هيمنت حسابات الربح والخسارة على نقاشات الإعلاميين والمختصين والسياسيين، بعد أن أكدت وزارة الشباب والرياضة
المغربية أن المملكة متشبثة بقرار الإبقاء على طلبها تأجيل
نهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم من سنة 2015 إلى 2016.
وذلك مساء السبت 8 نوفمبر بعد انقضاء مهلة خمسة أيام التي منحتها الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم للمغرب من أجل رد نهائي حول استضافة الـ "
كان" من عدمه، في انتظار أن يحسم الـ "
كاف" في الموضوع نهائيا الثلاثاء في لقاء مرتقب لمسؤولين عليه في القاهرة.
بلاغ وزارة الشباب والرياضة أكد أن هذا القرار أملته دواعي صحية ذات خطورة قصوى ترتبط بالمخاطر الجدية لانتشار وباء "إيبولا" القاتل.
وأضاف البلاغ الذي اطلع عليه "عربي21" أنه "وبالنظر لدواعي صحية ذات خطورة قصوى ترتبط بالمخاطر الجدية لانتشار وباء إيبولا القاتل، فإن قرار المغرب يكتسي طابعا منطقيا من أجل تعديل الجدول الزمني لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم من خلال إعادة اعتماد نظام دورتي 2012 و2013 خلال سنتي 2016 و2017.
إذا كان السبب "إيبولا" فالقرار منطقي
يذهب أكثر من محلل وخبير إلى كون المغرب سيعفي نفسه من مشاكل جمة إذا كان بالفعل السبب الرئيسي للتشبث بتأجيل نهائيات كأس إفريقيا هو الفيروس القاتل "إيبولا"، وضمن هذا السياق جاء حديث الخبير في مجال السياسة الرياضية متصف اليازغي لـ "عربي21"، والذي أكد أنه إذا تعلق الأمر بإيبولا كخطر حقيقي فإن المغرب سيكون قد أعفى نفسه من نفقات إضافية بملايين الدراهم من أجل الاحترازات الصحية والوقائية الضرورية.
ويطرح الفاعل في مجال الإعلام عموما والرياضي على وجه التخصيص، فرضية اكتشاف حالة واحدة مصابة بالمرض أثناء المنافسات الإفريقية وما سيعنيه ذلك من تأثيرات وخيمة على السياحة بدرجة أساس، خاصة أن المغرب ليس دولة متطورة جداً في هذا المجال كدول غربية مما سيجعلها قادرة على التصدي السريع والناجع لحالة أو أكثر إن ظهرت.
الـ "كاف"يفند حجج المغرب
منصف اليازغي، صاحب مجلة وموقع "كتب في الرياضة" اعتبر في تصريحاته لـ "عربي21" أن رد الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم فند الدفوعات والحجج التي قدمها المغرب وبرر بها تشبثه بتأجيل النهائيات الإفريقية حتى 2016، فقد أكد ال "كاف" أن الدول المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا غير معنية بشكل مباشر بفيروس إيبولا، كما أن الوضعية الاقتصادية ومستوى عيش تلك الدول حسب حديث اليازغي، يجعل من العدد المفترض الذي سيحضر النهائيات لا يتجاوز 100 ألف، "عكس الأرقام المبالغ فيها جداً، والتي قدمها محمد أوزين وزير الشباب والرياضة، حيث ادعى احتمال قدوم مابين 500 ألف ومليون مشجع للمغرب".
اليازغي الذي اعتبر أن رد الاتحاد الإفريقي على المغرب أقنعه بشكل كبير، قدم معطيات أخرى تفيد بأنه تم مؤخرا تنظيم كأس إفريقيا للسيدات في ناميبيا ولم يتم تسجيل أي حالة إصابة بفيروس إيبولا، ثم تساءل الخبير الرياضي مع الموقع بالقول "كيف يعقل أن يحتضن المغرب في ديسمبر 2014 نهائيات كأس العالم للأندية ويرفض بعد ذلك بشهر واحد احتضان نهائيات كأس إفريقيا، وهي معطيات إلى جانب عدد الرحالات الحرية التي تخرج وتدخل للمغرب يوميا من دول غرب إفريقيا مقلة آلاف البشر دون تسجيل أي إصابة حتى حدود الساعة، تجعل من الحجج المغربية لطلب التأجيل غير ذات قوة حسب منصف اليازغي.
هذا ما سيخسره المغرب برفض احتضان الـ"كان"
جوابا عن سؤال ماذا سيخسر المغرب في حالة تم نقل التظاهرة لبلد آخر، قال المحلل الرياضي منصف اليازغي لـ "عربي21" هناك الخسائر المباشرة وهي المتعلقة بالرواج وبيع التذاكر وحركة الفنادق والبيع والشراء، لكن الخسارة الأفدح هي غير المباشرة والتي تتعلق أولا بال تقديرات التي تتحدث عن أن ثمانية ملايين شخص عبر العالم تتابع هذه التظاهرة، وهذه خدمة للمغرب يؤكد اليازغي أنه لن يقدم أي وزير سياحة أو رياضة للمغرب حتى لو تم قياس جهوده كل وزراء السياحة من الاستقلال إلى اليوم.
