قال نشطاء ومراقبون إن إعلام تنظيم "
الدولة الإسلامية" شهد تطورا كبيرا، ويظهر ذلك من خلال الإصدارات التي نشرها مؤخرا والتي يقف خلفها فريق
اعلامي متخصص ذو خبرة عالية غير موجود عند أغلب الفصائل المقاتلة، وحصلت هذه الإصدارات على متابعة عالية وعدد كبير من المشاهدات والتعليقات، بالرغم من المشاهد الدموية التي تتضمنها.
ويقول أحمد، وهو ناشط من ريف دمشق، في حديث خاص لـ"عربي 21"، إن: "إصدارات التنظيم تزداد احترافية في كل مرة، وتبدو عليها لمسة الإخراج المتقن، حيث إن التنظيم يرسل في كل إصدار رسالة إلى العالم، والجميع يعلم أنها لمشاهدين ليسوا من السوريين أو العراقيين فقط، وإنما من جميع أنحاء العالم. والكثير من الشباب المنتسبين للتنظيم انتسبوا إليه تأثرا بهذه الإصدارات".
وبحسب أحمد، فإن إصدار "ولو كره الكافرون" الذي يعرض فيه التنظيم عملية إعدام الضباط الطيارين التابعين للنظام السوري ذبحا؛ تتجسد فيه الكثير من الخبرات الفنية والعمل الإعلامي الممنهج، حيث تبدو عملية الإعدام كأنها قطعة من فيلم هوليودي، حيث يظهر منفذو الإعدام بلباس موحد وحركات موحدة يتوسطهم الملثم الذي يتكلم بلغة أجنبية.
ويرى أحمد أن الهدف من هذا الإخراج المتقن هو أن تصل رسائل التنظيم إلى جميع المتابعين على الرغم من الترهيب الذي ظهر في ذبح الضباط الذين تم إعدادهم للإعدام والتصوير بطريقة ملفتة أيضا، فجميعهم كانوا حليقي الذقون ويرتدون لباسا موحدا.
بدوره، قال الناشط الإعلامي أبو جمال لـ"عربي 21" إن التنظيم "ومنذ إعلانه خلافته إلى الآن ينتهج مسارا إعلاميا رهيبا يرسمه أشخاص لهم خبرات كبيرة وقوية في مجال الإعلام الحربي بشكل عام والجهادي بشكل خاص. وأضاف: "بتقديري من يضع السياسية الإعلامية لدى
داعش هم أنفسهم الشرعيون القدامى لتنظيم القاعدة (تنظيم القاعدة بالعراق) إبان الغزو الأمريكي للعراق".
ويفسر أبو جمال التطور الذي وصل إليه التنظيم على الصعيد الإعلامي، قائلا: "الخبرات المتقنة أثبتت نجاحها في وصولها لعقل المشاهد وزرع الأفكار داخله وتنفيذ ما يسمى بغسيل الدماغ، حتى وصل بهم الحال لمراحل متقدمة من العمل".
ويوضح أن الإعلام الجهادي عند تنظيم "الدولة الإسلامية" تطور في الفترة الأخيرة بشكل كبير، على عكس الإعلام الذي كان موجودا منذ إعلان مجلس شورى المجاهدين بالعراق التابع للتنظيم عام 2006، فالتنظيم استفاد من الخبرات الأجنبة من خلال المهاجرين الذين يمتلكون خبرات كبيرة اكتسبوها خلال دراستهم في الجامعات الأوروبية التي تتميز عن مثيلاتها المحلية، واستفاد أيضا من الأسرى الإعلاميين الأجانب الذين اعتقلهم، وكان بينها ظهور لأحدهم (جون كانتلي) في عين العرب (كوباني)، حيث شرح الوضع الميداني للمدينة".
ويتحدث الناشط أبو جمال عن تأثير مثل هذه الإصدارات في عقول مشاهديها، مبينا أن "جميع الإصدارات المرئية تخاطب بشكل مباشر المسلم، وكيف تسلط عليه إما إخوانه أو أعداؤه لتحفز غريزة الانتقام والغيرة على الإسلام، فتبدأ المشاعر بالهيجان، ويبدأ غسيل الدماغ ليصل في النهاية إلى مدافع عن مبادئ التنظيم وعن عمله، حتى وصل الحال بالكثيرين إلى الانتساب له والهجرة لأرض الخلافة (أرض التنظيم الحالية)".
وفي سياق متصل، تحدث أبو جمال عن الدعم المادي والمعنوي الرهيب الذي يقدمه التنظيم في سبيل إيصال رسائله من خلال الإعلام، وهذا غير موجود عند أغلب الفصائل المقاتلة، التي تعتبر الموضوع الإعلامي موضوعا ثانويا ولا تعطيه الأهمية الكافية التي يستحقها".