تتصاعد
الاحتجاجات ضد الحكومة
المغربية للأسبوع الثالث على التوالي، في مناطق مختلفة من المغرب، رفضا للزيادات الكبيرة في
أسعار خدمتي
الماء والكهرباء، مما دفع الحكومة إلى الدخول في سباق مع الزمن من أجل نزع فتيل التوتر من خلال سلسلة إجراءات كان آخرها ما أعلنه المكتب الوطني للماء والكهرباء بإلغاء غرامة التأخر في الأداء.
وعاشت مدينة "زايو" قرب الناظور بأقصى الشمال الشرقي للمغرب، الأحد مسيرة شعبية حاشدة، انطلقت من أمام مبنى البلدية لتجوب شوارع المدينة، وسط مشاركة مكثفة لأعضاء عدد من الهيئات السياسية والمدنية بما فيها، كان حضور أعضاء جماعة العدل والإحسان فيها بارزا ومكثفا.
ونشر الموقع الرسمي لجماعة العدل والإحسان على الإنترنيت، تقريرا مصورا عن المسيرة، معتبرا أن الحاضرين عبروا عن سخطهم إزاء السياسة التي تنتهجها الدولة في تدبير الشأن العام، حيث أوصلت البلاد إلى النفق المسدود عبر سياسات فاشلة أجهزت على حقوق المواطن في العيش الكريم، كان آخرها الزيادات المهولة في فاتورة الماء والكهرباء والتي أثقلت كاهل المواطن المفقر.
وقال حسن بناجح مدير مكتب الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، وعضو الدائرة السياسية لمكتب إرشاد الجماعة، إن "جماعة العدل والإحسان مشاركة في جميع أشكال الدفاع عن المواطنين، خاصة في القضايا التي يكون فيها المواطنون ضحايا للسياسات العمومية الممعنة في تفقيرهم، كما هو الشأن بالنسبة لارتفاع أسعار الماء والكهرباء".
وقال حسن بناجح في تصريح لموقع "عربي21"، إن "مشاركة أبناء الجماعة في الاحتجاجات الشعبية على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية كالكهرباء والماء يأتي انطلاقا من كونهم مواطنين ضحايا لهذه الزيادات والإجراءات، وبالتالي فاحتجاجهم يأتي من منطلق المواطنين المتضررين وليس من منطلق انتمائهم السياسي".
وأوضح بناجح بخصوص الإجراءات التي تتخذها الحكومة في موضوع الماء والكهرباء، "أن الناس وحدهم من يقرر ما إذا كانت هذه الإجراءات كافية لإقناعهم بالتراجع عن الاحتجاج، والعدل والإحسان بطبيعة الحال جزء من الناس وليس طرفا في النزاع، فالملف اجتماعي وليس ذا طبيعة سياسية".
وشدد المتحدث، أن "ما تقدمه السلطات العمومية من إجراءات تبقى غير مقنعة ودون الانتظار، ففي الوقت الذي تتخذ قرارا بالتخفيف عن فئة اجتماعية، فإن فئات أخرى أوسع، تقع تحت طائلة الضرر الناتج عن الإجراءات المتخذة".
وحذر حسن بناجح من "التداعيات السياسية لهذه الملف الاجتماعي وغيره"، معتبرا "أن مزيدا من الضغط سيفضي حتما إلى الانفجار الذي لا يريده ويتحاشاه الكثيرون من العقلاء في هذا البلد"، مسجلا أن "جماعة العدل والإحسان لا تحترف الاحتجاج ولا تريد أن تسوء أوضاع المغاربة".
تحذيرات حسن بناجح، القيادي في جماعة العدل والإحسان، التي تقدم نفسها كأكبر تنظيم معارض لنظام الحكم في المغرب، جاءت في وقت تحاول فيه الحكومة عبر سلسلة من الإجراءات المتتالية، لتطويق الغضب من زيادات الأسعار، خاصة مع دعوة رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، إلى التعامل بحسم مع الأخطاء المتعمدة من قبل شركات الماء والكهرباء للرفع من الأسعار دون مبرر.