وأضاف المتحدث للموقع أن المغرب أيضاً سيفوت فرصة بعث رسالة قوية للمستثمرين عبر العالم والذين لاشك سيعجبون بالمغرب ويقبلون عليه في حالة احتضانه التظاهرة وإنجاحها، كما أن المغرب سيفوت فرصة تأكيد المغرب كبلد مستقر في منطقة مضطربة ومتحركة.
وخلص الخبير في السياسات الرياضية إلى أن تمت أخطاء ارتكبت في تدبير ودراسة هذا الموضوع، من قبيل خروج وزيري الرياضة والصحة للإعلام والحديث على أن تأجيل ال "كان" هو قرار سيادي قبل التواصل مع ال "كاف"، وسجل اليازغي أن المغرب كان عليه الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع المسؤولين عن الكنفدرالية الإفريقية قبل أن يصل إلى ما هو عليه الآن.
في هذا الإطار تسود حالة غضب شبابية وإعلامية خاصة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، ترفض تفويت المغرب لفرصة احتضان هذه التظاهرة التي لم يحتضنها إلا مرة واحدة سنة 1988 وكانت عن طريق الصدفة، فيما تعتبر أوساط أخرى أن طلب المغرب تأجيل "الكان" لدواعي صحية أمر منطقي ومعقول، لكون صحة المواطن والناس عموما فوق أي اعتبار.
الصحة العالمية تحذر
بلاغ وزارة الشباب والرياضة المغربية استند في رسالته الموجهة لمسؤولي ال كاف" على معطيات عدة لمنظمة الصحة العالمية والتي من بينها أن مرض "إيبولا" خلف أزيد من 5000 قتيل خلال بضعة أشهر وأزيد من 13 ألف مصاب، وهو الرقم الذي تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يتجاوز 20 ألف شخص في غضون الشهور المقبلة.
وأضافت ذات الرسالة، إلى أن قرار التشبث بالتأجيل يعزى أساسا إلى المخاطر الطبية التي يمكن أن يشكلها بالنسبة لصحة المواطنين الأفارقة، مؤكدة أن منظمة الصحة العالمية تقر بشكل واضح أن من شأن التجمعات الجماهيرية الكبيرة الرفع من خطر تفشي الأمراض المعدية لكونها تتشكل من عدد كبير من الزوار القادمين من مختلف البلدان.
وأوصت منظمة الصحة العالمية في بلاغ صادر في 23 أكتوبر 2014 جميع البلدان بتقييم خطر "الإيبولا" المرتبط بهذه التجمعات الجماهيرية واتخاذ القرار المناسب حسب معايير الوقاية الصحية
تبريرات المغرب عودُ على بدأ
بالإضافة للحمولة الرياضية لهذا الحدث، أشار بلاغ وزارة الشباب المغربية، إلى أن المغرب يجدد التأكيد على رغبته في تعزيز علاقاته التاريخية والعميقة، بشكل أكبر مع البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة وترسيخ القيم والمبادئ الكونية المتعلقة بالتسامح والانفتاح والاحترام والتضامن التي تتقاسمها الشعوب الإفريقية
وأضاف البلاغ أن المملكة المغربية أثبتت، في واقع الأمر، التزامها الراسخ باحتضان هذه المنافسة المتميزة وطموحها في جعل كأس أمم إفريقيا لسنة 2015 دورة استثنائية مبرزا أن المملكة المغربية قامت بعمل جبار من أجل إعداد ترشيحها، وبذلت، على إثر ذلك، مجهودا استثنائيا من أجل تأهيل بنياتها التحتية الرياضية والإنهاء الدقيق للجوانب التنظيمية.
وأبرز البلاغ أنه "بغض النظر عن الأسباب الصحية، فإن هذا القرار يعزى أيضا إلى دواعي إنسانية حيث أنه من مسؤوليتنا استقبال جميع المشجعين والضيوف في أفضل الظروف تماشيا مع ثقافة كرم الضيافة والتقاليد المغربية" مضيفا أن المغرب يرى أنه من غير اللائق أن يرى نفسه مجبرا، في إطار تفعيل التدابير الوقائية، على رفض استقبال مواطنين أفارقة، خصوصا منهم القادمين من البلدان المصابة بالوباء، وذلك نظرا لعلاقات الصداقة وحسن الجوار المتميزة التي تربط المغرب بالبلدان الإفريقية.
وردا عن موضوع احتضان المغرب "للموندياليتو" الشهر القادم، قال بلاغ المملكة أن هذه المنافسة تسجل حضورا قليلا نسبيا من المشجعين العالميين، عكس كأس أمم إفريقيا، وبحكم أنها تعد أول منافسة رياضية إفريقية، تستقطب عشرات الآلاف من المشجعين، هذا الرقم يمكن أن يكون أكبر من ذلك نظرا للقرب الجغرافي للمغرب وجاذبيته السياحية.