يصوت القوميون في
كاتالونيا الأحد على
استقلال الإقليم في استفتاء رمزي غير مسبوق، وإن لم تكن له أي قيمة قانونية، نظمته السلطة التنفيذية لهذه المنطقة الإسبانية الغنية رغم اعتراض
مدريد.
واصطف ناخبون من جميع الأعمار، بعضهم اصطحب أطفاله في صفوف طويلة أمام مكاتب
التصويت التي فتحت أبوابها عند الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي وسط تصفيق الحاضرين.
كارمي فوركاديل الذي يرأس الجمعية الرئيسية المطالبة بالاستقلال اي.ان.سي، قال وهو يضع بطاقته في ساباديل التي تبعد 30 كم عن برشلونة "هذا التصويت بمثابة تحدي للدولة الإسبانية التي استخدمت كل الوسائل لمنعه".
ويشكل المطالبون بالاستقلال قرابة نصف سكان كاتالونيا البالغ عددهم 7,5 مليون نسمة بحسب آخر استطلاع للرأي.
أنصار الوحدة مع إسبانيا لا يريدون المشاركة في هذا الاستفتاء الذي يعدّونه "غير شرعي وغير ديموقراطي".
واقتداء بالاستفتاء الذي نظم في اسكتلندا جازف رئيس كاتالونيا ارتور ماس بتنظيم هذا
الاقتراع الرمزي، حيث لا توجد لجنة أو قوائم انتخابية، رغم قرار المحكمة الدستورية القاضي بتجميده.
وقال الرئيس القومي بعد أن وضع بطاقته في صندوق الاقتراع وسط تصفيق الحضور "هدفنا هو التصويت في استفتاء نهائي بالاتفاق إذا أمكن مع مدريد".
وأضاف "سنسعى إلى إقناع المسؤولين في مدريد بعد هذا اليوم التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر بأن أبناء كاتالونيا لهم الحق في تنظيم استفتاء له تبعات سياسية كما قعل الاسكتلنديون وكما فعل الكيبيكيون. فلماذا لا يحق ذلك لكاتالونيا؟.
وكان الاسكتلنديون رفضوا الاستقلال في الاستفتاء الذي نظم في 18 أيلول/ سبتمبر الماضي وسكان إقليم الكيبيك الكندي عام 1995.
والحكومة الإسبانية تؤكد أن الدستور لا يسمح للمناطق بتنظيم استفتاء على مسألة تعني الإسبان كافة.
ولجمع أكبر عدد من الأصوات فتح ارتور ماس باب المشاركة أمام الشباب فوق الـ16 عاما وأيضا أمام الأجانب الذين مضى على إقامتهم في الإقليم سنة على الأقل.
الشاب مارتن اربيثار (16 سنة) يقول، وهو ينتظر دوره بصبر في جو خريفي جميل، "لا نريد إضاعة هذه الفرصة".
وبعد أن حاول منعه سعى رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي إلى التقليل من أهمية هذا الاقتراع. وقال السبت "يمكن أن نسميه كما نشاء لكنه ليس استفتاء وليس استشارة ولا أي شيء من هذا القبيل... الأمر المؤكد أنه لن يرتب أي أثر".
إلا أن الشكاوى التي تقدم بها المعارضون للاستقلال لن تتيح له تجاهل انتهاك قرارات المحكمة الدستورية التي أمر قضاتها مرتين بوقف ترتيبات الاستفتاء، ولا سيما استخدام وسائل الدولة لتنظيمه، رغم مشاركة 40 ألف متطوع في هذه الترتيبات.
والنيابة العامة أعلنت أنها ستحقق في استخدام المدارس العامة والمباني الرسمية مراكزا للتصويت، وهو ما يمكن أن يستخدم في ملاحقة ارتور ماس ومنظمي الاستفتاء قضائيا بتهمة العصيان المدني.
إلا أن ايميلي توريل (50 سنة)، التي تطوعت لرئاسة أحد مكاتب التصويت، تقول: "ضميري مرتاح. الشعب قرر تجاوز قرارات الحظر، وليس لدينا خيار آخر".
ويشكل هذا اليوم الذي يسمونه "ناين-ان" (أي التاسع من نوفمبر) فصلا جديدا في سلسلة الخلافات مع مدريد التي تفاقمت جدا منذ 2010.
ففي تلك السنة، قامت المحكمة الدستورية التي لجأ إليها الحزب الشعبي اليميني بقيادة ماريانو راخوي بتعديل "وضع الحكم الذاتي" الساري في كاتالونيا منذ 2006، الذي يقضي بنقل صلاحيات واسعة إلى المنطقة، ويمنحها وضع "الأمة".
وهذا التعديل ألغى جزءا كبيرا من هذه المكتسبات.
بعد ذلك طالبت المنطقة التي تمثل 20 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي لإسبانيا، دون جدوى، بالحق في جباية الضرائب وإدارتها، حيث لم تتقبل فكرة تلقي مبالغ أقل من تلك التي تدفعها للدولة.
اقترب ارتور ماس اليميني تدريجيا من الاستقلاليين الذين كانوا ينظمون تظاهرات حاشدة إلى أن ذهب إلى حد الوعد بإجراء استفتاء اعتبارا من 2012.
لكن المدافعين عن الاستقلال لا تهمهم شرعية الاستفتاء. وقال المحامي الاستقلالي ريكارد جين إن "المطالبات بحق المرأة في التصويت كان أيضا في وضع غير قانوني فهل كانت حركتهم غير شرعية؟".
أما المعارضون فيتحدثون عن عملية "غسل دماغ" خضع لها الكاتالونيون.
وقالت مرسيدس غارغايو، التي تعارض التصويت، السبت، "نحن إسبانيون وكاتالونيون لكن لا أحد يصغي إلينا".