تشهد المنظومة الأمنية في
مصر وضعا جديدا لم تمر به من قبل، حيث يتنازع
وزير الداخلية محمد إبراهيم الصلاحيات مع أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق له، والذي تم تعيينه منذ عدة أيام مستشارا للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب.
وفي ظل غياب أي بيانات رسمية من رئاسة الجمهورية توضح طبيعة عمل مستشار الأمن الداخلي أو حدود اختصاصاته، أكدت تقارير صحفية متعددة أن جمال الدين سيكون بمثابة وزير داخلية ثان، بل إنه سيمارس دورا أكبر بكثير مما يضطلع به محمد إبراهيم الآن.
ويتعرض اللواء محمد إبراهيم لانتقادات شديدة في وسائل الإعلام طوال الأشهر الماضية بسبب تكرار حوادث استهداف رجال الشرطة والمنشآت الأمنية بشكل شبه يومي، وأصبحت الأصوات المطالبة بإقالته أكثر وضوحا، لكن أحدا لا يعرف على وجه اليقين سر بقائه في منصبه حتى الآن.
جمال الدين مخطط وإبراهيم منفذ
وقالت صحيفة "اليوم السابع" إن الرئيس "عبد الفتاح
السيسي" بات متأكدا أن وزير الداخلية الحالي فشل في مواجهة الجماعات الإرهابية وإعادة الاستقرار للبلاد، وأن محاولاته المتعددة لتحقيق هذه الأهداف افتقرت إلى التخطيط الجيد والأفكار المبتكرة.
وأشارت الصحيفة -في تقرير لها الاثنين- إلى أن جمال الدين أوكلت له مهمة وضع حد للتدهور الأمني الذي تشهده البلاد منذ عدة أشهر عبر إعادة هيكلة المنظومة الأمنية التي ترهلت بشكل غير مسبوق، والدفع بكفاءات جديدة من الضباط صغار السن إلى المناصب القيادية، وكذلك وضع الخطط والاستراتيجيات لاستبعاد القيادات الأمنية الفاشلة أو المتهمة بالتعاون -بشكل أو بآخر- مع جماعة
الإخوان.
وأكدت أن جمال الدين سيكون وزير الداخلية "المُخطط" بينما سيصبح إبراهيم وزيرا "منفذا" فقط للسياسات التي يضعها مستشار الرئيس للأمن، حيث سيضع الخطط والتوجهات الخاصة بالأمن القومي لتنفيذها على أرض الواقع خلال المرحلة المقبلة.
ويقول مراقبون إن أحمد جمال الدين يتمتع بشعبية كبيرة بين ضباط الداخلية، بعكس محمد إبراهيم.
وكان جمال الدين (62 عاما)، حصل على دبلوم علوم الشرطة عام 1974 وتدرج في العمل بالداخلية حتى عمل مفتشا للأمن العام فى محافظتي قنا وأسيوط (الواقعتين في صعيد مصر) بين عامي 1993 و1999، وهى الفترة التى شهدت مواجهات دامية بين الشرطة والجماعات الإسلامية المسلحة، ما أكسبه خبرة كبيرة في التعامل مع الجماعات المتشددة.
البحث عن إخوان الداخلية
ونقلت صحيفة "الشروق" عن مصدر أمني قوله إن جمال الدين ناقش مع وزير الداخلية ملفات عدد من رجال الشرطة المتهمين بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين والذين يتهمون بتسريب تحركات الضباط في مواقع حساسة، مثل قضية اغتيال ضابط الأمن الوطني "محمد مبروك"، وكذلك طلب ملفات العمليات "الإرهابية" التي استهدفت رجال الشرطة والجيش لدراسة كيفية تنفيذها ومعرفة وسائل الإرهابيين في الحصول على المعلومات السرية عن رجال الأمن.
كما يقوم أيضا بفحص طلبات الداخلية لتحديث معدات وتسليح قوات الأمن التي تستخدم في مواجهة الإرهاب بالأماكن الملتهبة مثل سيناء والمناطق الحدودية لتوفير الميزانية المطلوبة لها قريبا، ويدرس كيفية تطوير الأداء الأمني في شمال سيناء بعد حصوله على معلومات عن الجماعات الإرهابية في بعض المحافظات التى تشهد أحداث عنف.
تولى جمال الدين منصب مدير أمن جنوب سيناء عام 2009، ثم مدير أمن أسيوط فى 2010، وفى 2011 أصبح مساعدا لوزير الداخلية لقطاع الأمن العام في عهد منصور عيسوي أول وزير للداخلية بعد ثورة يناير، ثم أصبح وزيرا للداخلية فى حكومة هشام قنديل بين أغسطس 2012 ويناير 2013، قبل أن يقيله الرئيس محمد مرسى بسبب تخاذله في حماية القصر الجمهوري أثناء أحداث الاتحادية فى ديسمبر 2012 وعين بدلا منه اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الحالي.
ضوء أخضر
وشارك في مظاهرات 30 يونيو 2013 التي مهدت للانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وظهر محمولا على الأعناق وهو يهتف بسقوط مرسي والإخوان، وتم تعينه بعد إنقلاب يوليو 2013 مباشرة مستشارا للرئيس المؤقت عدلي منصور.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن الرئاسة منحت جمال الدين الضوء الأخضر لتحديد التغييرات المطلوب إجراؤها في وزارة الداخلية وتعيين القيادات الجديدة لتتمكن من مواجهة الإرهاب بشكل أقوى.
وأكدت صحيفة "الشروق" أن جمال الدين يقوم حاليا بمراجعة أداء قيادات الداخلية لإعداد تقرير بالقيادات التى سيتم ترقيتها والأخرى التى سيتم الإطاحة بها، كما يتولى اختيار الرؤساء الجدد للقطاعات الاستراتيجية بالوزارة ومديري الأمن بالمحافظات، ويرفع تقارير إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى لإصدار قرارات جمهورية بها.
ومن القطاعات التى ستشهد تغييرات قطاع الأمن الوطني الذى فشل في ضبط عدد كبير من العمليات الإرهابية وكشف طرق التمويل والسلاح، كما فشل فى تحديد كيفية تسريب المعلومات التى ساعدت عناصر إرهابية في استهداف رجال الجيش والشرطة، ولم يقدم معلومات كافية للقوات المسلحة لمواجهة الجماعات الإرهابية فى سيناء.