أثارت تبرئة الرئيس الأسبق حسني
مبارك ورموز نظامه في قضايا قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير وقضايا الفساد المالي وبيع الغاز لإسرائيل تساؤلات حول عدالة
القضاء المصري، ومدى ثقة المصريين بأحكامه.
ووصف مركز هشام مبارك للقانون أحكام
البراءة بـ"الضربة القاصمة للعدالة الجنائية في مصر".
وقال مدير المركز مصطفى الحسن لـ"عربي21" إن القضاء المصري "غير مستقل، ولا يتسم بالإنصاف"، مؤكداً أنه "لا بد من عدالة انتقالية تنصف ضحايا ثورة يناير، وتقتص لهم بإدانة القتلة والظلمة".
وأشار إلى أن عدة دول في العالم شهدت جرائم ضد الإنسانية حوكم أصحابها وطُبقت عليهم العدالة، مضيفاً أن الشعب المصري "لن يستكين ولن يهدأ حتى يستعيد حقوق الشهداء" على حد قوله.
واتهم النيابة العامة والأجهزة الأمنية اللتين قدمتا المعلومات التي تتعلق بقضية مبارك؛ بأنهما "كانتا تدينان بالولاء له".
وطالب بـ"تطهير الأجهزة الأمنية من أزلام مبارك واستقلالية القضاء المصري، وعدم تبعيته لوزارة العدالة".
تداعيات كارثية
وقال الحسن: "تداعيات تبرئة مبارك وأزلامه ستكون كارثية على المجتمع الذي سيفقد ثقته في العدالة، ما سيضطره إلى التفكير بجدية في أخذ حقه بيده، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة وتيرة العنف، وتفشي الجرائم الجنائية".
من جانبه استهجن مدير الوحدة القانونية في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، علي عاطف تبرئة مبارك ورموز نظامه بالإضافة إلى الإجراءات التي تمت منذ بداية المحاكمة إلى نهايتها.
وقال عاطف لـ"عربي21": "لطالما قدمنا تقارير ننتقد فيها أداء النيابة العامة في جمع وتقديم الأدلة، ولكن للأسف لم يأخذ أحدٌ بها".
وحذر من تداعيات تلك الأحكام التي قال إنها "ستخلق فئة من المنتقمين، وتزيد العداوات بين المواطنين وأجهزة الأمن، وتعمّق الخوف لدى المجتمع الذي سيولد الكراهية والكبت ثم العنف".
واستنكر ما وصفه بـ"الأسلوب القمعي" الذي تعاملت به قوات الأمن مع المحتجين الذين حاولوا دخول ميدان التحرير بالقاهرة احتجاجا على أحكام البراءة".
وحمّل عاطف المجلس العسكري والأنظمة المتتابعة مسؤولية عدم تقديم الأدلة والقرائن التي تدين المتهمين، وقال إنه: "كان على النيابة العامة أن تحيل المسؤولين الذين لم يتعاونوا معها في جمع الأدلة ضد مبارك ورموز نظامه إلى المحاكمة".
ألغاز تتكشف
واتهم عاطف الأجهزة الأمنية باستخدام سياسة الكيل بمكيالين، متسائلاً: "لماذا لم تتعاون الأجهزة الأمنية مع النيابة في جمع وتقديم أدلة الإدانة في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بينما تعاونت معها حالياً ضد الإخوان المسلمين في تقديم إدانات مزعومة للجماعة؟".
بدوره؛ أشار رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، المحامي محمد زارع، إلى "وجود ألغاز حول قضية مبارك تتكشف يوماً بعد يوم".
وقال زارع لـ"عربي21" إن حفظ النيابة للتحقيقات ضد مبارك منذ مارس 2011 "يؤكد عدم وجود إرادة سياسية لإدانة مبارك، حيث تمت محاكمته خلال تلك الفترة بتهم هامشية لا تتعلق بجرائمه طوال أكثر من ثلاثة عقود".
ووصف زارع أحكام البراءة بـ"الفجة والتي تكرس سياسة الإفلات من العقاب التي ستقضي على طموح الدولة في النماء والازدهار، وتعمق شعور المواطنين بخيبة الأمل".
خلل تشريعي
أما رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين الفراغ؛ فقد انتقد الجانب التشريعي الذي "يحول دون تقديم الجناة الحقيقيين للعدالة".
وقال الفراغ لـ"عربي 21" إن ما ارتكبه مبارك ونظامه يُعد "جرائم حرب ضد الإنسانية، مشيراً إلى أن نظام القضاء المصري لا يعرف إلا الجرائم الجنائية".
وأضاف: "طرحنا بديلاً لتحقيق العدالة منذ بداية المحاكمة من خلال قانون العدالة الانتقالية الذي يتجاوز القواعد الإجرائية، ولكن للأسف لم تلتفت إليه الأنظمة المتتابعة".
وبحسب رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم؛ فإن شعور المصريين بالصدمة جراء تبرئة مبارك ورموز نظامه "له ما يبرره".
وفي حديثه لـ"عربي21" اقترح إبراهيم لإنهاء هذا الملف "تقديم تعويضات عادلة لأسر الشهداء، أو تكريمهم معنوياً، أو بحث الأمر من خلال نخبة من أصحاب الرأي في الحكومة وقوى المجتمع المدني".
وأقر ما وصفه بـ"غياب العدالة الناجزة"، مطالباً بـ"عدم تحميل المحكمة أكثر مما ينبغي" على حد قوله.