لم يشفع لعلي الجبوري، وهو جندي سابق في قيادة عمليات نينوى في
الجيش العراق، إعلان توبته أمام تنظيم "
الدولة الإسلامية" بعد سيطرته على مدينة
الموصل، حيث داهمت قوة من التنظيم منزله بحثا عنه لغرض اعتقاله.
ويقول الجبوري في حديث خاص لـ"عربي21" إنه لم يكن موجودا عندما داهم مسلحو التنظيم منزله في منطقة باب جديد وسط الموصل، مشيرا إلى أنهم أبلغوا أهله بضرورة تسليم نفسه للتنظيم، إلا أنه لم يعد إلى المنزل وقام بالاتفاق مع سائق أجرة بمبلغ 500 دولار لإيصاله إلى مدينة أربيل في إقليم كردستان من خلال طريق ترابي، متحاشيا نقاط التفتيش التي يقيمها التنظيم بين المدينتين.
ويوضح الجبوري، الذي تحدثنا معه عبر الهاتف من أربيل، أنه كان قد أعلن توبته من العمل في السلك العسكري، وقد عفا عنه التنظيم في وقت سابق، إلا أن مسلحي التنظيم بدأوا هذا الشهر بالبحث عن كل من عمل سابقا في الجيش والشرطة حتى لو كانت لديه ورقة عفو، وذلك لغرض اعتقاله واستجوابه أو دفع ضريبة عن كل رواتبه التي تقاضاها من الحكومة سابقا، حسبما قال.
ويؤكد الجبوري أنه لم يكن يريد الخروج من الموصل، مفضلا العيش بأمان فيها، مضيفا: "لم يعد بيدي حلا سوى الالتحاق بمعسكر تحرير الموصل وقتال التنظيم".
من جانبه، قال سالم السبعاوي، وهو شرطي سابق في حماية المنشآت، إنه قرر الهروب من الموصل بعد ورود أخبار عن اعتقال اثنين من رفاقه الذين كانوا يعملون معه، مؤكدا أنه وصل إلى بغداد بعد أن قضى يومين في الطريق هو وعائلته مرورا بكركوك.
وذكر السبعاوي في حديث لـ"عربي21" أن عددا قليلا من منتسبي الأجهزة الأمنية قرروا البقاء في الموصل ومواجهة مصيرهم بالاعتقال، إلا أن الغالبية هربوا خارج الموصل، لكنه لفت إلى أن هذا لا يعني ذهابهم إلى المعسكر الذي أنشأه محافظ نينوى اثيل النجيفي لقتال التنظيم.
ومن الجدير بالذكر أن عشرات من نقاط التفتيش ينشرها تنظيم "الدولة الإسلامية" على الطرق الخارجية في المناطق الخاضعة لسيطرته، وفي كل نقطة تفتيش هناك حاسوب فيه بيانات عن المطلوبين وعن المنتسبين السابقين للجيش والشرطة.
من جانبه، قال حسن النجار، وهو منتسب سابق في شرطة نينوى، إنه أعلن توبته في بداية دخول التنظيم إلى المدينة، لكن توبته لم تشفع له. فقد تم اعتقاله من بيته واقتياده إلى إحدى مراكز الاعتقال التابعة للتنظيم. وأضاف: "قامت عائلتي بالتوسط عند قيادات من التنظيم في الموصل، وبعد مفاوضات معهم قرر التنظيم إطلاق سراحي مقابل إعطائهم مبلغا من المال، بالإضافة إلى وجود شخصين يكفلانني بعدم القتال ضد التنظيم"، وأوضح أن التنظيم أخذ منه مبلغا قدره عشرة ملايين دينار عراقي (قرابة 8000 آلاف دولار).
ويشير مراقبون للوضع في الموصل إلى أن خطوة التنظيم باعتقال المنتسبين السابقين للجيش والشرطة بعد العفو عنهم وتشديد المراقبة عليهم، جاءت بعد ازدياد حالات الاغتيال الفردية ضد عناصر التنظيم في عموم ما يسمى بـ"ولاية نينوى" الخاضعة لسيطرة التنظيم، مؤكدين أن التنظيم يعتقد أن بعضا من أفراد
الشرطة الحكومية السابقة يقومون بتلك العمليات، بالإضافة الى إعطاء معلومات استخباراتية للحكومة المركزية في بغداد والحكومة المحلية التي يتزعمها أثيل النجيفي، وأن تلك المعلومات الاستخباراتية ظهرت آثارها من خلال عمليات القصف الدقيقة التي نفذها التحالف في الموصل، وفق تقديرهم.