويغور" ليخلص إلى "أننا إذا ما كنا أبناء الذئاب فبالتالي لسنا صينيين".
وقد أثار الحكم القاسي الذي صدر في حق هذا الأستاذ الجامعي في الاقتصاد ردود فعل مستنكرة في الخارج.
غير أن الأرض الزراعية المملوكة ليانغ تشانغشينغ في واد معزول يجتازه الرعاة، تبدو بعيدة جدا عن أعمال العنف الأتنية.
فبعد تجميعه ثروة بفضل عمله في مجال الخدمات اللوجستية، واظب رجل الأعمال الذي يملك أيضا نسرا كحيوان مرافقة، على جمع أنواع مختلفة من الذئاب من منغوليا وروسيا.
وأسس سريعا مزرعته الخاصة التي تضم حوالي مئة حيوان اليوم، ويسعى إلى تخطي عتبة الألف ولادة في الأسر.
ويهدف يانغ إلى إطلاق هذه الذئاب في وقت لاحق لتعيش في محيط طبيعي واسع لاستخدامها في وقت لاحق في إقامة حديقة سياحية ضخمة مع فندق على شكل قصر من القرون الوسطى قيد الإنشاء حاليا.
وصرح يانغ بحماسة ظاهرة "أريد القول للسلطات: أعطوني هذه الأراضي، سأطلق عليها ذئابا وسيتهافت الناس لرؤيتها تركض بحرية".
وأكد أن هذا المشروع الطموح والمكلف والمثير للجدل، لن يدر أموالا، مشيرا إلى أنه يتحرك بدافع الحفاظ على هذا النوع من الحيوانات.
ولا تزال الذئاب من الفصائل الهشة إلا أن أعدادها ازدادت منذ الثمانينات بعدما فرضت الصين -التي تضع بكل الأحوال قيودا صارمة على استخدام الاسلحة- حصصا للصيد في المحميات الطبيعية الكبيرة.
حتى أن الإعلام الرسمي الصيني يصف هذه الحيوانات بأنها مصدر "تهديد" وتتهمها بالتسبب بنفوق خمسة آلاف رأس ماشية سنويا.
كذلك تحدثت وسائل الإعلام في آب/ أغسطس الماضي عن هجوم قطيع ذئاب على قرية خلال الليل ما تسبب بمقتل ستة من أبنائها.
إلا أن يانغ يقلل من خطورة هذه الحيوانات، قائلا إن "الذئاب لديها قابلية خاصة للهجمات المضادة. فعندما تهاجم أناسا، هذا سببه أنها تعرضت للاستهداف والهجوم".