في السياق نفسه، كشف بلاغ للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، المؤسسة المملوكة للدولة للدولة، عن اتخاذ قرار بإلغاء تطبيق غرامة التأخير في الأداء، وأعلن المكتب عن اتخاذ مجموعة من التدابير من أجل تمكين زبائنه من فهم التغيرات المحدثة بموجب تعديل النظام التعريفي الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح غشت 2014، ومدى تأثيرها على استهلاكهم وفواتيرهم، وكذا تصحيح أي خلل قد يحصل أثناء عملية فوترة الماء.
وأوضح البلاغ الذي حصل"عربي21" على نسخة منه، أن هذه التدابير تتمثل في تعبئة شاملة ومستمرة لجميع وكالات المكتب ومصالحه عبر مجموع التراب الوطني لاستقبال جميع الزبائن الذين يقدمون شكاوى، وذلك لمساعدتهم وتقديم جميع الشروحات والتوضيحات الضرورية من خلال معالجة ممنهجة ومشخصة لشكواهم، قراءة ومراجعة أرقام العداد، وتوضيح الاستهلاك ومقارنة الكميات المستهلكة للفصلية الثالثة الحالية مع مثيلتها لسنة 2013.
وأضاف البلاغ، أن هذه التدابير تتمثل أيضا في تقديم تسهيلات الأداء بالنسبة للفواتير المرتفعة، وتمديد آجال استخلاص فواتير الفصلية الثالثة لسنة 2014 وإلغاء تطبيق غرامة التأخير في الأداء، وكذا في التطبيق الفوري لإجراءات مناسبة بخصوص الأسر التي تتوفر على عدادات مشتركة بما في ذلك فواتير الفصلية الثالثة 2014 لهذه الأسر، مشيرا إلى أنه تم، في هذا الصدد، الشروع في عملية لإحصاء الزبائن المعنيين على الصعيد الوطني بحضور السلطات المعنية.
وكان عبد الإله بن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، قد توعد قبل شهر من اليوم، خلال حديثه إلى أعضاء فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصالح المكتب الوطني للماء والكهرباء بالعقاب، إذا ثبت تورطها في فرض زيادات غير قانونية على المواطنين.
وقال ابن كيران: "ليس مقبولا أن تفرض الزيادات على المواطنين في تسعيرتي الماء والكهرباء بشكل غير قانوني".
وتابع ابن كيران، "أنا مستعد أن أذهب إلى المناطق التي عانت هذا الشهر من زيادات غير قانونية، إذا ثبتت، من أجل الوقوف على الحالة بجميع تفاصيلها، ولو وجد تقصير فإن المتورطين سيضعون أنفسهم تحت طائلة القانون.
وشدد ابن كيران قائلا أنا مستعد أن أطلب من الملك طائرة خاصة، للانتقال إلى المناطق المعنية بهذه الزيادات، للوقوف على الأمر.
في الاتجاه ذاته أعلن محمد الوفا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، أنه انطلاقا من فاتح يناير2015 سيتم استخلاص فواتير الماء مرة كل شهر عوض الاستخلاص الدوري، بما يضمن خفضا في أسعار الفواتير، مسجلا بأن المكتب يعمل حاليا على اعتماد الفاتورة الشهرية التي سيبدأ العمل بها ابتداء من سنة 2015.
الإجراءات الحكومية لم تفلح على ما يبدو في إقناع المواطنين بجد وأنها حيث خرجت ساكنة مدينة جرسيف يوم الأحد الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 عند الساعة الرابعة مساء في ساحة بئر أنزران وسط المدينة، بدعوة من عدة أحزاب سياسية وهيئات نقابية وجمعيات من بينها جماعة العدل والإحسان، في وقفة احتجاجية عارمة على غلاء فاتورة الماء والكهرباء وغلاء المعيشة وتردي الخدمات العمومية.
وهاجم المحتجون بسياسات المخزن التي تروم إفقار الفقير والتستر على اللصوص، وكانت الوقفة إنذارية، في انتظار خطوات نضالية ستتخذها الإطارات المنظمة في اجتماعاتها المقبلة.
وتعيش عدد من المدن والبلدات النائية، حالة غضب متصاعدة مع اعتماد التعريفة الجديدة لأسعار الماء والكهرباء، في وقت دعت فيه هيئات حزبية ونقابية إلى وقفات احتجاجية يومي الأربعاء والأحد القادمين، رفضا لغلاء الأسعار.