منذ أيام، بدأت جماعة "أنصار الله" المعروفة إعلامياً بجماعة الحوثي، حشد مسلحيها على حدود محافظة مأرب
النفطية، شرقي
اليمن، وبدأ الحديث، في وسائل إعلام مقربة من الجماعة، عن ضرورة حماية المنشآت العامة، وأنابيب النفط وخطوط نقل الطاقة الكهربائية التي تتعرض بين حين وآخر لعمليات تخريب في محافظة مأرب، إضافة إلى تقديم
الحوثيين أنفسهم كطرف في محاربة ما يسمونه "الإرهاب"، في إشارة إلى تنظيم "أنصار الشريعة" التابع للقاعدة في اليمن.
وتقول مصادر قبلية في مأرب، إن هناك تحركات لجماعة الحوثي على تخوم المحافظة، استعداداً لاقتحامها تحت مسمى "اللجان الشعبية"، لكنها ما تزال مترددة في اتخاذ قرار الاقتحام نتيجة عدم وجود مساندة من
القبائل هناك.
هذا التلويح بالتوجه شرقاً نحو مناطق القبائل ينذر بنشوب حرب شرسة، تختلف نوعاً ما عن الحروب التي خاضها الحوثيون في بعض مناطق اليمن التي يجد الحوثي فيها لجماعته بيئة مساندة كما هو الحال في عمران (شمال) وصنعاء.
وبحسب مراقبين، فإن الوضع سيختلف تماماً في مأرب، المحافظة ذات التواجد القبلي المسلّح، والسُنّي الخالص، أي أنه لا يوجد بها أنصار للحوثي، كما أن خطوط إمداده ستكون معرضة لسيطرة القبائل عليها من أغلب الجهات.
كما أن الجغرافيا في مأرب جغرافية صحراوية ممتدة مئات الكيلومترات وهي جغرافيا لا تناسب مقاتلي الحوثي القادمين من الجبال والمرتفعات، وسيكون لها آثار سلبية عليهم، في حال اندلعت أي اشتباكات بين الطرفين.
ومنذ شهرين تقريباً، فرض رجال القبائل، على المدخل الغربي والشمالي، لمدينة مأرب طوقاً أمنياً، وحشدت مئات المسلحين بأنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، تحسباً لأي هجوم قد ينفذه مسلحو الحوثي على أرضهم.
وكان لقاء قبلي حاشد لمشايخ "عبيدة" وقبائل أخرى في مأرب تعهّد بمواجهة الحوثيين الذين يحشدون مسلحيهم بمنطقة "المحجزة" وفي مديريات "الجدعان" غرب المحافظة، وهدد زعماء القبائل الحوثيين في بيان صحفي بتوقيف جميع المنشآت النفطية والغازية في حال تمكُّن الحوثيون من دخول المحافظة.
وناشد زعماء القبائل الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي" بوقف زحف الحوثيين نحو محافظتهم، واكتفى "هادي" بإرسال برقية حمّل فيها "قيادة المحافظة وقادة الجيش والأمن هناك مسؤولية حماية المحافظة واعتبر ذلك من مسؤولياتهم".
وقال "علي بن غريب" أحد زعماء قبيلة عبيدة بمأرب إن "القبائل تعهدت بحماية المنشآت التي تقع على أراضيها جنباً إلى جنب مع رجال القوات المسلحة والأمن، وهي في غنى عن تواجد للمليشيات المسلحة التي تصنع الذرائع للسيطرة على المحافظات".
وأضاف "بن غريب" في حديث مع الأناضول أن "هناك جهات (لم يسمها) تنسّق وتتحرك وفق أجندات النظام السابق، وتعمل على صناعة الذرائع لحليفها الحوثي بحجة الحماية، وهي ذاتها التي أربكت الأمن والاستقرار في البلاد كلها، من خلال الانتشار المسلّح والسيطرة بقوة السلاح على المعسكرات وشغلت القوات المسلحة عن القيام بدورها في حماية الأرض".
وتابع "لن نسمح بأن تتحول محافظتنا إلى مسرح للحرب، وفي حال قرر الحوثي غزو ديارنا فإننا سنتولى حمايتها، ومأرب بنظرنا هي شريان الحياة لليمن، وسيدفع ضريبة الحرب فيها كل بيت يمني وليس فقط أبناء مأرب".
ومأرب هي عاصمة إقليم "سبأ" وتضم إلى جانبها محافظتي "البيضاء" و"الجوف" وهما محافظتان خاض الحوثي فيهما حروباً، انسحب من الثانية، وما يزال يقاتل في الأولى.
وتكمن أهمية مأرب نظراً لوجود حقول النفط فيها، ومنها يمتد الأنبوب الرئيس لضخ النفط من حقول "صافر" بالمديرية، إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غربي البلاد، كما يوجد بها أنبوب لنقل الغاز المسال إلى ميناء بلحاف بمحافظة شبوة جنوبي اليمن، إضافة إلى وجود محطة مأرب الغازية التي تمد صنعاء وعدة مدن يمنية بالطاقة الكهربائية.
كل هذه الميّزات لمحافظة مأرب تجعل من حدوث أي حرب فيها بمثابة كارثة كبيرة، ليس فقط على أبناء المحافظة، بل سينعكس ذلك سلباً على حياة المواطنين اليمنيين، واقتصاد البلد بشكل عام.